في اتصال عن بعد مع السيد “الراقي عبد الغني” الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. طرحنا عليه سؤالين لاستفساره حول الجدل القائم بين المدارس الخصوصية وأسر المتعلمين؟ وعن رأيه ممن يعتبر بأن هذه الأزمة، هي فرصة لتجديد دماء المدرسة المغربية العمومية والنهوض بها؟ فكان جوابه كالتالي:
1- كيف ترون انتم كفاعل تربوي ونقابي هذا الجدل الدائر بين المدارس الخاصة وأسر التلاميذ؟
لقد أبان أرباب المدارس الخصوصية عن جشع، لا مثيل له خلال هذه الجائحة، ففي الوقت الذي هب المغاربة لابتداع أشكال جديدة من التضامن والتآزر لمواجهة تداعيات الأزمة، وأحدثت الدولة صندوقا خاصا ساهم فيه العديد من المغاربة أفرادا ومؤسسات، في هذا الوقت بالذات فوجئ الرأي العام الوطني بجمعيات أرباب التعليم الخصوصي تراسل رئيس الحكومة لتطلب الاستفادة من أموال هذا الصندوق، مباشرة بعد الإعلان إحداثه، بل وصلت الوقاحة إلى حد التصريح ب 48 ألف من مستخدمي هذا المدارس الخصوصية، وكأنهم في وضعية عطالة بسبب الجائحة في شهر مارس 2020، والحال أن المغاربة جميعهم يعرفون أن هذه المؤسسات استخلصت الواجبات من الآباء والأولياء في مطلع شهر مارس 2020، مما أثار استغراب واستهجان وزير الشغل والإدماج المهني بنفسه، وهو يصرح بذلك في قبة البرلمان.
وقد وصل الجشع ببعض هذه المؤسسات بأن طلبت استخلاص حتى مقابل النقل والغذاء(؟؟) وليس فقط واجبات التمدرس، لشهور أبريل، ماي ويونيو. والحال أن تمدرس التلاميذ متوقف، منذ منتصف مارس 2020 ، مما أثار زوبعة من النقاش العمومي، مازال مفتوحا إلى اليوم، حول مدى قانونية مطالبة هذه المقاولات/المدارس الخصوصية للآباء والأولياء بأداء مقابل مادي لخدمة لم تقدم لهم كزبائن. إنه نزاع قانوني حقيقي قد لا يجد حله إلا باجتهاد قضائي في قانون الالتزامات والعقود. وفي انتظار ذلك على الدولة أن تتدخل لكي لا يكون التلميذ في وضعية رهينة لدى مقاولات أرباب التعليم الخصوصي. فقد شاهدنا تهديدا ووعيدا من لدنهم وصل حد البدء في مباشرة مساطر قضائية، تجاه الآباء والأمهات من لدن أعوان قضائيين. والأخطر هو أن تهديد البعض، بنبئ بحرمان التلاميذ من الحصول على وثائقهم المدرسية بما فيها شهادة المغادرة…
2-هناك من يعتبر بأن هذه الأزمة، هي فرصة لتجديد دماء المدرسة المغربية العمومية والنهوض بها؟ مارأيكم؟
أجل، لعل الدرجة العالية من التوتر الحاصل الآن، بين أرباب المؤسسات التعليمية الخصوصية وآباء وأولياء التلاميذ، والذي مازال يتفاعل إلى اليوم، ينبئ بسيناريو لم يكن يتوقعه أحد، قبل مجيئ هذه الجائحة. وقد يكون سيناريو هجرة جماعية مضادة من المدرسة الخصوصية نحو المدرسة العمومية، أحد أكثر هذه السيناريوهات احتمالا، وهو ما قد يربك الدخول المدرسي المقبل، بسبب عدم جاهزية المدرسة العمومية على استيعاب هذا التوافد/التدفق المكثف المحتمل، وهي التي تعيش أصلا على إيقاع الخصاص في الموارد البشرية وفي الحجرات والاكتضاض، الذي يتجاوز بكثير المعدلات المعتمدة دوليا.
نعم، إنها فرصة لتستفيد الدولة من هذا الدرس البليغ الذي قدمته لنا جائحة كورونا، حيث تأكد الجميع أننا لا يمكن أن نراهن على المستشفى الخصوصي ولا على المدرسة الخصوصية، فقد لاذا بالفرار عند أول اختبار حقيقي، ولم يجد المغاربة من ملاذ غير المرفق العمومي (المستشفى العمومي، والمدرسة العمومية… ).
لقد تأكد الناس من الحاجة إلى دولة قريبة منهم، راعية لهم، دولة الرعاية الاجتماعية. وفهم الجميع معنى وخطورة المقولة الليبيرالية “آن الأوان للدولة أن ترفع يدها عن الصحة والتعليم” التي نادى بها، غير المأسوف على اختفائه رئيس الحكومة السابق، والتي كان قد صرح بها داخل البرلمان المغربي. إنها فرصة للمجتمع المغربي أن يضغط بقوة من أجل الحد من التشجيع الذي تحضى به المدرسة الخصوصية، والقطع مع سياسة رفع اليد على التعليم العمومي، بل وتوجيه كل الاهتمام والتشجيع للمدرسة العمومية، والارتقاء بها. وأحد مداخل ذلك، اليوم قبل الغد، هو التعديل المرتقب لقانون المالية 2020. ولعل الجميع يتذكر معنا، لما صوت جميع أعضاء مجلس النواب، ضد الرفع من ميزانيتي التعليم والصحة، باستثناء نائبين اثنين هما نائبا فيدرالية اليسار الديمقراطي، باقتراح منهما. فهل سيتكرر هذا الحدث؟ كما أنها مناسبة للجنة النموذج التنموي لكي تعيد تصوراتها في أفق نموذج تنموي محوره الإنسان.
*الراقي عبد الغني الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.
هلابريس / خاص