قمة الجزائر.. شعار “التضامن العربي” مجرد كلام للاستهلاك العابر

نشرت جريدة “العرب” اللندنية، اليوم الثلاثاء 25 أكتوبر 2022، مقالا تحت عنوان ” القمة العربية.. مشاركة محدودة تكشف تنازل الجزائر عن دور التقريب”، جاء فيه أن الجزائر تريد لأزمة العلاقات مع المغرب أن تبقى وأن تزداد تعقيدا ما يجعل كل حديث عن “قيم مشتركة” و”تضامن عربي” مجرد كلام للاستهلاك العابر.

مقال الجريدة اللندنية، أشار إلى أن الحضور الخليجي الباهت في القمة العربية المزمع عقدها في الجزائر مطلع الشهر المقبل، ظهر جليا وهو “ما يعني إعلان فشل مبكر، خاصة إذا ترافق مع غياب العاهل المغربي الملك محمد السادس.”

وقالت الجريدة إن القاعدة القائلة إن القمم العربية هي مناسبة لرأب التصدعات في العلاقات العربية، تكاد تكون هي المعيار الأساس لنجاحها.

وفي ما يلي بقية المقال المهم الذي نشرته الجريدة، مع بعض التصرف الذي لا يُخلّ بمضامينه وغاياته:

“ويظهر أن العلاقات بين الجزائر والمغرب هي أكبر الصدوع، وحيث أن الوساطة السعودية بين البلدين قد تم دفنها في الجزائر، فإن القمة سوف تنعقد وهي تحمل مبررات فشلها معها.

وتشير بعض الترجيحات إلى أن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش ووزير الخارجية ناصر بوريطة هما من سيمثلان المغرب في القمة. ما يعني أن قضية العلاقات بين المغرب والجزائر لن تثار، وأن المشاركة المغربية سوف تكون بروتوكولية أكثر منها مشاركة فاعلة، بالنظر إلى الموقف الجزائري المتشدد الذي يرفض استئناف العلاقات الطبيعية بين البلدين، بل ويدفع بها إلى المزيد من التأزم لدوافع انفعالية لا تصمد أمام الدعوات المغربية المتكررة لاستئناف علاقة حسن الجوار.

ويلاحظ المراقبون أن الجزائر حتى وإن كانت قد نجحت في حماية القمة من لغم مشاركة الرئيس السوري بشار الأسد، باقتناع سوريا أو بإقناعها بإرجاء مشاركتها، فإن هناك ألغاما أخرى ما يزال من غير المؤكد أن الجزائر يمكنها تعطيلها.

ويتمثل اللغم الأول في مشاركة رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي المنتهية ولايته كممثل لبلاده، بينما ترى مصر ودول عربية أخرى أن هذا المجلس حتى وإن كان أقل إشكالية من حكومة عبد الحميد الدبيبة، فإنه كان يجب أن يسلم السلطة لرئيس منتخب في ديسمبر الماضي، ما يجعل رئيس البرلمان عقيلة صالح هو الشرعية الأكثر أهلية لتمثيل ليبيا.

ويقول متابعون إن دعوة صالح واجبة، وأن جهدا جزائريا لحل الأزمة في ليبيا، على غرار جهدها للمصالحة الفلسطينية، كان يجب أن يكون من بين أبرز الأولويات، ولو كانت “القضية الليبية” أقل بهرجة من المنافع الدعائية لـ”القضية الفلسطينية”.

ويتمثل اللغم الثاني في أن الدعوة التي وجهت إلى الرئيس العراقي السابق برهم صالح انتقلت تلقائيا إلى الرئيس الجديد عبد اللطيف رشيد، ولكن تذهب الخشية أن يرافقه المكلف برئاسة الحكومة محمد شياع السوداني، ممثل جماعات الإطار التنسيقي الموالية لإيران، ما يجعل مشاركته سابقة لأوانها على الأقل.

ويتعلق اللغم الثالث بالمشاركات الجانبية في القمة، فمن المنتظر أن يشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، والرئيس السنغالي ماكي سال باعتباره رئيس الاتحاد الأفريقي، والرئيس الأذري إلهام علييف بصفته رئيسا لحركة عدم الانحياز، وذلك كضيوف شرف.

ويرى مراقبون أن هناك مخاوف من أن تحشر الجزائر إبراهيم غالي زعيم جبهة بوليساريو بين ضيوف الشرف، في مسعى لتسويقه، كما عملت على حشره في قمة “تيكاد” (منتدى التعاون الاقتصادي الياباني – الأفريقي) التي عقدت في تونس، وذلك على الرغم من أن جماعة بوليساريو لا اقتصاد لها لكي تتعاون به مع أي أحد.

