وزان : محمد حمضي
القانون قبل الخبر لا قيمة لمادة إعلامية غير معززة بأكثر من مرجعية بما فيها القانونية عند تناولها لبعض القضايا التي تزعج حياة ساكنة هذه الجماعة الترابية أو تلك ، كما هو أمر وباء كوفيد 19 الذي واجهته بلادنا بحزم يشهد لها به . أهمية التسلح بالقانون تكمن في تحديد المسؤوليات وتجويد مبدأ الترافع المرتكز في جانب منه على الإعلام بكل أشكاله . محطة الاستعداد لمواجهة مرحلة ما بعد الحجر الصحي بوزان ، سجل مختلف المتتبعين بأنها لم تتسم بالجدية والحزم المطلوبين ، لذلك وجب اثارة انتباه مجلس الجماعة الترابية ولجنة اليقظة الإقليمية لتدارك الوضع قبل فوات الأوان . القانون التنظيمي 14-113 المتعلق بالجماعات خصص جملة من المواد في أكثر من باب تلزم المجلس الجماعي بتقديم خدمات القرب في حزمة من الميادين. وهكذا نقرأ في المادة 83 بالفصل الثاني الخاص بالمرافق والتجهيزات الجماعية بأن المؤسسة المنتخبة موكول لها ” حفظ الصحة ” .
أما بالباب الثاني الذي يحدد صلاحيات رئيس مجلس الجماعة، فقد جاء في مادته 100 بأن رئيس الجماعة مطالب ب ” اتخاذ التدابير اللازمة لتجنب أو مكافحة انتشار الأمراض الوبائية أو الخطيرة، وذلك طبقا للقوانين والأنظمة المعمول بها ” .
وبخصوص المادة 108 من نفس القانون التنظيمي فقد جاء فيها بأنه ” يجوز للرئيس أن يطلب ، عند الاقتضاء من عامل العمالة أو الإقليم أو من يمثله ، العمل على استخدام القوة العمومية طبقا للتشريع المعمول به ، قصد ضمان احترام قراراته ومقررات المجلس# ونختم جولتنا بالقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات بالتوقف عند المادة 110 التي تطوق #عامل العمالة أو الإقليم أو من ينوب عنه بمراقبة احتلال الملك العمومي الجماعي ” . الخبر بدون مساحيق بعد ثلاثة أشهر من الحجر الصحي في مواجهة وباء كوفيد 19 ، لم يعد أمام بلادنا من خيار غير الانتقال لمرحلة ” مناعة القطيع ” ، مع ما يتطلبه هذا الخيار الصعب من تقيد بالاحترازات ، والاحتماء بكل الحواجز التي يشكل حمل الكمامة ، والتباعد الجسدي ، ونظافة اليدين ، وتهوية البيوت ، وعدم لمس الوجه والعينين والأنف أهم مكوناتها . لهذا كانت التعبئة واضحة من أجل الاستعداد لتنزيل هذا الخيار الذي يراهن بالدرجة الأولى على وعي المواطنات والمواطنين، ولكن بتوفير شروط وأجواء احداث رعشة بهذا الوعي. فهل كان مجلس جماعة وزان ، والادارة الترابية بكل مستوياتها في مستوى خيار ” مناعة القطيع ” ؟ تزامن اطلاق مسلسل التخفيف من حالة الطوارئ الصحية ( الخميس 25 يونيه ) مع اليوم الذي ينعقد فيه السوق الأسبوعي بوزان، وهو ما كان يفرض على المجلس الجماعي والسلطة المحلية مصالحة المقاربة التشاركية استعدادا لاستقبال هذا اليوم الاستثنائي بكل المقاييس بوزان .
