قالت جريدة لــ”العين الإخبارية”، إن الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، حققت نجاحات واختراقات خلال الأعوام الأخيرة، بفضل دبلوماسية رصينة.
وأضافت الجريدة الإماراتية،في مقال نشرته بمناسبة عيد العرش المجيد، أن هذه السياسة الدولية المتزنة كان من البديهي أن تثمر علاقات على نفس المستوى، توّجت مسارا طويلا من العمل الدبلوماسي الرصين.
وفي هذا الإطار، يرى تاج الدين الحسيني، أستاذ القانون الدولي، أن الفترة الأخيرة في الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس، عرفت تطورا على هذا المستوى بشكل ملحوظ.
وقال الحسيني، في حديث مع الصحيفة ذاتها، إن هذا التطور له خلفيات بدأت منذ حوالي 2016، وانتهى المغرب إلى اعتماد مبدأ يتجلى في أن “لا يضع كل بيضه في سلة واحدة، وأن ينوع معاملاته الدولية بشكل كبير”.
وأضاف أن جلالة الملك سبق أن زار الدول الكبرى والمهمة في اتخاذ القرار، كما هو الشأن بالنسبة للصين وروسيا والهند، وعقد مع هذه الدول اتفاقيات ذات طبيعة استراتيجية معمقة في شتى المجالات.
وأشار الخبير إلى أن هذه السياسة ترتكز على التعددية في الحلفاء وترتبط في الآن ذاته بتفادي “الكرسي الفارغ” في السياسة الخارجية للمملكة، حيث عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وأصبح عضوا نشيطا في العديد من مؤسساته.
الخبير لفت أيضا إلى أن سياسة المملكة قادت إلى فتح أكثر من 25 قنصلية في أقاليمها الجنوبية بكل من الداخلة والعيون، ومنها تمثيليات دبلوماسية لدول عربية على رأسها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأفريقية ودول أمريكا الجنوبية.
وفي الإطار نفسه، أبرز الحسيني التطور الحاصل في اتخاذ القرار على المستوى الأممي، حيث “جاء القرار الأخير لمجلس الأمن يصب في مصلحة الموقف المغربي والذي يهدف إلى تحقيق الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية أن هذه الدبلوماسية استطاعت – بعد صراع وتنافر بين المغرب وبعض الشركاء الإقليميين مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا- أن تعيد الكفة إلى توازنها في هذه العلاقات.
وتابع أن ألمانيا أصبحت تعترف بأن الحكم الذاتي طريقة مثلى لتسوية النزاع القائم في الصحراء، كما أن إسبانيا تراجعت بعد قطيعة، وقررت أن الحكم الذاتي هو القرار الأكثر جدية وواقعية ومصداقية.
وبالنسبة للخبير نفسه، تم إنشاء ووضع الحجر الأساس لإنشاء المدينة الصناعية “محمد السادس” والتي تؤطرها التكنولوجيا الصينية، كما أن المغرب في طريقه لأن يكون مصدرا مهما في تصنيع وتوزيع اللقاحات المضادة لـ”كوفيد19″ والعديد من الأمراض الأخرى.
وأكد أن الدبلوماسية المغربية سلكت اتجاها صحيحا، أولا عبر الدبلوماسية التقليدية والموازية والطبية والرياضية والثقافية والدينية، من خلال خطاب الإسلام المستنير القائم على الوسطية والاعتدال.
وأوضح الحسيني أن هذا الاعتدال أدى إلى استقطاب العديد من البلدان الأفريقية والأوروبية على الخصوص في مجال تدريب الأئمة ونشر أسس المذهب المالكي في هذه البلدان، وهو “ما يعتبر انتصارا مهما للدبلوماسية الدينية”.
الخبير في العلاقات الدولية أبرز أيضا أن هذه الدبلوماسية المتنوعة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، أدت إلى إعطاء نموذج دبلوماسي جديد، لتكون المملكة منصة إستراتيجية في شمال أفريقيا.
ورغم أن بعض الدول لم يرق لها الوضع الجديد للمغرب الذي أصبح أول مستثمر في غرب أفريقيا وثاني مستثمر على مستوى القارة السمراء بعد جنوب أفريقيا، يتابع الخبير، لكن إنجازات المملكة تتواصل من خلال تهيئة البنى التحتية، ومنها ميناء طنجة المتوسط وميناء الناظور الذي سيكتمل هو الآخر وأيضا ميناء الداخلة الذي رصدت له ميزانية تفوق مليار دولار وسيكون وسيلة ربط بين شمال أفريقيا وجنوبها.
وبحسب الأكاديمي، فإن المحادثات الخاصة بخط أنوب الغاز نيجيريا-المغرب يدخل في إطار هذه الدبلوماسية المتفتحة، في خضم الأزمة التي تعيشها أوروبا وحاجتها إلى الغاز، “ليكون صلة وصل بين نيجيريا وأوروبا من أجل تزويدها بهذه المادة الحيوية”.
وبالتالي، يشير الحسيني إلى أن أي دبلوماسية تقليدية أو رسمية لا يمكنها أن تحقق النجاح المرجو إلا إذا توافرت إلى جانبها عدة روافع اقتصادية وطبية وثقافية ودينية لاستكمال المجهود الأساسي لأي تقدم.
من جهة أخرى، يرى الحسيني أن المغرب يعتبر أن العديد من مواطنيه اليهود الذين لا يزالون يحملون الجنسية المغربية يوجدون في إسرائيل التي تحتضن أكثر من مليون يهودي مغربي، وهؤلاء لا يزالون يحتفظون بمرجعيتهم المغربية وبعدة أضرحة تهم ديانتهم.
وأضاف أن العديد من المغاربة يوجدون داخل الحكومات الإسرائيلية، وهو ما يجعل المغرب يعتبر هذه المسألة وسيلة ربط مهمة من أجل تحقيق نوع من النمو والرخاء بين الطرفين ليس فقط في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ولكن أيضا الميدان العسكري.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن المغرب يعتبر أن المرحلة تتطلب ترجيح وإقرار التوازن على مستوى القوى في منطقة شمال أفريقيا، خاصة التهديدات التي تواجهها المملكة من مختلف المناطق.
كما أن إعادة فتح معبر بين الأردن وإسرائيل بوساطة ورعاية مغربية أمريكية، يُضيف الحسيني، يشكل نجاحا حقيقيا للدبلوماسية الملكية فيما يتعلق بضبط العلاقات في هذه المنطقة.
ومنذ اليوم الأول الذي قرر فيه المغرب أن يستأنف علاقاته مع إسرائيل، أكد جلالة الملك للرئيس الفلسطيني أن “المملكة لن تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها الأساسية حول اعتبار القضية الفلسطينية مركزية”، مشددا على أن “كل تطور للتسوية يجب أن يكون على وجود دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس، وهو ما يجعل المغرب يهدف للتوصل إلى حل لهذه القضية”.