ما فتئت العلاقات القوية، والعريقة ومتعددة الأوجه التي تربط المغرب بأشقائه في القارة الإفريقية تتعزز على مر السنين وخلال المحن، بفضل الالتزام الراسخ لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يتمحور حول شراكة مربحة للجميع من أجل تنمية شاملة ونمو مشترك.
وبذلك فإن إفريقيا، التي تعد امتدادا طبيعيا واستراتيجيا للمغرب، تشكل توجها أساسيا في السياسة الخارجية للمملكة. وقد تعزز هذا التوجه على نحو أكبر على مدى العشرين عاما الماضية، منذ اعتلاء جلالة الملك عرش أسلافه المنعمين.
ولم تقتصر الرؤية الملكية للتعاون الإفريقي، والتي تتناول قضايا القارة بصراحة وجدية وحرص، على مجرد التشخيص البسيط للمشاكل، وإنما عملت دوما على إيجاد سبل للتفكير وحلول مبتكرة، من خلال جعل المغرب نموذجا في مجال تعزيز التعاون جنوب – جنوب، في هذه الظروف الدقيقة، حيث يكون نموذج المصالح هو المتحكم العلاقات الدولية.
وعلى مدار 20 سنة، كثف جلالة الملك من زياراته إلى مختلف أنحاء القارة وأطلق العديد من المشاريع الواعدة في مختلف القطاعات، وفق دينامية حقيقية للتعاون جنوب – جنوب من خلال جوانب ملموسة على خلاف الشعارات الرنانة والخطب الخادعة التي تظل في معظم الأحيان حبرا على ورق.
تلك الزيارات التي تخللتها مبادرات وإجراءات محددة الأهداف ذات آثار اقتصادية كبيرة، أبرزت المعنى الكامل لالتزام المغرب من أجل التنمية الشاملة والمستدامة في إفريقيا، من أجل التخلص من المشاكل المتعددة التي طالما أنهكت جسد القارة وأخرت انعتاقها المنشود.
وبحسب المحلل السياسي والأكاديمي الإيفواري، إدي غيبييه، فإن المغرب المعتز بهويته الإفريقية يعد قوة إفريقية، تستمد قوتها من العلاقات القوية والعريقة التي تربطها ببلدان القارة”.
وأبرز أن المغرب الذي عرف على الدوام كيف يحافظ ويثري علاقاته العريقة، “جعل دوما توجهه نحو إفريقيا كما يدل على ذلك الاهتمام الذي كان يوليه السلطان محمد الخامس لهذا الأمر”، مشيرا إلى أن “زعيم الاستقلال كان واحدا من المؤسسين الأوائل لمنظمة الوحدة الإفريقية”.
وأضاف أن هذا الإرث سار على نهجه أيضا وعلى نحو كامل جلالة المغفور له الحسن الثاني الذي كان تربطه علاقات متينة بالقارة الإفريقية، والذي كان يحرص على إبراز الشعور بالانتماء الإفريقي.
وعلى الرغم من مغادرة المغرب لمنظمة الوحدة الأفريقية، إلا أنه حافظ على صداقات وفية، وروابط قوية مع نظرائه في القارة، إلى غاية عودته إلى الاتحاد الأفريقي، التي أعادت تنشيط هذه العلاقات وتوجيهها، وفقا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وأضاف الأكاديمي الإيفواري أنه تحت قيادة جلالة الملك، “ترافقت هذه العودة، مع استثمارات كبيرة في عدة قطاعات، وانتشار واسع للشركات المغربية الكبرى العاملة في مختلف القطاعات كالخدمات والبنوك والفوسفاط وغيرها”.
وتنضاف إلى ذلك، الجوانب الثقافية والدينية، التي تظل أساس الدبلوماسية التي ينادي بها المغرب، في ضوء الروابط الروحية التي تقوم عليها علاقاته مع العديد من البلدان الأفريقية.
وفضلا عن علاقات التعاون والشراكة في مختلف المجالات، فإن التضامن، يشكل أيضا جزء هاما من العمل المغربي في إفريقيا.
وتجلى هذا الالتزام في عدة أوقات صعبة، حيث بادرت المملكة إلى تقديم الدعم لدول القارة، كما تدل على ذلك مبادرة جلالة الملك بإرسال مساعدات طبية إلى العديد من الدول الأفريقية الشقيقة، بينما كان فيروس كورونا (كوفيد -19) يحصد الأرواح في أنحاء القارة.
هذه المبادرة النبيلة، التي حظيت بالإشادة في أفريقيا وخارجها، تبرز بشكل واضح مستوى التضامن الفعال لجلالة الملك، تجاه أفريقيا والأفارقة. وقد جسدت هذه الالتفاتة الإفريقية، نموذج التماسك القاري، كما أكد على ذلك العديد من كبار المسؤولين والمفوضين في الاتحاد الأفريقي.
وبفضل هذا الزخم الملكي القوي، تتم الإشادة بمبادرات المملكة في إفريقيا، ومناطق أخرى، كنموذج بارز وواقعي وطموح للتعاون جنوب – جنوب، يضع كهدف أساسي له تنمية القارة ودول المنطقة وازدهار شعوبها.