وزان : محمد حمضي
لن نمل من دق أجراس القلق الكبير ووتيرة أعداد المصابين بفيروس كوفيد 19 في صعود …. لن نتعب من الجهر بأسباب توسع رقعة الوباء بدار الضمانة الكبرى مهما كانت مزعجة لهذه الجهة أو تلك …. سنظل نردد مع كل الأصوات الحرة ” اللهم المضايقات بكل أشكالها أرحم لنا من الصمت على ما يهدد الوطن( وزان جزء منه ) الذي يعلو ولا يعلى عليه ” . اللامسوؤلية ، السيبة ، التراخي ، الاستهتار ، قتل التواصل ، تعطيل المقاربة التشاركية ….عناوين لدرس فاشل في مواجهة الوباء اللعين بمدينة، وإقليم يغلب عليه الطابع القروي …. مدينة بنيتها الاستشفائية لا توفر الخدمات الصحية الضرورية حتى في الظروف العادية ، فبالأحرى في زمن الوباء القاتل …. إقليم بلغة المؤشرات كان بالإمكان أن تكون أرقام الإصابات المسجلة به لا تتعدى الصفر إلا بقليل جدا . لأسباب عدة . فالإقليم قروي ، ولا هو بسياحي أو صناعي ، ساكنته تعيش على الكفاف والعفاف . لذلك لو تقيدت الساكنة بالتدابير الوقائية والاجراءات الاحترازية …. ولو انخرطت كل التعبيرات السياسية والمدنية بوعي ومسؤولية في معركة مواجهة الوباء …. ولو لم يكن التراخي المتقطع هو ما يميز سلوك الإدارة الترابية بكل مستوياتها …. ولو لم يكن كل هذا وغيره، لكانت ساكنة دار الضمانة ومعها ساكنة المناطق الشبيهة بربوع الوطن وفرت على بلادنا الكثير من المعاناة التي تعيشها اليوم ، ولكنا ساعدنا الأطقم الطبية و الصحية والسلطات العمومية على التفرغ لمحاصرة الوباء في المدن الكبرى التي لا يمكن لعدوى الوباء أن لا تصيبها ، ما دامت تربتها تشكل مشتلا ينبت فيه الفيروس كالفطريات . هل هناك من وصفة جاهزة لمحاصرة الفيروس بمدينة وزان ، بعد أن حجزت هذه الأخيرة لنفسها مقعدا ثابتا بالنشرة اليومية التي تصدرها كل مساء وزارة الصحة ، وتقدم فيها التفاصيل اليومية للمنحى الجديد للوباء على الصعيد الوطني . منحى تصاعدي في عدد الإصابات والإماتة ، وفي توسع دائرة المناطق التي استقطبتها الجائحة، وأحكم عليها الوباء اللعين قبضته القاتلة ؟ الوصفة غير مكلفة، ثمنها قليل ومنافعها كثيرة. التقيد السليم والواعي بمكوناتها ضمانة أساسية لتجنيب دار الضمانة الكبرى ، ومن خلالها الوطن من الانتكاسة لا قدر الله ، مع ما سيترتب عن ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية وصحية قد تعصف بكل المجهودات الملموسة في العشرين. سنة الأخيرة. هذه حزمة من مكونات وصفة الانتصار على الوباء بوزان :
– الانتصار للمصلحة العليا للوطن على باقي المصالح .
– الوعي بأن التطبيع مع الحياة العادية ، وعودة عجلة الاقتصاد للدوران ، وتحسن الوضع الاجتماعي ولو في حدوده الأدنى ، مدخله هو الاقتناع بأن القضاء على الوباء مسؤولية مشتركة .
– استحضار هشاشة البنية الاستشفائية بالإقليم ، وبالتالي كل تزايد في أعداد المصابين سيقوده إلى الكارثة .
– التقيد الصارم بالتدابير الوقائية والاحترازية التي أطنبت وسائل الإعلام في التذكير بها ، وعدم تسامح الجهات المختصة مع من يستهتر بقانون الطوارئ الصحية .
– التطبيع مع آلية الحجر الصحي الذاتي وعدم مغادرة البيوت إلا للضرورة القصوى .
