وزان: محمد حمضي
تذكير لابد منه ككل سنة كان المجتمع الدولي على موعد جديد مع الأيام العالمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات( من 25 نونبر إلى 10 دجنبر) الذي سبق وأقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة . ولم يكن الهدف من ذلك، غير رفع الوعي حول مدى حجم المعاناة الناتجة عن مختلف أشكال العنف التي تذهب ضحيتها النساء والفتيات، وتسليط كشافات من الضوء على الطبيعة الحقيقية للعنف المتعدد الأشكال و “المطبع” معه بشكل متفاوت بين هذا المجتمع وذاك. الأيام العالمية لهذه السنة التي تزامنت مع فترة الانتشار الواسع لجائحة كوفيد 19 ، فترة أجمعت مختلف التقارير الدولية بأن دائرة العنف ضد النساء والفتيات توسعت ، اختارت لها الأمم المتحدة شعار ” تحويل العالم إلى برتقالي : مولوا ، واستجبوا ، وامنعوا ، واجمعوا “.
المغرب بدوره سجل حضوره في هذه الحملة الدولية ، من خلال حزمة الفعاليات التي تم اطلاقها تحت سقف ” مغاربة متحدين وللعنف ضد النساء رافضين ” . فرصة ثمن فيها كل من يوجد في علاقة تماس بالموضوع ، المكتسبات التي راكمتها بلادنا لصالح النساء والفتيات، وتسجيل حجم الجروح المادية والاقتصادية والنفسية والثقافية الناتجة عن العنف المسلط على المغربيات نساء وفتيات على السواء .
ورش حقوقي سيظل مفتوحا إلى حين فجر تحقيق مطلب المساواة في الحقوق. وزان صفر حضور…..! تأسف العديد من الفعاليات المدنية المستقلة لعدم تسجيل أي حضور مؤسساتي ومدني في هذه المحطة السنوية بوزان ! وشد الاستغراب أكثر غياب الجمعيات النسائية ، والقطاعات النسائية الحزبية ، والمنظمات النقابية ، عن النقاش المجتمعي حول العنف المبني على النوع الاجتماعي ، وعن الانخراط في الورش التوعوي والترافعي بامتياز ، لأن الموقع الطبيعي لهذه الإطارات هو الصفوف الأمامية لمناهضة كل أشكال العنف الذي يمس كرامة النساء والفتيات . غياب يسائل كذلك القطاعات الحكومية المعنية مباشرة بالموضوع ( العدل ، التعاون الوطني ، الصحة ، التعليم ، الثقافة و الشباب والرياضة …. ) ، والجماعات الترابية ، وآليات تفعيل الديمقراطية التشاركية ( هيئات المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع للجماعات) .
فماذا كان سيكلف مختلف هؤلاء المتدخلين لو أن كل واحد جعل اللون البرتقالي باعتباره آلية من آليات التحسيس ، يزين واجهة ادارات ومقرات العمل ؟ ما الذي منع الجمعيات النسائية ، و نساء الأحزاب والنقابات بمختلف جماعات الإقليم الترابية من تنظيم ندوات رقمية أو حضورية ، مع احترام طبعا للبروتوكول الصحي الواقي من وباء كوفيد 19 ، للكشف عن مجالات وحجم العنف الذي يهدد نساء وفتيات دار الضمانة الكبرى ، الذي مما لا شك فيه بأن دائرته توسعت خلال فترة الحجر الصحي ، و العمل على صياغة برنامج للترافع المستقل من أجل المساهمة في رفع منسوب الوعي بالظاهرة المشينة التي تقتل انسانية المرأة والفتاة ؟ أم أن الغياب المسجل في هذه المحطة مخدوم لأنه لا يصب في خنادق أجندات معينة ترتب تفاصيلها في مناطق معتمة ، على حساب معاناة سيدات وزان ؟ لقد كادت خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية لوزان أن تسجل اختراقا للظلام الذي حجب حملة مناهضة العنف ضد النساء والفتيات التي غابت عنها الحركة النسائية بوزان ، بعقدها اجتماعا بالمناسبة ، لكن كم كان سيكون مفيدا لو أن هذا الاجتماع لم يلتئم ….؟ نصيب نساء دار الضمانة من العنف زمن الوباء دار الضمانة الكبرى بجماعاتها الترابية 17 ، لا تشكل فيها ظاهرة العنف ضد النساء والفتيات استثناء بالمغرب ، وبالتالي يمكن اسقاط عليها رزنامة الأرقام الواردة بتقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي وغيره من المؤسسات الدستورية ذات الصلة ، غير أن الطابع القروي للإقليم والأزمة البنيوية التي تلوي عنقه، ومحدودية انفتاح المدينة على العالم الخارجي ، واستمرار الحضور الثقيل للصور النمطية الحاطة من كرامة المرأة ، كلها مؤشرات تدل على تنوع وتعدد أشكال العنف الممارس على النساء والفتيات ، وارتفاع في أرقامه .
أما في ظل السياق الاستثنائي الذي يعيشه إقليم وزان على غرار بقية أقاليم المملكة المغربية بفعل الجائحة ، وما كان لها من تداعيات نفسية و اقتصادية واجتماعية خصوصا على النساء إبان فترة الحجر الصحي الشامل ، زاد في مفاقمة الوضع رغم غياب أرقام رسمية تثبت عدد حالات العنف المرتكبة ، التي أفادنا أكثر من مصدر في احتكاك بالموضوع بأنها ارتفعت بشكل ملحوظ. ويمكن الجزم بأن المقاربة الحمائية رغم أهميتها في محاصرة الظاهرة ، تبقى ذات الأثر المحدود ، لذلك يتم ترجيح كفة التدابير الوقائية الاستباقية نظرا لفاعليتها على المستوى الطويل ، وهذه مع الأسف هي المقاربة التي لم تنتصر لها الإطارات المدنية والنسائية والحزبية والنقابية و المؤسسات المنتخبة بوزان بمناسبة الأيام العالمية لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات الأخيرة .
مصدر نسائي جد مطلع أكد لموقعنا بأنه خلال فترة الحجر الصحي تم الوقوف على العديد من حالات الطرد من بيت الزوجية ، والتعنيف الجسدي والاقتصادي والنفسي ، وأضاف نفس المصدر بأن الأطفال ( ذكورا وإناثا) هم من أدوا فاتورة هذا العنف .
ولمواجهة ذلك أشار نفس المصدر الحقوقي بأن الدولة مطالبة بمصالحة حقوقية وتنموية مع الإقليم ، وإطلاق مبادرات لحماية النساء والفتيات من مخاطر العنف بسبب النوع الاجتماعي ، وانتصار المجالس الجماعية للمقاربة الوقائية بتنزيل حزمة من المبادرات ، نفس الشيء ينصرف على المبادرة الوطنية للتنمية البشرية . أما باقي الإطارات المدنية المعنية بالأمر ، والقطاعات النسائية ، حزبية ونقابية ، فمطالبة بأن تسائل نفسها عن مدى مطابقة فعلها بميثاق تأسيسها !