الواقع كما عاشه محيط السوق البلدي ( المارشي) يؤكد بما لا يدع مجالا للشك بأن مؤسسة المجلس الجماعي والسلطة المحلية سبحا ضد تيار مواجهة خيار ” مناعة القطيع ” ، وهيئا من حيث لا يدريان ، التربة المسمدة للتلاصق الجسدي ، وهو ما يعني بأن الوباء مرحب به رسميا بدار الضمانة ، وأن مدة ضيافته مفتوحة إلى أن يأتي على الأخضر واليابس بالمدينة والإقليم لا قدر الله. هناك من سيحمل المواطنات والمواطنين مسؤولية التزاحم على التبضع من محيط السوق البلدي (المارشي) ، وسيرجع ذلك إلى ضعف منسوب وعيهم/ن ، ولكن من سمح بعرض الخضر والفواكه والأسماك بكل أنواعها وسلع أخرى بهذا الفضاء الضيق حتى تحج له الساكنة بالكثافة المخيفة ؟ والأكثر من هذا ماذا بثت الحكومة المغربية عبر القنوات التلفزية الرسمية التي تدخل كل البيوت ، من برامج لصقل وعي الناس والرفع من منسوبه النقدي والعلمي ، غير توجيه فوهات مدافعها ببرامج ( رشيد شو ، كي كنتي كي وليتي ….) مستهدفة تضبيع المغاربة وتتفيه تفكيرهم/ن وتسطيحه ، وشل خيالهم/ن ؟ لقد انتبه المغاربة إلى مثل هذه الوضعيات فلخصوها بهذه الحكمة التي لا غبار عليها ” لي عندو غير باب واحد الله يسدو عليه ” . في سياق هذه الحكمة العميقة لم يكن أمام السلطة المحلية والمجلس الجماعي ” باب واحد” ، بل أبواب ونوافذ ، أهمها فتح باب الفضاء الرحب للسوق الأسبوعي أمام ساكنة وزان بعيدا عن التأويل الضيق لقرار وزارة الداخلية القاضي بمنع عقد الأسواق الأسبوعية ، والذي كان قرارا شجاعا وحكيما . وزارة الداخلية منعت تنظيم الأسواق الأسبوعية ، أي وضع حد لتنقل سكان القرى بكثرة ، ومنع المظاهر المصاحبة لهذه الأسواق لتجنب المخالطة . لكن القرار لم يمنع مثلا جماعة وزان من الاستغلال الايجابي لفضاء السوق الأسبوعي للمدينة ، وذلك بفتح أروقته خصيصا في وجه ساكنة المدينة التي يزدحم بها الفضاء الضيق المحيط بالسوق البلدي ( المارشي) ؟ بل لماذا لم يتم استغلال “ساحة الوزكاني” الواسعة التي سبق استعمالها بمناسبة عاشوراء ؟ توصيات لابد منها يقول المثل الشعبي ” لي كيحسب بوحدو كيشيط ليه ” . ولكي ” لا يشيط ” للمجلس الجماعي والسلطة المحلية مستقبلا في تعاطيهما مع قضايا شأن عاصمة إقليم دار الضمانة الفتي إداريا، على رئيسي المؤسستين العودة للقانون التنظيمي 14/113 المتعلق بالجماعات ليضبط كل واحد منهما اختصاصاته ، والانتصار لمقاربة التعاون بينهما بما يخدم مصلحة الساكنة، و استحضار المقاربة التشاركية المدونة بالبند العريض في دستور المملكة في كل المحطات ذات الصلة بتدبير شؤون دار الضمانة ، التي من بينها مستجد الجائحة وخصوصا محطته الجديدة الموسومة بالتخفيف من تدابير حالة الطوارئ الصحية ، مع التقيد برزنامة الاحترازات والحواجز الواقية التي من بينها التباعد الجسدي ، وهو التباعد الذي يستدعي توفير فضاءات تجيب فعلا عن هذا الشرط . وفي انتظار أن يجتهدا رئيس مجلس الجماعة وباشا المدينة في كيفية تصريف تدبير التباعد الجسدي يوم الخميس 2 يونيه ، سواء باعتماد المقترح الوارد أعلاه ، أو مقترحات أخرى تداولها نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي ، وجبت الاشارة بأن ساكنة وزان تسجل باعتزاز لنساء ورجال السلطة المحلية وأعوانها، والمجلسين الجماعي والإقليمي وأطرهما الادارية والعاملات والعمال ، والأمن الوطني ، والقوات المساعدة ، حضورهم/ن القوي في مواجهة الوباء منذ اليوم الأول ، وتأمل أن تعالج أخطاء البعض إن كانت قد وقعت بالاحتكام للقانون ، مع الأخد بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي اشتغلوا فيها وهم يواجهون وضعية جديدة فاجأت صناع القرار في العالم والبشرية جمعاء .