– وعي المسنات والمسنين بأنهم الفئة الهشة الأكثر عرضة ليفتك بها الفيروس ، وبالتالي وجودها بالفضاءات العامة ، والمقاهي ، خطر محذق بها .
– القطع مع الإجراءات الوقائية التي تترك أثرا سلبيا في محاصرة الوباء ، وتسبب في اهدار المال العام ( استعمال مكبر الصوت والجولان ببعض شوارع المدينة ) . بحيث يمكن الجزم بأن هذا “الاجراء الوقائي” قد استنفذ دوره ، ويخلف استياء عميقا في صفوف الساكنة ، ويمرغ هبة السلطة والأجهزة الأمنية في الوحل .
– نزول عامل الإقليم بمعية نساء ورجال السلطة ، ورئيس المنطقة الإقليمية للأمن الوطني ، وباقي الأجهزة الأمنية ، مرتدين زيهم العسكري ، في جولة أو جولات بشوارع المدينة وأزقتها ، وهي اشارة قوية مفادها أن زمن التراخي وعدم التقيد بالتدابير الاحترازية قد أصبح من الماضي إلى حين رحيل الوباء عن المدينة .
– إعادة النظر في توقيت فتح واغلاق المقاهي ، والمطاعم ، والأسواق ،التي تناسلت في أكثر من حي من أحياء المدينة .
– تطليق الطلاق الثلاث مسرحية ما سمي بالتحسيس التي سبق تجريبها ، والعمل على التعجيل بتجسير العلاقة مع المجتمع المدني النوعي ، المتمتع بالمصداقية ،وذلك بإشراكه في حملة توعوية جديدة ، على أن يشرك قبليا في وضع عناصر برنامج التحسيس وعناوينه.
– تفعيل فروع الأحزاب السياسية لدورها الدستوري الذي يلزمها بتأطير المواطنات والمواطنين ،( التصدي للوباء يدخل في التأطير ) وهو الدور الذي تتوصل فيه من الدولة بدعم من المال العام ،والعمل على تعليق التسابق المحموم لمرشحاتها ومرشحيها المفترضين للاستحقاقات الانتخابية المقبلة . أليست مصلحة الوطن والمدينة لا تعلوها مصلحة، كما يرددون صباح مساء؟
– دعم عضوات وأعضاء مكاتب جمعيات أمهات وآباء التلاميذ لمجهود المديرية الإقليمية للتربية الوطنية ، وذلك بالتنسيق مع رؤساء المؤسسات التعليمية ( حمل الصدريات خلال التواجد بالساحات المدرسية في فترات الاستراحة ، والتواجد بمداخل المؤسسات التعليمية لحماية التباعد الجسدي ….)
– جعل يوم 18 نونبر الذي يصادف تخليد المغاربة لعيد الاستقلال فرصة للتعبير عن الدعم المعنوي لجنود الصفوف الأمامية المواجهة للوباء ، والاعتراف بتضحياتهم ، وذلك بوضع باقات ورود عند مداخل بنايات المؤسسات العمومية التالية : المستشفى الإقليمي ، والمنطقة الإقليمية للأمن الوطني ، وباشوية المدينة ، والوقاية المدنية ، والقوات المساعدة ، عربونا للمحبة والتقدير والاحترام .
هل هذه الوصفة مكلفة إن وضعناها في كفة ، ووضعنا الكوارث – لا قدر الله – التي ستنتج عن الاستهتار والتسيب والتراخي في كفة أخرى ؟ لنتذكر ونحن نخلد ذكرى المسيرة الخضراء بأن السر وراء نجاح هذا الحدث التاريخي لاسترجاع جزء من التراب الوطني ، كان تحت قبضة المستعمر الاسباني، جوهره(النجاح ) انتصار المغاربة للوطنية والمواطنة رغم الاحتباس الحقوقي الذي كان يطبع المرحلة ، وساروا فيها بنظام وانتظام ، سلوك فوت الفرصة على خصوم الوحدة الترابية ، الذي لا يقل عنهم ضراوة وعدوانية ، خصم اليوم اسمه فيروس كوفيد 19.