أظهر المغرب، تحت القيادة المستنيرة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرونة اقتصادية قوية في مواجهة وباء (كوفيد-19)، وذلك بفضل الاستراتيجيات القطاعية التي تم تنفيذها والمبادرات المختلفة المتخذة لصالح النسيج الاقتصادي الوطني.
كما أن الرؤية الاستراتيجية التي حددها جلالة الملك مكنت المغرب، بالفعل، من تحقيق نمو اقتصادي مستدام في مختلف قطاعات النشاط، بما فيها قطاع السيارات والطيران والإلكترونيات التي استطاعت الصمود أمام تداعيات الأزمة الصحة، ونجحت في العودة إلى النمو بفضل البرامج والإجراءات الملموسة الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد المغربي.
وهكذا، فإن برنامج “انطلاقة” لدعم وتمويل ريادة الأعمال، الذي تم إطلاقه تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس لتسهيل ولوج المقاولات إلى التمويل، شكل استفادة للعديد من المقاولات بما في ذلك المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في جميع أنحاء المملكة، من حيث التمويل ولكن أيضا في المواكبة في تنفيذ المشاريع في مختلف القطاعات.
ويتعلق الأمر ببرنامج يهدف إلى تقديم جيل جديد من منتجات الضمان والتمويل للمقاولات الصغيرة جدا، وحاملي المشاريع الشباب، من العالم القروي، والقطاع غير المهيكل والشركات المصدرة. والهدف هو إطلاق دينامية جديدة قادرة على تشجيع ريادة الأعمال من أجل تعزيز التكامل الاجتماعي والاقتصادي للشباب، وخاصة في العالم القروي.
وفي نفس الوقت، وللحد من تداعيات الأزمة الصحية، تم إرساء مخطط تحفيز مرادف للتعبئة الشاملة لإنعاش الاقتصاد. وتم، في هذا الصدد، اتخاذ العديد من الالتزامات لإيجاد طريق للنمو والثقة.
وأعطت خارطة الطريق هذه، التي أخذت في الاعتبار الفترة الحرجة التي مر بها الاقتصاد العالمي والوطني في سياق (كوفيد-19)، نفسا جديدا للفاعلين الاقتصاديين.
كما أن الاستراتيجية الفلاحية الجديدة “الجيل الأخضر 2020-2030” عجلت بتغيير استراتيجي في المسار، من شأنه السماح لنحو 400 ألف أسرة بالاندماج في الطبقة الوسطى الفلاحية بحلول عام 2030 وتأكيد مكان حوالي 690 ألف أسرة ضمن هذه الفئة.
وتعد هذه الإستراتيجية الطموحة حاملة لجيل جديد من آليات المواكبة لإضفاء الطابع المهني على الفلاحة، من خلال إصلاح المجلس الفلاحي، وتعميم الخدمات الفلاحية الرقمية وتعزيز الجيل الجديد من مشاريع الفلاحة التضامنية…
وفي هذا الصدد، أكد عبد الغني يومني، الخبير الاقتصادي والمتخصص في السياسات العمومية، أن “المغرب لم يظهر مرونة في مواجهة الأزمة الصحية فحسب، بل أظهر أيضا تقاربا في الاستراتيجيات والظروف الاقتصادية لاسيما أنه حقق تعافيا مهما على مدى الخمسة عشر شهرا الماضية”.
وقال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، “إن المملكة، علاوة على المرونة، اعتمدت استراتيجيات مدروسة جيدا لمواجهة هذا الوضع غير المسبوق”.
وأضاف أن المغرب قدم، وهو في الحجر الصحي، دعوة إلى التضامن الوطني عبر صندوق محمد السادس لإنشاء شبكة أمان اجتماعي، وفتح اقتصاده بشكل تدريجي، كما تمكن من حماية قطاعاته الحيوية، وطور سيادته الغذائية، ثم أعاد خلق نموذج مبتكر بديل للاستيراد من أجل تحقيق إنتاج على المستوى المحلي وبدء التحول التدريجي لنموذجه التنموي”.
ووفقا للخبير الاقتصادي، لا يمكن أن تمر نهضة الاقتصاد إلا عبر التلقيح العام وتحقيق حماية جماعية لإنقاذ المتطلبات الأساسية لعشرين عاما من الإصلاحات والبنية التحتية والتطوع، من أجل بناء اقتصاد ناشئ مزدهر وموجه نحو “المستقبل”.
وبالفعل تمكنت المملكة بفضل تدبير مثالي، في غضون أشهر قليلة فقط، من تلقيح أكثر من 11 مليون مواطن (الجرعة الأولى). وهي نتيجة تثير إعجاب المجتمع الدولي.
وفي إشارة إلى القطاعات المتميزة خلال فترة الأزمة، أكد الخبير الاقتصادي أن من بين القطاعات التي استفادت استفادة كاملة من الأزمة، يبرز قطاع الصناعات الغذائية الذي يضم أكثر من 21 ألف شركة، و161 ألفا و 671 موظفا برقم معاملات يبلغ 161 مليار درهم، أو 24 في المائة من رقم معاملات الصناعة و7.45 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وأشار إلى أن هذا القطاع اضطلع بدور استثنائي في تمكين المغاربة من تقييم سيادتهم الغذائية والتحقق من أنها شبه كاملة وقوية. كما أن (كوفيد-19) شكل فرصة خاصة لصناعة الأدوية وللمختبرات ولمصنعي معدات الرعاية الصحية والقطاع الطبي الخاص.
ونظرا لمرونته القوية في مواجهة الصدمة الوبائية، بالإضافة إلى المزايا التنافسية التي يتمتع بها، وموقعه الجغرافي الاستراتيجي واستقراره السياسي، فإن المغرب يتوفر على أدوات كافية للمضي قدما واغتنام الفرص المتاحة وبالتالي تعزيز موقعه في سلاسل القيمة العالمية.