ما فتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يولي عناية خاصة لقطاع الطاقات المتجددة، ما جعل من المغرب فاعلا أساسيا في الأسواق الناشئة للاقتصاد النظيف، وهو ما مكن المملكة من التوفر على استثمارات ضخمة في هذا المجال، بحيث يفوق عدد محطات الطاقة المتجددة بالمملكة 20 محطة، موزعة بين 8 للطاقة الريحية و11 محطة للطاقة الهيدروليكية ومحطتين للطاقة الشمسية.
ويهدف المغرب إلى رفع حصة هذه الطاقات لأزيد من 52 في المائة من المزيج الكهربائي الوطني في أفق سنة 2030 لتعزيز سيادته الطاقية، حيث كثفت المملكة الاشتغال على هذا الهدف خلال عام 2022، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الرامية لتسريع وتيرة تطوير الطاقات المتجددة، ولا سيما الطاقات الشمسية والريحية.
وشدد جلالة الملك محمد السادس، خلال ترؤسه لجلسة عمل بالقصر الملكي بالرباط، يوم الثلاثاء 22 نونبر 2022، على ضرورة تسريع وتيرة إنجاز المشاريع التي توجد قيد التطوير، واستقطاب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية في قطاع الطاقات المتجددة.
تسريع إنجاز مشروع نور ميدلت
وأمر جلالة الملك، في جلسة العمل التي حضرها وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ووزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي ووزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي، بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع الثلاثة للطاقة الشمسية نور ميدلت.
وفي هذا الإطار، أوضحت الوزيرة بنعلي أنه تم القيام بمجهودات كبيرة لتجاوز مختلف العراقيل التي تسببت في تأخر هذا المشروع، مشيرة إلى تتويج هذه المجهودات بالتوقيع على عقد لشراء الكهرباء بهدف الشروع في إنجاز المحطة في أقرب الآجال.
وخلال حديثها عن تطورات إنجاز مشروع “نور ميدلت” لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، في جلسة الأسئلة الشفوية المنعقدة يوم الاثنين 19 دجنبر بمجلس النواب، أبرزت الوزيرة أنه تمت برمجة إنجاز مشروع “نور ميدلت” للطاقة الشمسية، على مرحلتين، مشيرة إلى أنه يتم حاليا الاشتغال على المرحلة الأولى التي تستهدف إنتاج 800 ميغاوات، باستثمارات تناهز 7,8 مليار درهم.
وأكدت، في السياق ذاته، أن المغرب قلص تبعيته الطاقية للخارج إلى 90,36 في المائة، بعدما كانت تقدر بـ97,50 سنة 2008.
من جهة أخرى، أعطى جلالة الملك تعليماته لبلورة “عرض المغرب” عملي وتحفيزي في أقرب الآجال، يشمل مجموع سلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين الأخضر بالمغرب. ويتعين أن يشمل، إلى جانب الإطار التنظيمي والمؤسساتي، مخططا للبنيات التحتية الضرورية.
ويأتي ذلك بهدف الارتقاء بالمغرب إلى نادي الدول ذات المؤهلات القوية في هذا القطاع المستقبلي، والاستجابة للمشاريع المتعددة التي يحملها المستثمرون والرواد العالميون.
قطب للهيدروجين الأخضر
تم على هامش أشغال الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة بشأن المناخ بشرم الشيخ، (6-18 نونبر 2022) توقيع اتفاقية استراتيجية بين شركتين مغربية وإسرائيلية لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالمملكة.
وذكر بلاغ لشركة “GAIA Energy” المغربية أنه تم التوقيع مع الشركة الإسرائيلية “H2PRO” على اتفاقية لنقل وإدماج وتركيب أجهزة التحليل الكهربائية الأكثر نجاعة في العالم من أجل إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين الأخضر بالمغرب.
وأضاف أن هذه الاتفاقية تعتبر مهمة للتعاون الإقليمي والعلاقات المغربية الإسرائيلية ولتموقع المملكة المغربية كقطب للهيدروجين الأخضر.
