المغرب وإفريقيا.. ارتباط ديني وعمق روحي مشترك

تتسم العلاقات بين المغرب وإفريقيا بتعدد مجالاتها وانخراطها في آفاق واعدة، لا ينفصل عنها ذلك العمق الروحي المشترك العابر للأجيال.

فإلى جانب الانتماء الجغرافي والمصالح الاقتصادية والسياسية، ترتكز هذه العلاقات المغربية الإفريقية أيضا على ميراث ديني خصب ينهل من القيم الروحية السمحة والإنسانية، والتي تعززت بحيوية الدبلوماسية الروحية، التي اعتمدها المغرب تحت القيادة المتبصرة لأمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وترتبط المملكة المغربية مع جمهورية نيجيريا، على الخصوص، بوشائج وأواصر إنسانية عميقة الجذور، تضطلع في إطارها الطريقة التيجانية بدور هام، من موقعها كواحدة من أعرق وأكبر الطرق الصوفية الموجودة في إفريقيا، ولها الكثير من الأتباع سواء في نيجيريا أو في القارة بشكل عام.

وقد انتشر الإسلام في غرب إفريقيا، وفي نيجيريا انطلاقا من المغرب، حيث أن الكثير من علماء نيجيريا وغرب إفريقيا لهم أسانيد في المغرب، وأخذوا الحديث عن علمائه. كما أن المغرب ونيجيريا يشتركان في العقيدة السنية الأشعرية، التي تنبذ كل أسباب الغلو والتطرف، وتعتمد العمل بقواعد المذهب المالكي السمحة في ما يخص كل أنواع الاندماج الثقافي للعوائد، علاوة على أن البلدين يشتركان في طريق السلوك وهي التربية على الأخلاق والتصوف.

وفي هذا السياق، تندرج الزيارة التي قام بها الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية، سمو الأمير السنوسي السنوسي لاميدو أمينو، الذي أكد لدى وصوله إلى الرباط، إن زيارته تروم توثيق العلاقة وتعزيز التفاهم وتقوية الروابط الروحية بين البلدين، مذكرا بأن الشيخ سيدي أحمد التجاني وطريقته انطلقت من المغرب في عهد السلطان مولاي سليمان العلوي ثم انتشرت في باقي الدول الإفريقية.

كما أكد السيد لاميدو أمينو على أن الإسلام والمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية ومختلف الطرق الصوفية، التي تنهل من القرآن والسنة، انتشرت، بشكل واسع، في غرب إفريقيا بفضل المملكة المغربية. وشدد على وقوف المسلمين في نيجيريا على العموم، وشيوخ الطريقة التيجانية على الخصوص، إلى جانب المغرب، مبرزا أنهم في نيجيريا يثمنون المكانة الروحية لأمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وبهذه المناسبة، قام الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية بزيارة لمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، حيث شدد على أن “العالم الإسلامي في أمس الحاجة إلى مؤسسات مثل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، من أجل حماية أبناء الأمة من الانسياق وراء دعوات فاسدة ومتطرفة، لا تعكس الصورة الحقيقية للإسلام”، داعيا في هذا الصدد إلى فتح فرع للمعهد في جمهورية نيجيريا الاتحادية.

وأكد أن هذه المؤسسة تعتبر “أداة من أدوات المقاربة التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في مجال سياسة حماية الملة والدين، تلك المقاربة المبنية على ضرورة الحفاظ على المرجعية الدينية للمملكة المرتكزة على إمارة المؤمنين والعقيدة الأشعرية والمذهب المالكي والتصوف المستمد من سلوك الإمام الجنيد، وهي ثوابت مشتركة تنتهي أسانيدها إلى المغرب بالنسبة لمجموع أهل بلدان إفريقية الغربية”.

كما قام الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية والوفد المرافق له بزيارة لضريح محمد الخامس، حيث ترحم على روحي جلالة المغفور لهما محمد الخامس والحسن الثاني طيب الله ثراهما.

