أبرز خبراء مكسيكيون، في نيويورك، أن مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب في 2007، يعد “مبادرة التزام” تراعي مقتضيات الشرعية الدولية، وميثاق الأمم المتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن.
وأمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد خوان غوتيرييز بايلون، أستاذ القانون الدولي في الجامعة الوطنية المستقلة بالمكسيك، أن الحكم الذاتي يعد التعبير الحضاري عن “تقرير المصير”.
وأوضح، في هذا الصدد، أن مخطط الحكم الذاتي يكفل احترام المبدأ المقدس للسيادة الترابية والوحدة الوطنية للدول، مذكرا بأنه تمت، ومنذ سنة 1945، تسوية 70 نزاعا ترابيا من خلال حلول سياسية قائمة على الحكم الذاتي.
وأشار الخبير المكسيكي إلى أنه لا توجد قاعدة في القانون الدولي العام تفرض على الدول بتر أجزاء من أراضيها من أجل إحداث كيان دولي جديد، مبرزا أن المبادرة المغربية للحكم الذاتي توفر إطارا قانونيا ودستوريا تقوم من خلاله الساكنة الصحراوية بالتدبير الديمقراطي لشؤونها المحلية، في مجالات الاقتصاد والميزانية والجبايات والبنيات التحتية والشؤون الاجتماعية والثقافة والبيئة.
ولاحظ أن هذا النطاق الواسع من الصلاحيات يمنح سكان الصحراء المغربية حكما ذاتيا في إدارة شؤونهم، ويحظون في الوقت نفسه بأسس دولة القانون التي تضمن الاستقرار والأمن، مسجلا أن الأقاليم الجنوبية ستتوفر، ومن خلال مخطط الحكم الذاتي، على برلمان يتكون من منتخبين عن مختلف القبائل الصحراوية، بما يضمن التمثيل العادل لكافة مكونات السكان، وحسب خصوصيات المنطقة.
وذكر بايلون بأن هذه المبادرة، التي وصفتها جميع قرارت مجلس الأمن، ومنذ 2007، بما فيها القرار رقم 2602، بالجادة وذات المصداقية، تعد ثمرة مشاورات على المستوى الوطني والإقليمي والدولي.
واعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي تعد الحل الوحيد القادر على ضمان ممارسة حق الساكنة الصحراوية في تقرير المصير، مناشدا المجتمع الدولي مواصلة دعوة أطراف النزاع إلى الانخراط “الجاد وبحسن نية”، في مسلسل الموائد المستديرة، من أجل التوصل إلى حل سياسي قائم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وأشار، من جانب آخر، إلى أن جماعة “البوليساريو” الانفصالية المسلحة ليست سوى تجسيد للمصالح الجيوسياسية.
من جانبه، قال بيدرو دياز دي لا فيغا غارسيا، أستاذ السياسات العمومية في الجامعة الوطنية المستقلة بالمكسيك، إن تسوية النزاع الإقليمي بشأن الصحراء يجب أن تتم بشكل نهائي وعاجل على أساس المقتضيات التي حددتها بوضوح قرارات مجلس الأمن، ومنها القرار رقم 2602.
واعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب منذ 2007، والتي يصفها مجلس الأمن بالجادة وذات المصداقية، تظل الحل الوحيد والأوحد للتسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي، وضمان السلام والاستقرار والتنمية.
وأبرز المتدخل، بالمناسبة، الازدهار الاقتصادي غير المسبوق الذي تشهده الأقاليم الجنوبية، حيث تعيش الساكنة في حرية ورفاه وتنمية، موضحا أن المنطقة تحظى بمؤشرات التنمية البشرية الأعلى ضمن كافة جهات المغرب، وتتجاوز بشكل كبير تلك المسجلة في باقي مناطق منطقة الساحل.
فمعدلات النمو السنوي في الجهتين، يتابع المتحدث، تتجاوز الـ10 في المائة، فيما يفوق نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 41 في المائة مقارنة مع المتوسط السنوي، مضيفا أن المنطقة تستفيد، وفي إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 2015، من استثمارات تتجاوز ثمانية ملايير دولار، وذلك ضمن مشاريع تنموية ضخمة.
وسجل السيد فيغا غارسيا أن ميناء الداخلة الأطلسي، والمنطقة التجارية الكركارات، والطريق السريع تيزنيت-الداخلة الممتد على طول 1055 كلم، تجعل من المنطقة قطبا تجاريا على الصعيد القاري والدولي. وأشار إلى أن المنطقة تعد قطبا للمبادلات التجارية بين إفريقيا وأوروبا وقريبا عبر المحيط الأطلسي.
واعترافا بدور القاطرة التنموية للصحراء المغربية، يضيف المتحدث، تم فتح 29 قنصلية عامة بمدينتي العيون والداخلة، كما استقبلت المنطقة منتديات اقتصادية كبرى بتعاون مع الشركاء التجاريين للمملكة.
وذكر، من جانب آخر، أن سكان المنطقة يشاركون بشكل ديمقراطي، وعبر صناديق الاقتراع، في تخطيط وتنفيذ مشاريع في المنطقة، مذكرا بأن الانتخابات التشريعية الأخيرة في المغرب، بما في ذلك الصحراء، شهدت معدل مشاركة بلغ 66 في المائة في الأقاليم الجنوبية، مكرسا بذلك التشبث الوثيق لساكنة الصحراء بمغربيتها.
وفي الوقت الذي ينعم فيه الأطفال الصحراويون في الأقاليم الجنوبية بحقهم الكامل في التعليم والتنمية المستدامة، فإن أقرانهم في مخيمات تندوف، يتأسف المتحدث، يعانون من انتهاك حقوقهم الأساسية، والمتمثلة في الحق في التغذية والصحة والتعليم وحرية التنقل، مضيفا أن المخيمات “تبدو كسجون مفتوحة حيث يتم قمع أي احتجاج بالعنف والتعذيب من قبل الميليشيا الانفصالية والبلد الحاضن لها”، الجزائر.
كما أنه “يتم غالبا اختلاس المساعدات الإنسانية الموجهة للساكنة الصحراوية المحتجزة في مخيمات تندوف، من قبل الكيان الانفصالي والبلد الحاضن له لأهداف العسكرة”، كما يظهر ذلك تقرير المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال.
وأضاف أن كل هذه المعطيات تستدعي تدخلا فوريا للأمم المتحدة لدفع البلد الحاضن إلى تحمل مسؤوليته الثابتة، لضمان الحقوق الأساسية للساكنة الصحراوية في هذه المخيمات، خاصة من خلال الترخيص للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالقيام بالإحصاء الفوري لهذه الساكنة.