كما حظي موضوع تطوير الهيدروجين الأخضر بالمغرب باهتمام دولي واسع خلال هذه السنة، بحيث تتوقع وسائل إعلام إسبانية أن يصبح المغرب من موردي أوروبا بالطاقة، بالنظر لكون القارة الأوروبية تبحث عن “جيران موثوقين”، مشددة على أن “الموقع الجغرافي للمغرب يحسد عليه أي بلد يريد الاعتماد على الطاقات المتجددة، لأنه البوابة الإفريقية لأوروبا ولديه أكثر من 300 يوم من أشعة الشمس في السنة”.
ولفتت إلى أن المغرب “تبنى خارطة طريق لتطوير الهيدروجين الأخضر، وهي تقنية تستهدفها أيضا شركات الطاقة الأوروبية”.
وصنفت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة المغرب ضمن أفضل خمسة بلدان ستصبح منتجا رئيسيا للهيدروجين، مشيرة إلى استثمار ضخم في كلميم على مساحة 170 ألف هكتار، لتوليد حوالي 10 جيجاوات في الساعة.
وخلال السنة ذاتها، تطرق تقرير حديث لبنك الاستثمار الأوروبي والتحالف الدولي للطاقة الشمسية والاتحاد الإفريقي، إلى الإمكانيات التي يتوفر عليها المغرب لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وكيف يمكن للقارتين الإفريقية والأوروبية الاستفادة منها.
وترى مؤسسات دولية ووطنية أن للمغرب فرص هامة من أجل التموقع في السوق العالمي للهيدروجين الأخضر، حيث تتفق التوقعات حول إمكانية استحواذه على حصة من الطلب العالمي على الطاقة تصل إلى 4 في المائة في أفق العشرة أعوام المقبلة.
الرفع من القدرة الإنتاجية في 2023
وتراهن الحكومة على تشغيل مجموعة من المركبات الريحية، خلال سنة 2023، للرفع من القدرة الإنتاجية للمملكة، تماشيا مع طموح المغرب، الذي يسعى ليكون منصة انطلاقة في مجال الطاقات المتجددة في المغرب العربي.
وسيتم، حسب ما جاء في قانون المالية لسنة 2023، إطلاق أشغال إنجاز مشروع المركب الريحي لجبل الحديد بقدرة تبلغ 270 ميغاوات وتسكراد (100 ميغاوات) في إطار البرنامج الريحي المندمج (850 ميغاوات).
كما يرتقب الشروع في العمل على تطوير مشروع توسعة المركب الريحي للكدية البيضاء (200 ميغاوات).
ومن المتوقع أن يتم مع نهاية هذا العام بدء تشغيل مشاريع المركبات الريحية بوجدور (300 ميغاوات) والوليدية 1 و2 وأفتيسات 2 (200 ميغاواط) والمرحلة الأولى بتازة (87 ميغاوات)، بالإضافة إلى مواصلة إنجاز المركبات الريحية أفريك (80 ميغاوات) وأحفير 3 (80 ميغاوات) وغراد جراد (80 ميغاوات) والداخلة (40 ميغاوات) وكاب كانتان (108 ميغاوات).
وتعتبر الحكومة أنه بات من الضروري تعزيز الإنتاج اللامركزي للكهرباء من المصادر المتجددة على مستوى المنازل والصناعات والجماعات والضيعات الفلاحية، فضلا عن تعزيز قدرات التخزين والمخزون الاستراتيجي من المنتجات البترولية على المستوى الوطني.
ويمكن أن يؤدي الاستخدام المكثف للطاقات المتجددة إلى مجموعة من المزايا، بما في ذلك انخفاض معدل التبعية الطاقية، وخفض الفاتورة الطاقية الوطنية وخلق فرص شغل مباشرة وغير مباشرة، وكذا أثرها الهام على الحد من انبعاثات الغازات الدفينة وتحقيق طموح “الحياد الكربوني” على المدى الطويل.