قام عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، بزيارة عمل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان على رأس وفد أمني يضم مديرين وأطر من المصالح المركزية للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني. والهدف من الزيارة هو تطوير الشراكة الأمنية القائمة بين المصالح الأمنية المغربية والوكالات الفيدرالية الأمريكية المكلفة بالاستخبارات وتطبيق القانون. خلال الزيارة عقد الوفد المغربي جلسات عمل ومباحثات مع كل من أفريل هاينز، مديرة أجهزة الاستخبارات الوطنية، ومع ويليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، وكريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، تناولت مختلف التهديدات الأمنية والمخاطر المستجدة على الصعيدين الإقليمي والدولي. كما تمت مناقشة الآليات والسبل الكفيلة بمواجهة هذه المخاطر من منظور مشترك وجماعي قادر على تحقيق الأمن وإرساء الاستقرار الدوليين، ومختلف التحديات الأمنية والتهديدات التي تطرحها الجماعات الإرهابية وشبكات الإجرام المنظم في العديد من مناطق العالم، بما فيها منطقة الساحل والصحراء والشرق الأوسط وأوروبا. التعاون الأمني بين المغرب والولايات المتحدة في هذا الميدان وصل مستويات عالية، خصوصا وأنهما شريكين في الجهود الدولية لضمان الأمن والاستقرار، وهو اعتراف من الدولة، التي تضم أكبر الأجهزة الاستخباراتية المتنوعة بقدرة المخابرات المغربية على تحييد المخاطر الدولية المرتبطة بالجريمة الإرهابية والجريمة المنظمة والعابرة للحدود والقارات. وليس من السهل أن يتم نسج مثل هذه الشراكة لولا القدرات والخبرات التي تتوفر عليها المخابرات المغربية والتي راكمتها على امتداد سنين وخصوصا العقدين الأخيرين. وكان تقرير صادر عن أحد المجالس المختصة بالأمم المتحدة، صدر السنة الماضية، صنف المخابرات المغربية بالأولى في منطقة « مينا »، أي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك وفق معيار الجهود التي تقوم بها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. التقرير أشار إلى أن المخابرات المغربية تقوم بجهود جبارة في رصد وتتبع تحركات الجماعات المتطرفة بمختلف توجهاتها وأشكالها داخل الأراضي المغربية وخارجها، الشيء الذي مكنها من إجهاض مخاطر الإرهاب والجرائم المهددة للأمن القومي المغربي. وشدد التقرير على أنها تمتاز بقوة البرنامج فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، مرتكزة على مبدأ التعاون مع أجهزة المخابرات الأمريكية والصينية والروسية، وكذلك مع دول الخليج قصد تعزيز مكانتها على الصعيد العالمي، مما مكّنها من تفادي مخاطر الإرهاب بشكل كبير. ويذكر أن التقرير وفي تصنيفه للمخابرات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وضع المغرب في الرتبة الأولى متبوعا بالأردن تم مصر والسعودية بينما صنّف الجزائر في الرتبة الأخيرة بمنطقة مينا. وإذا كان الشيء بالشيء يذكر فإن زيارة حموشي لواشنطن تذكر بالنجاحات الباهرة للديستي ليس داخليا ولكن خارجيا أيضا، إذ كشفت يوم 27 يونيو من السنة الماضية عن مخطط تخريبي قاده جندي أمريكي مرتبط بداعش، حيث تمكنت السلطات الأمريكية من القبض عليه قبل أن يمر إلى تنفيذ مخطط التفجيرات الذي وضعه. وليس المرة الأولى ولا الأخيرة التي تقوم فيها المخابرات المغربية بالكشف عن مخطط من هذا النوع سواء في أوروبا أو آسيا أو إفريقيا، حيث وفّرت الديستي معلومات دقيقة لصالح دول عديدة في إطار التعاون الأمني، وبفضل هذه المعلومات الاستيباقية تم تجنيب كثير من الدول حمامات دم. وشكل التعاون بين المخابرات المغربية ونظيرتها الإسبانية أوج عطائه مع صعود نجم تنظيم داعش الإرهابية، حيث أظهر عناصر المخابرات المغربية قدرة على التصدي لخطر التجنيد، الذي كان يقوم به التنظيم، انطلاقا من مدن الشمال المغربي أو مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين أو فوق الأراضي الإسبانية، حيث أغلب المعلومات في البلدين كانت تصدر عن الديستي، منها ما تم التعامل معه داخليا وأخرى تم توجيهها إلى الأجهزة الإسبانية. وسبق لوزير الداخلية الإسباني أن قام بتوشيح عبد اللطيف حموشي، المدير العام للديستي، سنة 2019 بأرفع وسام إسباني نظير الجهود التي يبذلها في محاربة التطرف والجريمة المنظمة، ونظير المعلومات التي قدمتها الديستي لنظيرتها الإسبانية حيث تم تجنيب هذا البلد الإيبيري مجازر مروعة. وكانت فرنسا قد قامت بتوشيح عبد اللطيف حموشي بوسام الاستحقاق من درجة فارس »كشهادة جديدة على التقدير الذي يحظى به »، حيث سبق أن حظي بوسام مماثل في 2011. وكان وزير الداخلية السابق برنار كازانوف أشد بالمخابرات المغربية في ميدان مكافحة الإرهاب. وقال حين زيارته للمغرب « أريد الإشادة خصوصا بجهود المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني »، والتي « يعد دورها حاسما في تعاوننا في مجال مكافحة الإرهاب ». ولا يمكن حصر جهود المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، ومن آخر الاعترافات بدورها الحاسم في العالم هو قدوم مجموعة من الضباط القطريين قصد تلقي دورة تدريبية على يد ضباط مغاربة في مجال محاربة الجريمة الالكترونية المرتبطة بالجماعات الإرهابية.