كشفت صحيفة الشروق، المقربة من المخابرات العسكرية الجزائرية، معلومات حول تحقيقات أمنية تجري بشأن “فضيحة مدوية” لبارون “معروف”، تتمثل في محاولة “تمرير” حاويات محملة بألبسة عسكرية عبر معبر بجنوب “تبسة”.
وبينما يتساءل العديد من المتتبعين عن أسباب نشر هذا الخبر، وخلفياته وما إذا كان الأمر يتعلق بمحاولة لتلفيق تهم أخرى لحركتيْ “رشاد” و”الماك”، اللتان وصفتا من قبل نظام العسكر بالإرهابيتين، وصفت الصحيفة هذه القضية بأنها “هزت الرأي العام في ولاية تبسة وانتشرت في باقي الوطن عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي”.
وفي التفاصيل، أفادت الصحيفة بأن القضية، حسب المعلومات المتوفرة لديها، بدأت “إثر عملية فحص جمركي لأربع حاويات استوردت من الصين مرورا بميناء تونس. وصولا برا إلى المركز الحدودي (بوشبكة) جنوب تبسة. وأثناء الشروع في تفتيش الحاويات التجارية من طرف فرقة الجمارك تم العثور على كمية ضخمة من الألبسة والبدلات العسكرية. المشابهة لبدلات عناصر الجيش الوطني الشعبي، مموهة بألبسة عادية. وهو ما تمنعه وتعاقب عليه وفقا للمواد 21 و22 و325 مكرر من قانون الجمارك”.
وروت الصحيفة في سردها لملابسات هذه القضية أنه “وبعد إتمام الإجراءات الجمركية، تعرض المفتش المكلف بملف جمركة الحاويات، إلى تهديدات وضغوطات لم تكشف المصادر عنها. لدفع ذات المفتش الجمركي إلى تمرير البضاعة وتحرير الحاويات، رغم أن البضاعة خطيرة ومخالفة للقانون وتمس بالأمن الوطني”.
وروت الصحيفة أنه مع تواصل “الضغوطات على المفتش المكلف بجمركة الحاويات، دفعه الأمر للاستنجاد بمفتش رئيسي للعمليات التجارية ورئيس مفتشية الجمارك بتبسة والمدير الجهوي. ومع ذلك، ازدادت حدّة الضغوطات، وانتقلت إلى تلفيق حجج واهية لمسؤولي الجمارك، ليقوم صاحب البضاعة بالاتصال بذات المفتش الجمركي وشتمه. حسب تصريحاته لمسؤوليه، متهما إياه بأنه قام بتحرير 40 حاوية لنفس البضاعة المحظورة من دون القيام بالفحص المادي للبضائع. التي تعود لمستورد آخر تكتمت المصادر عن ذكره”.
ولاحقا مع “تصاعد التوتر ضد المفتش الجمركي، قام المفتش الرئيسي للعمليات التجارية بإخطار رئيس مفتشية الجمارك في تبسة. كما أن هذا الأخير أعلم المدير الجهوي، لتصل القضية إلى المديرية العامة للجمارك”.
وتقول حيثيات هذه القضية إنه بنتيجة “تمسك المفتش المكلف بملف الجمركة بالفحص المادي، تفاجأ بتوقيفه عن العمل من طرف مديرية الموارد البشرية بالمديرية العامة للجمارك. وفق تصريح نسب لذات المفتش، الذي أكد أن توقيفه كان بحجة أنه قام بالاتصال بقائد القطاع العسكري في تبسة لحمايته من الضغوطات. كما قامت مديرية الموارد البشرية بتوقيف مفتش عميد يعمل بمصلحة مكافحة الغش بحجة تورطه بالقضية الغامضة وحيازته على تسجيلات صوتية”.
وجرى بعد ذلك وفقا للمعطيات السابقة تكليف “لجنة مشتركة رفيعة المستوى من أسلاك الدرك والأمن والجيش، والجمارك للتحقيق في ملابسات القضية وفك خيوطها الغامضة. ومعرفة وجهة الألبسة العسكرية، حيث تم سماع عدة إطارات في المديرية الجهوية للجمارك في تبسة، منها رؤساء مفتشيات. إلى جانب 50 شخصا، واختفى صاحب الحاويات الذي يتواصل البحث عنه لإتمام التحقيق والكشف عن وجهة البضاعة الحساسة. المتمثلة في البدلات والملابس العسكرية المخبأة داخل حاويات مموهة بالألبسة العادية”.
ويرى العديد من المتتبعين للشأن الجزائري، أن هذه الفضيحة كما وصفتها وسائل إعلام مقربة من النظام العسكري، تأتي في ظل الحملة القمعية التي تتواصل ضد مناضلي حركة المطالبة باستقلال القبائل، ولا يستبعدون ان تكون محاولة أخرى لتلفيق تهم للحركة التي وصفها كابرانات فرنسا بالإرهابية، والادعاء بانها تستعمل أزياء شبيهة بتلك التي يرتديها بعض الأشخاص للتمويه والتغطية على ممارسات المخابرات العسكرية وأفعالها كما كان يحدث في العشرية السوداء، وإلصاقها بالإرهابيين…