دأبت جمعية الشعلة للتربية والثقافة على تنظيم ملتقاها الثقافي كل سنة بقصد مزيد من الانفتاح على الشباب والإنصات إلى أسئلتهم والتفاعل مع مُقترحاتهم، وأيضا من أجل جعل الشعلة منصة لإطلاق الحوارات الحقيقية المتحررة من كل وصاية أو توجيه. فالجمعية بمبادئها ومرتكزاتها الثقافية والتربية اختارت أن تكون حاضرة في المشهد المغربي عبر التقاط ما يشغل شبابنا في التدين والإبداع والهوية والتنمية، وهي القضايا التي تشكل اليوم تحديا للدولة كما للمجتمع المدني بكل مكوناته.
وإذا كنا في الملتقى الثقافي الخامس قد تفاعلنا مع الشباب في موضوع التدين، فإننا اخترنا في هذا الملتقى مطارحة إشكالية الإبداع والابتكار بما أنهما ممارستان إنسانيتان رفيعتان تمسان روح وعقل الإنسان وتؤثران في حضوره الثقافي والحضاري وبالتبع في علاقاته مع ذاته ومع الآخر.
إن الشباب بطبيعته مبدع ومبتكر، ومن خصاله التطلع إلى التغيير والتجديد. وكل المحاولات التي تحاول حبسه في التقليد تبوء بالفشل. ولما تُحاصر طاقاته، وتُفرض عليه الإقامة في التقليد، سرعان ما ينتفض ويُبادر إلى السؤال لبعث الحياة المتجددة والمتفتحة؛ فهو لا يستسلم للتكرار ويأبى الاستغراق في الماضي، وهذا طبيعي في كل جيل جديد يحمل طموحات ويتطلع إلى المستقبل حالما بتحقيق متمنياته وتطلعاته.
والأمة بشبابها. إذ لا تقدم بدون شباب. وربح الرهانات الكبرى لا يكون إلا بإشراك الشباب. ذلك أن الحاضر يحتاج إلى طاقات في الإبداع والابتكار تكون قادرة على اقتراح الحلول للمشكلات الصعبة واختراع ما يلائمها من آليات تُسعف في تخطي الأوضاع الصعبة. وما حصل في سنوات جائحة كورونا يدل على عبقرية الشباب المغربي، حيث هبّ بكل إمكانياته ليُساهم في تطويق المرض وصُنع ما يستلزمه الأمر من أدوات وآليات للحد من خطورته. وكذلك الأمر في كل مناحي الحياة.
إن الشعلة وهي تفكر في هذا الموضوع فلأنها تودُّ المساهمة في التنبيه إلى ضرورة العناية بالشباب وتسخير ما يلزم من الإمكانيات لدعمهم وتكوينهم حتى يكون لحضورهم المعنى الذي يستحقه، ولأنها تُدرك أن الاستثمار الحقيقي يجب أن يكون في الإنسان. والشباب المغربي قد أبان في غير ما مناسبة عن استعداده للانخراط في برامج التنمية والدفاع عن الوحدة الوطنية، ومَثّل المغرب في العديد من التظاهرات العربية والعالمية خير تمثيل في الرياضة والفن والأدب والعلوم وبراءة الاختراع وغيرها من مجالات الحياة حتى أضحى اليوم مضْرب الأمثال بالنسبة للشعوب العربية والإفريقية المتطلعة إلى الاقتداء بالتجربة المغربية.
كل هذه المكتسبات جاءت لتضافر جهود كل الفرقاء المعنيين بهذا الأمر لكنها غير كافيةبسبب أن التحديات التي تنتظر بلادنا كبيرة. ولرفع التحديات يقتضي الأمر مزيدا من الإنصات للشباب ومزيدا من التفاعل مع أسئلتهم وانتظاراتهم. وهذا الملتقى يأتي للمساهمة في النظر إلى الموضوع والبحث عن سُبل دعم الطاقات المبدعة والمبتكرة. وستكون فرصة تُتيحها الشعلة ليلتقي صاحب القرار والباحث في إشكاليات الشباب مع هذه الفئة العمرية؛ فموائد الحوار وتبادل الرأي ستساهم ولا شك في ترسيخ قيم الثقة والتعاون بين كل الأطراف بما يخدم مصالح البلاد.
وتقترح الشعلة المحاور التالية للنقاش:
- المحور الأول: الإبداع والابتكار في المناهج والمقررات الدراسية.
- المحور الثاني: الإبداع والابتكار في المنظور الحكومي.
- المحور الثالث: الإبداع والابتكار قاطرة للنهوض والتقدم.
- المحور الرابع: الشباب بين الإبداع والاتباع
- المحور الخامس: الابتكار ضمن مناهج الجامعة المغربية
عن مكتب الفرع