قال المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، إن استرجاع مدينة طرفاية إلى حظيرة الوطن، يعد بحق بداية مسار نضال سياسي ودبلوماسي قاده العرش العلوي المنيف والشعب المغربي الأبي من أجل استكمال الوحدة الترابية.
وأضاف الكثيري، في كلمة خلال مهرجان خطابي نظم اليوم الجمعة بطرفاية بمناسبة تخليد الذكرى الـ 64 لاسترجاع هذه المدينة الى الوطن الأم، أن تخليد هذه الذكرى يأتي في أجواء مفعمة بنشوة الانتصارات التي حققتها وتحققها الدبلوماسية المغربية تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة والرشيدة لجلالة الملك محمد السادس، والتي ترددت أصداؤها في أعماق القارة الإفريقية والشرقين الأوسط والأقصى وأمريكا وأوروبا وغيرها من أصقاع المعمور، وتجسدت ردودها بتمثيليات قنصلية بمدينتي الداخلة والعيون المغربيتين.
وبهذه المناسبة، ذكر الكثيري بمحطات مجيدة ومشرقة من نضالات الشعب المغربي بقيادة العرش العلوي المجاهد، في مواجهة الأطماع الاستعمارية الأوروبية التوسعية بالمجال الصحراوي المغربي، وتحديدا منذ منتصف القرن التاسع عشر.
وسجل أن القبائل الصحراوية قاتلت بضراوة ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، العدوان الأجنبي والأطماع الاستعمارية في المنطقة، فالتفت حول المجاهد الشيخ ماء العينين كافة مشايخ الطرق الصوفية بكل من « الترارزة » و »البراكنة » و »تاجنت » و »الحوض »، مبرزا أن المجاهد ماء العينين قدم إلى مدينة فاس عاصمة الملك في سنة 1906 لتجديد بيعة القبائل الصحراوية للسلطان مولاي عبد العزيز وليتسلم منه السلاح والذخيرة والزاد لمواجهة القوات الاستعمارية الفرنسية والإسبانية.
وأضاف أن مسلسل الدعم والمساندة تواصل، في عهد السلطان المولى عبد الحفيظ، بين القبائل الصحراوية والسلطة المركزية، حيث حل بمدينة مراكش وفد من قبائل الصحراء يرأسه الشيخ ماء العينين في سنة 1907، لتجديد البيعة للسلطان والمطالبة بكميات من الأسلحة للدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد.
كما عرفت مدن العيون والسمارة وبوجدور وطرفاية والداخلة وطانطان وسيدي إفني مظاهرات نددت فيها كل قبائل الصحراء بالفعل الإجرامي الذي أقدمت عليه سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية، والمتمثل في نفي جلالة المغفور له محمد الخامس في 20 غشت 1953 وأسرته الملكية الشريفة إلى المنفى السحيق، كما انخرط أبناؤها في العمليات الفدائية، بالرغم مما تعرضوا له من قتل وتنكيل وتهجير، لكنهم ظلوا صامدين وملتفين حول رمز البلاد، مسترخصين الغالي والنفيس في سبيل الحرية والاستقلال.
وأشار إلى أنه، بعد العودة الميمونة لجلالة المغفور له محمد الخامس من المنفى السحيق إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955، وشروعه في خوض معركة استكمال الوحدة الترابية، كانت الاستجابة الفورية لسكان الأقاليم الجنوبية، إذ قدموا إلى الرباط عاصمة الملك لتجديد بيعة الرضا والرضوان وإعلان تجندهم المستمر لاستكمال ملحمة الكفاح وتحقيق الوحدة الترابية، معربين عن تعلقهم بأهداب العرش العلوي المجيد، وانخراطهم بقوة وفاعلية في الألوية الأولى لطلائع جيش التحرير بالجنوب المغربي.
وأكد الكثيري أن أسرة المقاومة وهي تخلد هذه الذكرى، فإنها تتوخى أن يكون هذا الاحتفاء وقفة للتأمل والتدبر وفسحة لتنوير أذهان الناشئة والأجيال الجديدة بما تطفح به من دروس بليغة، وعبر ثمينة تدعو للتحلي بقيم المواطنة الإيجابية وسجايا الوطنية الصادقة، حتى يشب الخلف على هدي السلف، ويضطلع رجال ونساء اليوم والغد بأدوارهم على الوجه المطلوب والمأمول في ملاحم الجهاد الأكبر ومسيرة العهد الجديد التي يحمل مشعلها جلالة الملك محمد السادس، بكل عزم وإيمان وحنكة واقتدار وبعد نظر.
ونوه بالانتصارات الدبلوماسية المغربية التي تحققت بفضل التوجيهات السديدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تكللت بالاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، وبتزايد وتنامي الدعم والتأييد الذي حظيت به المبادرة المغربية والقرار الأمريكي الأخير في أوساط المنتظم الدولي، إن على الصعيد الإقليمي أو القاري أو الدولي، وما أعقبها من فتح قنصليات عامة للعديد من الدول بكل من مدينتي العيون والداخلة.
وتم خلال هذا اللقاء، الذي حضره عامل الإقليم محمد حميم وعدد من المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني، توزيع مجموعة من الإعانات المالية لفائدة قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وذوي حقوقهم وأبنائهم، وذلك حرصا من المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير على مواصلة الجهود والمساعي الحثيثة لتحسين الأوضاع المادية والاجتماعية والمعيشية للمنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير خاصة عائلات قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير في وضعية العوز المادي والعسر الاجتماعي.