أكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، في بلاغ له اليوم الخميس، أن وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي لم تكن ناتجة عن ظروف إيقافه واقتياده لمركز الشرطة ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة، وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه لنفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها.
وأفاد الوكيل العام للملك أنه على إثر ما تم تداوله ببعض الوسائط الاجتماعية، بخصوص ظروف وفاة المسمى قيد حياته ياسين الشبلي خلال فترة إخضاعه لتدبير الحراسة النظرية بمخفر الشرطة بالمنطقة الإقليمية للأمن بابن جرير، تم فتح بحث بواسطة الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء بناء على تعليمات هذه النيابة العامة وتحت إشرافها.
وأوضح أن نتائج البحث أظهرت أن “المعني بالأمر تم إيقافه بالشارع العام بتاريخ 05 /10 /2022، من أجل السكر العلني واعتراض سبيل المارة وإثارة الضوضاء، وأنه تم الاستماع إلى جميع عناصر الشرطة الذين عملوا على إيقافه وكذا وضعه بالغرفة الأمنية المخصصة للحراسة النظرية، بالإضافة إلى المشرفين على مراقبتها الذين صرحوا بأن الهالك كان في حالة غير طبيعية وأبدى مقاومة أثناء إيقافه واقتياده لمصلحة الشرطة ، حيث عرضهم بداخلها للسب والقذف بعبارات نابية”.
كما عرض أحد عناصر الشرطة، يضيف المصدر ذاته، “للعنف والبصق على وجه عنصر أخر، مما جعلهما يقومان بصفعه، في حين صرح أحد عناصر الشرطة المكلف بمراقبة الغرف الأمنية أنه تدخل لتهدئة المعني بالأمر بضربه أسفل رجله من الخلف بعدما تسبب في إحداث فوضى وضوضاء داخل الغرف الأمنية نتيجة توجيهه عبارات السب للأشخاص الموضوعين تحت الحراسة النظرية”.
وقد “تم الاستماع لستة أشخاص تزامن وجودهم مع تواجد الهالك رهن تدبير الحراسة النظرية “، يشير البلاغ، حيث ” أكد خمسة منهم بأنه كان يتواجد بزنزانة بمفرده وكان في حالة هستيرية ويوجه السب والتهديد لعناصر الشرطة والأشخاص الموقوفين ولم يشاهدوا أيا من عناصر الشرطة يقوم بإيذائه، فيما أكد السادس بأن الهالك كان عدوانيا وشاهد أحد عناصر الشرطة يعرضه للعنف، وهو ما يطابق ما صرح به أحد عناصر الأمن المكلف بمراقبة الموضوعين تحت تدبير الحراسة النظرية “.
وأكد بلاغ الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أنه و”بغاية التأكد من هذه المعطيات، تمت مراجعة تسجيلات كاميرات المراقبة سواء الثابتة أو المتحركة والتي غطت كافة المسار الذي سلكه المعني بالأمر منذ لحظة إيقافه مرورا بمدخل الديمومة ومقرها والممر المؤدي للغرف الأمنية، بالإضافة إلى تسجيلات الكاميرا داخل الغرفة الأمنية التي كان يتواجد بها “.
وتبين من هذه التسجيلات بأن الهالك “كان في حالة هستيرية نتيجة حالة السكر المتقدمة التي كان عليها وأبدى مقاومة عنيفة أثناء إيقافه، كما عرض بمقر الديمومة الضابط المداوم للعنف، وأثناء تواجده بالغرفة الأمنية كان يقوم بالصراخ ويتجول يمينا ويسارا موجها عبارات السب والشتم في حق عناصر الشرطة، وأحيانا يقوم بضرب الحائط والباب الحديدي برجله وصدره، ومع مرور الوقت لم يعد يسيطر على توازنه، حيث كان يترنح ويسقط على الأرضية الصلبة للغرفة مرارا على وجهه وعلى الجزء الخلفي من رأسه، تبع ذلك دخوله في حالة تقيئ شديدة استدعت نقله إلى المستعجلات، غير أنه رفض تلقي الحقنة للحد من القيء التي وصفتها له الطبيبة المداومة بعد كشفها عن حالته رغم كل المحاولات في إقناعه كما جاء في تصريحات الممرضتين وعناصر الشرطة الذين رافقوه للمستعجلات “.
وشدد المصدر ذاته أنه، و”بموازاة مع البحث الجاري في الموضوع، أصدرت هذه النيابة العامة أمرا بإجراء تشريح طبي على جثة الهالك أسندته للجنة طبية ثلاثية وذلك من أجل بيان أسباب الوفاة وبيان طبيعة الجروح والإصابات وعلاقاتها بالوفاة”.
وأفاد البلاغ أن تقرير التشريح الطبي خلص إلى أن “الوفاة تسبب فيها اختناق مرتبط برضوض متعددة تمثلت في صدمة وجهية وكدمات على مستوى الرأس واحتقان دماغي مع صدمة في العمود الفقري العنقي، وهي كلها أعراض ناتجة عن السقوط المتكرر للهالك المترتب عن فقدان التوازن بسبب حالة السكر المتقدمة التي كان عليها “.
وبناء على هذه المعطيات، يضيف البلاغ، يستخلص بأن وفاة الهالك “لم تكن ناتجة عن ظروف إيقافه واقتياده لمركز الشرطة ولا نتيجة الصفعات التي تعرض لها من قبل عناصر الشرطة المذكورين وإنما نتيجة الرضوض التي تعرض لها إثر إيذائه لنفسه وسقوطه المتكرر على الأرضية الصلبة للغرفة الأمنية نتيجة الحالة الهستيرية التي كان عليها”.
وأشار المصدر ذاته إلى أنه، وعلى ضوء ما ذكر، “تم تقديم أربعة عناصر من الشرطة أمام هذه النيابة، حيث تم تقديم ملتمس بإجراء تحقيق في حق أحدهم لكونه يتسم بصفة ضابط شرطة قضائية في إطار قواعد الاختصاص الاستثنائية للاشتباه في ارتكابه العنف أثناء قيامه بوظيفته ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، مع التماس إيداعه السجن”.
وبعد استنطاقه ابتدائيا من قبل السيد قاضي التحقيق، يقول البلاغ، أمر بإيداعه بالسجن على ذمة ملف القضية، فيما أحيل باقي العناصر على السيد وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بابن جرير للاختصاص، والذي قرر بدوره متابعة عنصرين إثنين في حالة اعتقال للاشتباه بارتكابهما العنف أثناء قيامهما بوظيفتهما ضد أحد الأشخاص، والتسبب في القتل غير العمدي الناتج عن عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، فيما قرر متابعة الثالث في حالة سراح من أجل الاشتباه في ارتكابه جنحة التسبب في القتل الغير العمدي نتيجة عدم التبصر وعدم الاحتياط والإهمال، مع إحالة الجميع على المحكمة لمحاكمتهم طبقا للقانون.
وأكد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش أن النيابة العامة ستحرص على التطبيق السليم للقانون في النازلة.