وزان : محمد حمضي
استهلال حقوقي ” حظر و مكافحة كل أشكال التمييز ، بسبب الجنس ، أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي أو الجهوي أو اللغة أو الاعاقة أو أي وضع شخصي ، مهما كان ( تصدير الدستور ) ” و ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة ، لتيسير استفادة المواطنات والمواطنين ، على قدم المساواة من الحق في :
-العلاج والعناية الصحية
– الحماية الاجتماعية …
– الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة …( الفصل 31) ” و ” تقوم السلطات العمومية بوضع وتفعيل سياسات موجهة إلى الأشخاص والفئات من ذوي الاحتياجات الخاصة ولهذا الغرض ، تسهر على ما يلي :
– معالجة الأوضاع الهشة لفئات من النساء والأمهات، وللأطفال والأشخاص المسنين والوقاية منها
– إعادة تأهيل الأشخاص الذين يعانون من إعاقة جسدية ، أو حسية حركية أو عقلية وإدماجهم في الحياة الاجتماعية والمدنية ، وتيسير تمتعهم بالحقوق والحريات المعترف بها للجميع ( الفصل 35)”.
كانت هذه باقة من أحكام دستور المملكة ، ارتأينا أن نستهل بها مقالنا هذا ، حتى نضع مختلف المتدخلين المُطالبين بالتفاعل بلمسة حقوقية مع وضعية طفلة وزانية تعاني من إعاقة حركية جد متقدمة ، وحتى يكون تدخلهم تؤطره المقاربة الحقوقية كما ينتصر لها دستور 2011 ، واتفاقية حقوق الطفل التي سبق وصادقت عليها بلادنا .
الطفلة في وضعية اعاقة والحق في التعليم الميسر الولوج يوم 2010/6/16 ستخرج الطفلة الجميلة فاطمة الزهراء كويس لهذا العالم الذي لا يرحم . لم تستسلم أسرتها ( عنوانها حي فلسطين جنان الصواف ، رقم 10 ،وزان)للقدر ، رغم هشاشة الوضع الاجتماعي الذي تعاني من اكراهاته .
آمنت الأسرة بأن الإعاقة التي تعاني منها فاطمة الزهراء لا يمكن أن تكون عائقا أمام الوصول لحقها في التعليم . كيف لها أن ترفع الراية البيضاء وهي تتابع يوميا ما تنقله شاشات التلفزيون العمومي، عناية الملك محمد السادس بهذه الفئة من أطفال المغرب ، فاستحق لقب ” الملك الإنساني”.
التحقت فاطمة الزهراء بمدرسة صلاح الدين الأيوبي بحي فلسطين، واصلت مشوارها التعليمي متحدية بإصرار وثبات إعاقة الواقع، أما هي فإنها كباقي الأطفال لم تشعر يوما بأنها مختلفة عن زميلاتها وزملائها… آمنت بأن التنوع البشري حقيقة ماثلة للعيان ، من دون أن تسمع عن هذه الأطروحة …
نهاية الموسم الدراسي الأخير وضعها بين كماشتي الألم والأمل … كلمتين بنفس الحروف ولكن بمعاني متناقضة …. الأمل فتحه في وجهها انتقالها إلى التعليم الاعدادي بعد تفوقها في اجتياز عقبة امتحان نهاية طور التعليم الابتدائي ….
الألم يتجلى في اضطرارها للتسجيل بإعدادية مولاي التهامي التي تبعد عن بيت أسرتها بمسافة تحتاج لقطعها بسلام ،لإمكانيات ليست في متناول الأسرة … ما العمل ؟ هل لازالت تنفع أطروحة “خطوتان للخلف من أجل خطوة للأمام” كما نظر لذلك فلاديمير لينين قبل سقوط سور برلين ؟
بالعودة لأحكام الوثيقة الدستورية و لروحها، فإن كل المتدخلين بإقليم وزان مطالبين “بالليل قبل النهار” بتنزيل الأحكام الدستورية التي تضمن للطفلة فاطمة الزهراء الحق في استكمال تعليمها في ظروف متساوية مع باقي التلميذات والتلاميذ.
إن المَخرج من هذا “المأزق” ليس غير تطويع الوضعية المعاقة، ومد جسر يسمح للطفلة فاطمة الزهراء الوصول الميسر لحقها في التعليم. هذا ما نقترحه، فهل من تفاعل قبل فوات الأوان؟
لا يكفي الوقوف عند تشخيص الوضع، والتشهير بالمتدخلين وتصفية الحسابات معهم … خطاب اليوم يجب أن تؤطره المقاربة التشاركية ، وترجيح كفة الشركاء على كفة الفرقاء … الخلاص نعثر عليها في الحكمة التي تقول” أن تكون جزءا من الحل خيرا من أن تكون جزءا من المشكل”. لذلك فإننا نقترح ما يلي :
– تسجيل الطفلة/التلميذة فاطمة الزهراء بالأولى إعدادي بثانوية مولاي عبد الله الشريف.
– تدخل عامل الإقليم وربطه الاتصال بأسرتها ، ودعوة هذه الأخيرة وضع طلب الحصول على منحة( مجرد وجبة الغداء على الأقل) بالقسم الداخلي بنفس الثانوية ، وهو ما سيسمح لها الاستقرار بالمؤسسة طيلة اليوم بدل الانتقال أربعة مرات بين المنزل الذي يوجد في أعماق حي فلسطين ، والثانوية حيث تدرس .
– توفير كرسي كهربائي متحرك( مجلس جماعة وزان ، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، المديرية الإقليمية للتربية الوطنية ، المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني ، وباقي المتدخلين الذي يوجدون في علاقة تماس بالموضوع ….) وهو ما سيسمح لها بالاستقلالية ، والاعتماد على نفسها .
– ولِم لا احتضانها من طرف مؤسسة للتعليم الخصوصي على أن توفر لها خدمة النقل المدرسي مجانا . مبادرة ستعطي نَفسا لمفهوم المواطنة الحقة للمؤسسة التعليمية الخاصة .
– وبما أن للموضوع زاوية اجتماعية، فإن الباب سيظل مفتوحا في وجه المحسنين لربط الاتصال بوالديها ،دون غيرهما لتقديم الدعم الذي سيوفر لفاطمة الزهراء البيئة الحاضنة لتحقيق طموحها التعليمي الجامح . المصلحة الفضلى للطفل لا يعلا عليه ليستحضر مختلف المتدخلين وهم يهمون لمعالجة الملف الحقوقي بامتياز ، الخاص بالطفلة فاطمة الزهراء، بأن دخولهم على الخط ، مسنود بالدستور ، والخطب الملكية ، والاتفاقية الدولية لحقوق الطفل التي صادقت عليها المملكة المغربية زمان ، وأن المصلحة الفضلى للطفل لا يعلى عليها .
فلتكن المعالجة قبل نهاية الأسبوع القادم ، فتعود البسمة ، فتتصالح محيا فاطمة الزهراء مع الابتسامة الواعدة بمستقبل لا يخلو من المفاجئات الايجابية .