وزان : محمد حمضي
عندما عجلت المملكة المغربية بالمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل ، كانت على وعي تام بأن المجتمع الدولي سيضع تحت المجهر السياسة العمومية التي ستعمل الحكومة المغربية على تنزيلها على مختلف المستويات ، بما في ذلك المستوى الترابي ، وأنها ستكون محط مسائلة في أكثر من مؤسسة دولية وقارية وإقليمية ووطنية. فئة عريضة من أطفال المملكة يمكن تصنيفهم ضمن خانة “الأطفال في وضعية صعبة”.
حقيقة لا يختلف حولها اثنان ، والمشاهد المؤلمة التي تصدمنا يوميا في الفضاء العام بالجهات الأربعة للمغرب ، بحواضره وقراه ، تضع مختلف المتدخلين أمام مسؤولياتهم من أجل وضع أسس بيئة حمائية للأطفال ضد جميع أشكال الإهمال ، والاعتداء والاستغلال ، والعنف . وفي هذا السياق اعتمدت وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والأسرة إطارا استراتيجيا متعدد الاختصاصات عنونته ب ” السياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة بالمغرب 2025/2015 ” .
وزان من أقاليم المملكة المغربية التي يرتفع فيها بشكل مهول عدد الأطفال في وضعية صعبة ( الأطفال ضحايا الاعتداء ، والإهمال ، والعنف ، والاستغلال ، والأطفال في وضعية هشة ، والمحرومين من الوسط العائلي ، الأطفال في أسر فقيرة ، أطفال في أسر عاجزة عن القيام بوظائفها ، الأطفال غير المتمدرسين ….) ، وهذا الارتفاع في عدد هذه الفئة من الأطفال يجد سببه الرئيسي في الواقع الاجتماعي الصعب الذي تسبح فيه أسرهم ، وهو الوضع الناتج عن تعطيل المصالحة التنموية مع الإقليم الذي عاش لعقود على هامش انشغالات الدولة ، فكان ما هو كائن اليوم . قبل أيام تم تدشين ( نتمنى أن لا يعاد تدشين المركز من جديد) مركز حماية الأطفال في وضعية صعبة بوزان ، الذي تم انجازه بتعاون بين مؤسسة التعاون الوطني ، ومجلس جماعة وزان ، ووكالة الأندلس للتعاون الدولي من أجل التنمية ، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، وقد انظاف هذا المركز إلى حزمة مراكز الرعاية الاجتماعية بدار الضمانة المدينة كما بباقي الجماعات الترابية بإقليم وزان .
وبالمناسبة فإن البعض من هذه المراكز تدبيرها الاداري و المالي المتعدد المصادر، في حاجة مستعجلة للافتحاص الدقيق ، كما أن على رئيس اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ، الذي هو عامل الاقليم ، أن يكون حازما مع الجمعيات التي تستغل أسطول النقل الموضوع رهن اشارتها في خدمة أغراض خاصة على حساب خدمة الفئات المستهدفة .
مركز حماية الأطفال في وضعية صعبة ( حي العدير) الجديد ، وحسب بلاغ لعمالة الإقليم فقد أنجز بغلاف مالي قدره 3,5 مليون درهم ، وأنه مجهز لاستقبال وإيواء 32 طفل(ة) ، كما أن 120 طفل( ة) سيستفيدون من خدمات التكوين ، والادماج سوسيو اقتصادي. ولأن دستور المملكة قد ارتقى بأدوار المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ” تساهم الجمعيات المهتمة بالشأن العام ، والمنظمات غير الحكومية ، وفي اطار الديمقراطية التشاركية ، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ، وكذا في تفعيلها وتقييمها …” ( الفصل 12) ، فقد تم اسناد تدبير المركز لجمعية تأسست لهذه الغاية الحقوقية/الانسانية ، وانطلقت في ممارسة عملها طبقا لنفس الفصل الدستوري ( الفقرة الأولى) . وحتى لا يتأخر “مركز حماية الأطفال في وضعية صعبة” في تقديم خدماته للفئة المستهدفة ، فإن الوزارة الوصية وباقي المتدخلين والشركاء ، مطالبين بالتعجيل بتوفير البنية المادية ( اللوجستيك) الضرورية ، وضخ الدعم المالي في القناة القانونية للجمعية ، وكل بطء يطال عملية التجهيز لن تكون إلا على حساب حقوق هذه الفئة من الأطفال ، والصورة المرفقة ( التقطت صباح يوم الاثنين 5 دجنبر) دليل على أن الوقت لا يرحم .