من جانب آخر، قام سمو الأمير السنوسي السنوسي لاميدو أمينو، بزيارة للأمانة العامة للمجلس العلمي الأعلى، حيث أكد أن شيوخ الطريقة التيجانية بنيجيريا يساهمون في نشر قيم التصوف السني وتعاليم المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية، وهي الثوابت التي تميز التدين المغربي، مضيفا أن العلماء المغاربة ساهموا في إشاعة قيم وفضائل الاسلام السمحة بربوع القارة الافريقية عموما، ونيجيريا على وجه الخصوص.

من جهة أخرى، قام الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية، بزيارة لمؤسسة دار الحديث الحسنية، حيث أشاد بـ “العلاقة الروحية والأخوية” التي تجمع بين المغرب وجمهورية نيجيريا والتي تمتد لأزيد من خمسة قرون، مشددا على تشبث أتباع الطريقة التيجانية في نيجيريا، الذين يزيد عددهم عن 40 مليون مريد، بتقوية هذه العلاقات.

كما حظي الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية، باستقبال من طرف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، حيث شكل هذا اللقاء مناسبة للتأكيد على متانة العلاقات المشتركة بين أهل نيجيريا والمملكة، والتي ما فتئت تتعزز من الناحية الدينية والروحية والثقافية.

وبهذه المناسبة، أبرز سمو الأمير السنوسي السنوسي لاميدو أمينو أن الإسلام والمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية ومختلف الطرق الصوفية التي تنهل من القرآن والسنة، انتشرت، بشكل واسع، في غرب إفريقيا بفضل المملكة المغربية.

كما حضر الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا الاتحادية أشغال المؤتمر الدولي، الذي نظمته مؤسسة دار الحديث الحسنية بشراكة مع معهد الدراسات الابستمولوجية- أوروبا، حول موضوع “المدارس الدينية التقليدية بالمغرب العربي وإكراهات التحول العولمي”. وبمدينة فاس، قام الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا بزيارة لخزانة القرويين، حيث عبر بالمناسبة، عن شكره لجلالة الملك محمد السادس، على إتاحة فرصة القيام بزيارة جامعة القرويين التي طالما شكلت محرابا للعلوم الدينية التي نهل من الطلبة والعلماء في نيجيريا.

ويوم أمس السبت، قام سمو الأمير السنوسي السنوسي لاميدو أمينو ، بزيارة لمؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف، التي يتواجد مقرها بالمحمدية، وكذا لمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي أدى به صلاة العصر.

وقد ق دمت الخليفة العام للطريقة التيجانية بجمهورية نيجيريا شروحات حول هذه المعلمة الدينية والعمرانية الفريدة المشيدة على مساحة تبلغ 9 هكتارات، والتي تتسع لـ 105 آلاف من المصلين ، 80 ألفا منهم بالمساحة الخارجية ، فضلا عن قاعتين إحداهما تستوعب 20 ألفا من الرجال ، وأخرى 5 آلاف من النساء .

وهكذا، فإن هذه الزيارة تصب في آفاق كبرى ترتسم في مسار العلاقات بين دولتين تتقاسمان الانتماء إلى مدار روحي ينشد التسامح والحوار والانفتاح، وتستندان على تكامل في المقدرات والمطامح الاقتصادية.

مقالات ذات الصلة

26 فبراير 2023

تعبئة متواصلة لمراقبة الأسعار وتتبع تموين الأسواق بإقليم ميدلت

26 فبراير 2023

ورزازات.. دعوة إلى السفر في قلب الصحراء

26 فبراير 2023

الاتحاد البرلماني العربي ينتفض بوجه نظيره الأوروبي رافضا نهج الوصاية والاستعلاء اتجاه عدد من الدول العربية

26 فبراير 2023

شركة إسرائيلية متخصصة في تقنية الري بالتنقيط تفتح ثاني مصنع لها بالمغرب