وكان من الملفت في هذا الصدد أن الجزائر لم توجه دعوة لرئيس غينيا بيساو عمر سيسوكو إيمبالو، رغم أنه رئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بسبب موقفه الرافض لمشاركة غالي في قمة تيكاد.

ومن المتوقع أن يحضر القمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني والرئيس التونسي قيس سعيد والرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، ورئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيله، وربما العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ورئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان.

ويركز الجزائريون على “النجاح” الوحيد الذي يجري وهو ما يتعلق بتوقيع الفصائل الفلسطينية لـ”إعلان الجزائر” للمصالحة في ما بينها. والميزة الأهم في هذا الإعلان هو أنه وضع جدولا زمنيا لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية الفلسطينية، وأوكل مهمة المتابعة والتنفيذ للجنة عربية تقودها الجزائر.

ولم يحقق هذا الإعلان مصالحة فعلية بين الفصائل الفلسطينية المتنازعة، لأنه لم يحدد برنامجا وطنيا مشتركا، وقفز من فوق الدعوات إلى وحدة السلطة الفلسطينية لكسر الانقسام بين السلطتين في رام الله وغزة، واقتصر على السعي لفض النزاع من خلال الانتخابات، مع بعض الكلام الذي استهلكته الكثير من المبادرات السابقة. وهو ما قد يعني، في حال جرت الانتخابات فعلا، وفي حال فاز طرف ورفض الآخر النتائج، فإن الانقسام سوف يبقى كما هو، وتعود الدورة كما ظلت تدور على امتداد 15 عاما.

وفي مطلع أكتوبر الجاري أكد رئيس الحكومة الجزائرية أيمن بن عبد الرحمن أن بلاده “هيأت كافة الشروط اللازمة من أجل إنجاح القمة العربية، وإنها تسعى لإعادة بناء العمل العربي المشترك”.

وأضاف رئيس الوزراء الجزائري في عرض قدمه أمام نواب المجلس الشعبي أن القمة “ستكرس، فضلا عن ترسيخ القيم المشتركة والتضامن العربي كما قررها رئيس الجمهورية، الطابع المركزي للقضية الفلسطينية وتحيين مبادرة السلام العربية لسنة 2002”.

ويقول مراقبون إن هذه النيات إيجابية، ولكن مصداقيتها تتعلق بما إذا كانت الجزائر تعتزم الأخذ بما تقترحه على الآخرين، لكي تقترحه على نفسها في العلاقات مع المغرب، حيث يتساءل كثيرون ما هي القيم المشتركة والتضامن العربي إذا بقيت العلاقات بين هذين البلدين الجارين مقطوعة ومتوترة وتتجه نحو زيادة في التصعيد والتهديدات الأمنية؟

ويشير المراقبون إلى أن الجزائر، وهي على مشارف انعقاد قمة لـ”التضامن العربي”، تعاقدت مع إيران لتزويد عناصر جبهة بوليساريو بطائرات مسيرة، ومعدات عسكرية أخرى لمهاجمة المغرب.

.. الإدارة الجزائرية الراهنة لا تريد أن تجعل من رئاسة الجزائر للقمة العربية، وهو عمل يمتد بمفاعليه حتى انعقاد القمة المقبلة، أداة لحل المشكلات المطروحة على جدول أعمالها، ولا أن تنهض هي نفسها بما كان متوقعا منها.

ويرى مراقبون أن السبب الرئيسي في ذلك هو أن الجزائر تريد لأزمة العلاقات مع المغرب أن تبقى وأن تزداد تعقيدا، ما يجعل كل حديث عن “قيم مشتركة” و”تضامن عربي” مجرد كلام للاستهلاك العابر. وما إن تنتهي القمة، فإن الدور الجزائري سوف ينتهي معها، وكأن انعقادها مجرد عبء تنتظر الجزائر التخلص منه.

مقالات ذات الصلة

26 فبراير 2023

تعبئة متواصلة لمراقبة الأسعار وتتبع تموين الأسواق بإقليم ميدلت

26 فبراير 2023

ورزازات.. دعوة إلى السفر في قلب الصحراء

26 فبراير 2023

الاتحاد البرلماني العربي ينتفض بوجه نظيره الأوروبي رافضا نهج الوصاية والاستعلاء اتجاه عدد من الدول العربية

26 فبراير 2023

شركة إسرائيلية متخصصة في تقنية الري بالتنقيط تفتح ثاني مصنع لها بالمغرب