يثير كل مشروع في الصحراء المغربية الريبة والقلق لدى الجزائر، بالرغم من إدعاءاتها المتكررة، بأن هذه المنطقة لا تهمها وليست طرفا في النزاع المفتعل حولها، ومن بين هذه المشاريع الحديثة التي أثارت قلق الجزائر، والتي تدخل في إطار التنمية الاقتصادية للأقاليم الجنوبية للمملكة، الإعلان عن إنشاء ميناء دولي في الداخلة يحمل إسم “الداخلة الأطلسي”.
وفي هذا السياق نشرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، لسان حال نظام العسكر، تقريرا يُعتبر هو الأكثر قراءة على موقعها الرسمي، تتحدث فيه عما تصفه بـ” النهب والاستغلال غير المشروع ” إلى غير ذلك من الادعاءات التي ملّ منها المنتظم الدولي وسئمها الشعب الجزائري المغلوب على أمره والذي يقف في طوابير طويلة للحصول على أساسيات الحياة، في وقت يواصل فيه كابرانات فرنسا الإسراف في دعم وتمويل مرتزقة البوليساريو من أموال ريع النفط والغاز.
ويتماشى ما نشرته وكالة الأنباء الجزائرية مع رؤية النظام الجزائري الديكتاتوري، الذي يواصل ترديد اسطوانته المشروخة حول الشعب الصحراوي وتحقيق المصير، في وقت يرفض فيه هذا الحق للشعب الجزائري الذي خرج منذ 22 فبراير 2019 للمطالبة برحيل الجنرالات وبناء دولة مدنية ديمقراطية بعيدا عن قرارات وإملاءات المؤسسة العسكرية التي تتحكم في رقاب العباد وخيرات البلاد منذ سرقة ثمار الاستقلال في ستينيات القرن المنصرم.
وبالرغم من أن الحقائق التاريخية تؤكد أن هذا الصحراء المغربية كانت جزءا من المملكة منذ عدة قرون تابعا لأنظمة الحكم في المغرب على غرار عدد من الأقاليم المغربية الأخرى التي تتميز أيضا بخصوصية مختلفة عن الأقاليم الأخرى داخل البلد الواحد، في زمن لم تكن فيه بعد أي دولة اسمها الجزائر.
ويتبين أن هذا المشروع يثير قلق أصحاب القرار في قصر المرادية، لما سيكون له من انعكاس كبير على العلاقات التجارية بين المغرب وبلدان غرب إفريقيا، حيث سيعزز المغرب من خلال هذا الميناء روابطه التجارية مع هذه البلدان عن طريق البر والبحر والجو، وهو ما لا يتوفر لدى الجزائر.
وتجدر الإشارة إلى أن المغرب أعلن عن ميزانية مبدئية لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي الهام في حدود 1,4 مليار دولار أمريكي، وسيتم إنجاز الميناء خلال هذا العقد، على مساحة تتجاوز 1600 هكتار على بعد 40 كيلومترا من شمال مدينة الداخلة.
ويدخل هذا المشروع الهام ضمن المشاريع التي تهدف إلى تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة من الناحية الاقتصادية، وجعل المنطقة بوابة جديدة للاستثمارات والإقلاع الاقتصادي للمملكة المغربية، بما يخدم سكان المنطقة، وهو نفس النهج الذي اتخذه المغرب في عدد من الأقاليم الأخرى.