في افتتاحية قد تكون مزعجة للجزائر، نشرت صحيفة “لوموند” الفرنسية افتتاحية قوية اتجاه النظام الحاكم في الجزائر بعد أن اعتبرت أن عبد المجيد تبون صعد إلى كرسي الرئاسة بـ “انتخابات مُزورة”.
وأكدت الصحيفة الفرنسية أن عبد المجيد تبون كان يشيد في حملته الانتخابية بالحراك الشعبي، ويصفه بـ” الحراك المبارك” لأنه أوقف احتمالية الولاية الخامسة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، غير أنه انقلب على الحراك بعدما صعد إلى كرسي الرئاسة في انتخابات “مزورة”.
واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن عبد المجيد تبون هو “رجل الجيش” الذي يحكم فعليا البلاد، وأشارت في افتتاحيتها أن النظام الجزائري يستعمل القمع الهائل الغير متناسب مع مطالب الحراك الشعبي التي تتسم بالسلمية والتي لا تدعو إلى العنف.
وأشارت “لوموند” أن الشعب الجزائري لا يطالب إلا بدولة مدنية وإسقاط النظام العسكري الذي ظل يحكم البلاد منذ الاستقلال سنة 1962. وأضافت الصحيفة الفرنسية أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مثل من سبقوه، يمارس السلطة تحت قيادة الجيش، ويحاول بكل الوسائل خنق أي تقدم حول الديمقراطية أو الانفتاح في الحريات حتى باتت الدولة مشحونة بالخوف.
واعتبرت الصحيفة أن النظام الجزائري الحاكم، نجح نسبيا في “التخلص” من الحراك في أغلب مناطق البلاد باستثناء منطقة القبايل، حيث التظاهرات مازالت قوية والمطالب ترفع أسبوعيا لتغيير النظام في تحد كبير للسلطة.
وكَكُل جمعة، تطوق السلطات العاصمة الجزائر بآلاف رجال الأمن المدججين بالرصاص المطاطي وبالقنابل المسيلة للدموع – تضيف لوموند – وتمارس عنفا كبيرا في حق المتظاهرين، حيث تم اعتقال أزيد من 2000 شخص خلال الأسبوعين الماضيين، كما أجريت محاكمات صورية وقاسية في حق رموز الحراك المطالبين بنظام مدني وإسقاط الحكم العسكري، حيث تم الحكم على 214 منهم بالسجن النافذ.
وأشارت الصحيفة الفرنسية أن السلطة في الجزائر بدأت في قمع الأحزاب السياسية القليلة التي مازالت تنتقد النظام القائم، مما يهدد التعددية الحزبية التي بدأت في البلاد منذ سنة 1988، مشيرة إلى أن رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة بدأت تستعد للعودة لمراكز القرار من خلال الانتخابات التشريعية القادمة حيث الكثير من الوجوه قدمت ترشحيها كأسماء “مستقلة” مدعومة من النظام الحاكم، وذلك لقتل المرشحين الحزبيين، مع بروز كبير للتيار الإسلامي المقرب من “الإخوان المسلمين” حسب وصف الصحيفة الفرنسية.
وأكدت لوموند أن النظام العسكري في الجزائر يخاطر بخلق تحالف بين الجيش والقوى المحافظة في المجتمع الجزائري، خصوصا مع التيار الإسلامي، وهو ما قد يفضي إلى “مأزق” سياسي قد تجد الجزائر نفسها فيه، وهي السيناريوهات التي لم يحاول عبد المجيد تبون منعها على خلاف خطاباته حول التحرر والديمقراطية والانفتاح، حيث لا يمثل تبون إلا الوجه المدني للنظام العسكري الاستبدادي الحاكم في الجزائر.