باعتباره ثروة حقيقية للمملكة، وضع الرأسمال البشري في قلب المبادرات السياسية والإصلاحات الاقتصادية والمؤسساتية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، والرامية بالأساس إلى المحافظة على هذه الثروة غير المادية والنهوض بها.
ويتجسد ذلك في تدبير المغرب بذكاء، تحت القيادة المستنيرة لصاحب الجلالة، للأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ما جعل المغرب يحظى بإشادة أعضاء من المجتمع الدولي، الذين نوهوا بالقرارات الحكيمة لصاحب الجلالة، التي أعطت الأفضلية للمحافظة على الرأسمال البشري، وحماية صحة المواطنين على أي اعتبارات أخرى.
وعلى عكس عدد من الدول التي أخرت- لاعتبارات اقتصادية ومالية- إغلاق حدودها البرية والجوية للحد من تفشي الوباء، كان المغرب وبفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، من ضمن أوائل الدول التي أدركت جسامة الوضع وقررت، بناء على ذلك، إغلاق حدودها وتعبئة جميع مكونات المجتمع لمنع الفيروس من إحداث خسائر كبيرة، والتصدي لتداعياته الصحية والاقتصادية والاجتماعية.
وتتجسد الأهمية التي يوليها صاحب الجلالة للمحافظة على الرأسمال البشري في المبادرات العديدة التي أطلقها جلالته منذ اعتلائه عرش أسلافه الميامين، والتي يشكل تثمين هذا الرأسمال هدفها الأساسي، اعتبارا للمكانة التي يضطلع بها في الدفع بجميع الأوراش والإصلاحات التي تنخرط فيها المملكة.
ويندرج الالتزام الراسخ لجلالة الملك لفائدة تطوير القطاع الصحي ودمقرطة الولوج إلى العلاجات، في نفس هذه الدينامية.
ويعمل صاحب الجلالة على الدوام، على رفع هذا التحدي الأساسي، من خلال أعمال للقرب، وزيارات ميدانية ومبادرات تسعى لضمان ولوج عادل للعلاجات الطبية بالنسبة لكافة المواطنين، لاسيما الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، والمسنين، والنساء والأطفال.
وساهمت جهود جلالته الراسخة في التعزيز المستمر للخريطة الصحية بالمملكة، وتدعيم نظام الحماية الاجتماعية وتوسيع نظام التغطية الصحية، لاسيما مع إطلاق نظام المساعدة الطبية (راميد) لفائدة الأشخاص المعوزين.
وتتعدد نماذج هذه العناية السامية، وآخرها إشراف صاحب الجلالة في 04 مارس الماضي بحي بنسودة بمقاطعة زواغة بفاس، على إطلاق أشغال إنجاز “المركز الطبي للقرب -مؤسسة محمد الخامس للتضامن”. ويترجم هذا المشروع ذو القيمة الاجتماعية القوية الإرادة الراسخة والمستدامة لجلالة الملك من أجل تقريب البنيات الصحية من ساكنة الأحياء ذات الكثافة السكانية الكبيرة، وتسريع التدخلات في الحالات الطبية المستعجلة، وضمان تتبع طبي دوري ومنتظم للأشخاص الذين تستدعي حالتهم الصحية فحوصات متخصصة.
ويشكل إنجاز هذا المركز الطبي للقرب جزءا من برنامج تنفذه مؤسسة محمد الخامس للتضامن، ويقضي بإنجاز 12 مركزا طبيا للقرب من هذا النوع على مستوى المملكة. وينضاف بذلك، إلى المركزين اللذين دشنهما صاحب الجلالة بحي اليوسفية بالرباط، وحي سيدي مومن بالدار البيضاء، والمراكز التي انتهت بها الأشغال بتمارة وبمقاطعة بني مكادة بطنجة، وبالمدينة الجديدة -الرحمة بالدار البيضاء، ومركز حي كريمة بسلا الذي يوجد في طور الإنجاز، فضلا عن المراكز التي توجد قيد البرمجة بكل من حي ليساسفة بالدار البيضاء، وأكادير ومراكش، وفاس وطنجة.
ورش آخر يحظى بنفس الاهتمام من لدن جلالة الملك، نظرا لارتباطه الوثيق بتنمية العنصر البشري، ويتعلق الأمر بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي تم إطلاقها في 18 ماي 2005، والتي تضع مرحلتها الثالثة العنصر البشري في قلب انشغالاتها من خلال تخصيص برنامجين جديدين له ( تحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، والدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة)، يتطرقان للأسباب الأساسية وراء التأخر في التنمية البشرية أثناء مختلف مراحل الحياة.
وجذبت هذه المبادرة الرامية إلى تدارك الخصاص المسجل على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، اهتمام عدد مهم من الدول الإفريقية وحظيت بإشادة على المستوى الدولي، بفضل عبقريتها، وطابعها متعدد الأبعاد والشمولي والنتائج الإيجابية التي استطاعت تسجيلها منذ إطلاقها.
وباعتباره بصمة للقيم الإنسانية وقيم التضامن، تجسد العمل الاجتماعي لصاحب الجلالة في عدد من المبادرات، التي يمثل تثمين الرأسمال البشري والمحافظة عليه هدفها الأسمى، من أجل تحقيق تنمية شاملة ومندمجة ومستدامة.