مثيرة للانتباه، خلال شهر رمضان، تلك الأشرطة والصور التي تتقاسمها كبرى الصفحات الجزائرية وبعض المؤثرين حول الطوابير الطويلة التي أصبحت ظاهرة يتعايش معها المواطن الجزائري ويتقبلها كأي عبد مع سيده.
والغريب في كل تلك الصور والاشرطة، التي أصبحت تغزو الفضاء الأزرق الجزائري، أن المواطن لم يعد يكتفي بطوابير الحليب والدقيق فقط وإنما انضافت مواد أخرى مثل الغاز الذي تعد الجزائر من المصدرين الأوائل له عالميا. مشاهد صادمة بكل المقاييس توثق للطوابير الممتدة لأزيد من مائة متر، تكتظ بالجزائريين الباحثين عن شحنة بنزين او قنينة زيت او كيس حليب على سبيل المثال وليس الحصر، لأن اللائحة تطول حيث ان جميع المواد الاستهلاكية في الجزائر باتت مفقودة.
ومن جهة أخرى، فإذا فتحت قنوات التلفزيون الجزائري فستصيبك الصدمة من هول الكذب وطبيعة الخطاب المعتمد، إذ لا توجد أي إشارة إلى أزمات الطوابير في إعلام العسكر، وجل الأخبار المتداولة تخص المغرب في محاولة فاشلة للتغطية على الأزمات الداخلية التي تعيشها الجزائر وتشتيت انتباه الشعب الجزائري من خلال رفع فزاعة « البعبع المغربي » .
وفي المقابل، يمعن النظام العسكري بالجزائر في تصعيد قمعه ضد النشطاء والصحافيين المعارضين. ولعل أبرز دليل على ذلك هو توقيف صحيفة « ليبرتي » اليومية، الناطقة بالفرنسية، عن الصدور بسبب التضييق الممارس على الصحافة بالجزائر، حيث شهدت البلاد توقف صحف كثيرة من بينها « لوماتان » و »لاتريبون » و »لاناسيون » على مدى الأعوام العشرين الماضية بسبب تسلط النظام الجزائري وحرمانها من عائدات الإعلانات وانخفاض المبيعات…
وجاء في الصفحة الأولى من الصحيفة الموقوفة، التي تحمل شعار « الحق في المعرفة وواجب الإعلام »، أنه « بعد 30 عاما من الوجود، صحيفة ليبرتي تنطفئ »، وأضافت الجريدة ان قرار الإغلاق اتُّخذ خلال اجتماع استثنائي للمساهمين يوم الأربعاء 13 ابريل 2022.
وتأسفت الصحيفة اليومية في افتتاحيتها بالفرنسية قائلة: « يتم محو ‘ليبرتي’ من الساحة العامة بجرة قلم. إنه لأمر مؤسف لأنه في غضون أيام قليلة فقط سيكون باعة الصحف والقراء والمعلنون، وكذلك مؤسسات الجمهورية محرومين من صحيفة فرضت نفسها مرجعا لكل وجهات النظر »