قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة المنعقد يوم 21 أكتوبر 2019 بمراكش، “لقد أكّدنا في مناسبات عديدة، على ضرورة وضع رؤية استراتيجية في مجال تحسين مناخ الأعمال، رؤية قوامها توفير بيئة مناسبة للاستثمار، واعتماد منظومة قانونية حديثة ومتكاملة ومندمجة، تجعل من المقاولة رافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
وانطلاقا من هذا التوجيه الملكي السامي، قررت اللجنة الوطنية المكلفة بمناخ الأعمال، خلال اجتماعها السنوي الأخير، إعداد وتطوير سياسة وطنية مندمجة لتحسين وتجويد مناخ الأعمال، وفق مقاربة تشاركية بين مختلف القطاعات الوزارية والهيئات العمومية المعنية والقطاع الخاص، إلى جانب ثلة من الخبراء الوطنيين والدوليين.
وتميزت كل مراحل إعداد السياسة الوطنية بمقاربة تشاركية بدءا من مرحلة تشخيص أهم معيقات تطوير القطاع الخاص ببلادنا بالاعتماد على نتائج الاستقصاء الوطني الذي شمل مجموع جهات المملكة، وصولا إلى مرحلة تحديد الأوراش الإصلاحية وتحديد أولويات المرحلة الراهنة المرتبطة بتجاوز التداعيات السلبية لجائحة كورونا.
الهدف من هذه السياسة الوطنية يتجلى في بلورة رؤية استراتيجية مندمجة تتوخى توفير الشروط الأساسية والمناسبة للمقاولين والمستثمرين لتمكينهم من المساهمة في إنتاج الثروة ببلادنا.
وفي هذا الصدد، فإن السياسة الوطنية اعتمدت على ثلاثة مرتكزات تهم بالأساس تحسين الظروف المُهيكلة لمناخ الأعمال، وتسهيل الولوج للموارد الضرورية للمقاولات، وأخيرا تعزيز الشفافية والشمولية والتعاون بين القطاعين العام والخاص.
وتعتمد السياسة الوطنية، على آليات للحكامة تضم متدخلين عن القطاعين العام والخاص وخارطة طريق محددة ومنظومة تتبع وتقييم الإنجازات.
ويجب التذكير في هذا المجال، بأهمية أوراش الإصلاح الكبرى التي أطلقتها بلادنا في مجال تحسين مناخ الأعمال، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك، والتي أثرت إيجابا على أداء المقاولات وجاذبية الاستثمار.
وتعتبر السياسة الوطنية لتحسين مناخ الأعمال للفترة 2021-2025، ورشا مهيكلا يهدف إلى توفير الشروط الأساسية والمُناسبة للمقاولة والاستثمار، في مختلف جهات المملكة وتعزيز مكانة المغرب كقطب جاذب للاستثمارات.
وتضم السياسة الوطنية 33 ورشا إصلاحيا ترتبط بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتحسين الإطار القانوني والتنظيمي للأعمال، وكذا تسهيل الولوج للتمويل والبنى التحتية والطلبيات العمومية وتحسين آجال الأداء، إضافة إلى تأهيل الرأسمال البشري وتعزيز آليات مواكبة المقاولات والابتكار وإدماج القطاع غير المهيكل.
وسعيا إلى ضمان الوقع الإيجابي لمختلف هذه الأوراش على تنافسية المقاولات وتعزيز مكانة المغرب كقطب لجذب المزيد من الاستثمارات، تعتمد هذه السياسة آلية للحكامة ومنظومة لتتبع وتقييم مختلف الأوراش.