إلى السيد الرئيس مجلس الجماعة الترابية وزان
تحية تقدير واحترام وبعد،
مساهمة مني كفاعل حقوقي في تفعيل الديمقراطية التشاركية التي انتصر لها دستور المملكة ، تصديرا ، وأحكاما ، وروحا . ولأن كل تقدم على مسار الديمقراطية التمثيلية التي ترهلت أوصالها رهين بتوسيع المشاركة المواطنة ، وهي المشاركة التي أحاطها المشرع بجملة من الضمانات ، وعددت الترسانة القانونية ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية ، من الآليات التي تجعل من تدبير الشأن العام على كل المستويات هما مشتركا يتقاسمه الفاعل السياسي والفاعل المدني . واقتناعا مني بأن الرسائل المفتوحة الموجهة لرئيس الجماعة في موضوع له صلة مباشرة بتدبير شأن الجماعة الترابية ، تعتبر آلية من الآليات التي تضمن المشاركة المواطنة الفعالة ، فقد ارتأيت أن أتقدم لكم ومن خلالكم لكل عضوات وأعضاء مجلس جماعة وزان بهذا الملتمس المفتوح الذي لن يكون له أي أثر يذكر على ميزانية الجماعة ، ولكنه في المقابل سيجعلكم تصالحون الجيل الحالي والأجيال القادمة مع تضاريس وطنهم ، وستساهمون في جعل تاريخ المغرب الذي صنعته قاماته ذاكرة حية .
السيد الرئيس المحترم ، مما لاشك فيه بأنكم تتقاسمون مع المغاربة دولة وشعبا ما خلفته فاجعة رحيل ” توبقال” من ” توبقالات ” المغرب ، الشامخ المجاهد عبد الرحمان اليوسفي الذي لبى نداء ربه راضيا مرضيا صباح يوم الجمعة 29 ماي الأخير . لن أذكركم بثقل ما أسدته هذه القامة السياسية والحقوقية المنحدرة من عاصمة جهتنا الإدارية ، من عمل تعجز سجلات الكون عن تعدادها . خدم بلاده من موقع المعارضة الذي كلفته غاليا، وخدمها من موقعه الرسمي الذي ساهم من خلاله ، وفي أخطر منعرجات وطنه في تلبية نداء الانقاذ من السكتة القلبية . هذا دون الحديث عن نصرته للقضايا العربية، والقضايا العادلة للشعوب المضطهدة، وقضايا حقوق الإنسان التي قادته حمايتها والنهوض بثقافتها الى حجز موقع بارز بالمنظمات الدولية التي تعنى بها ، وتناضل من أجل ترسيخها . ولأن الفقيد عاش زاهدا وعفيفا، ولم يلهث يوما وراء تصدر المشهد الرسمي ، فقد اختار بعد قيادته لحكومة التناوب أن يطبع العمل السياسي ببلادنا ، بممارسة لا ينتصر لها إلا الكبار وهي اعتزال السياسة . رسالة هذا الموقف الراقي لم ولن يلتقطها إلا من يمارس السياسة بأخلاق. لذلك تساءلت مع نفسي ماذا يمكن أن تقدمه جماعة وزان لهذه القامة الوطنية والدولية الذي كان دائم السؤال عن أحوال أبنائها متى جمعتني به لقاءات عمل ، بعد رحيله مرتاح الضمير، عربونا على المحبة التي عبر عنها سكان دار الضمانة لسي عبد الرحمان ، محبة ترجمها حزن نسائها ورجالها من مختلف الأعمار بعد تلقيهم خبر التحاقه بالرفيق الأعلى صباح يوم الجمعة 29 ماي الأخير؟
وبعد تفكير عميق اهتديت إلى أن أقوى مبادة رمزية يمكن أن يكرم بها الفاعل السياسي بمجلس جماعة وزان ، المجاهد عبد الرحمان اليوسفي الذي يجب أن يظل ذاكرة حية ، ومنارة تسلط كشافات أضوائها على القيم التي تربى عليها الرجل ، وترجمها في أخلاقه ، أمام الأجيال القادمة التي يجب أن تمتح من البقع المشرقة ونقط الضوء التي ميزت مسيرة المغرب المعاصر التي صنعها قادته الكبار نساء ورجالا ، ( اهتديت) إلى تقديم ملتمس إطلاق اسمه على المركز الثقافي الذي هو في طور الانجاز . السيد الرئيس المحترم ، إن حمل المركز الثقافي لاسم المجاهد عبد الرحمان اليوسفي سيجعل الشباب ، وباقي الفعاليات ورائدات ورواد الفضاء الثقافي المذكور الواسع الاستقطاب ، في احتكاك دائم باسم الفقيد ، وهو ما سيقودهم إلى البحث عن ما كتب عن الرجل ، وبعد اطلاعهم/ن عن سيرته الغنية ، فإن ما سيقفون عليه من قيم سامية تشبع بها الفقيد ستحقنهم بحقن منها ، فيتشربونها ، وينجح مجلس جماعة وزان في تمنيع الشباب من كل التيارات الهدامة ، وفي نفس الآن يحافظ على الذاكرة الوطنية حية . السيد الرئيس المحترم ، في انتظار تفاعلكم الايجابي مع هذا الملتمس الذي لا أبحث فيه عن تحقيق مكسب سياسي ، فأنتم أعلم من غيركم بأنني لست من النوع الذي يستثمر انتخابيا مثل هذه المبادرات ، وأنني أوجد على مسافة بعيدة من محطة الترشيح في محطة الاستحقاقات القادمة ، لكنني مهووس بالحضور النوعي في استراتيجية النضال الديمقراطي ، التي لخصها المجاهد عبد الرحمان اليوسفي – الذي أطمح أن يطلق مجلسكم اسمه على المركز الثقافي الذي هو في طريق الانجاز- في تجمع انتخابي ترأسه في ماي 1983 بإحدى مدن شرق المغرب قال فيه ” اذا كانت المعركة بالنسبة لخصوم الديمقراطية ستطوى صفحتها يوم 10 يونيوه( يوم الاقتراع ) فإنها بالنسبة لنا ستبدأ صباح اليوم الموالي ” .
وتقبلوا السيد الرئيس فائق التقدير والاحترام .
محمد حمضي / فاعل حقوقي ، و مواطن من الهيئة الناخبة بوزان