لاشيء يبرر تأخر المبعوث الجزائري، وزير العدل رشيد طبي، المكلف بتسليم المغرب دعوة للمشاركة في مؤتمر القمة العربية المزمع عقده في كوريا الشرقية يوميْ 1 و2 نونبر المقبل، كما تم الإعلان عن ذلك من طرف نظام العسكر.
هذه الحقيقة يمكن لأي متتبع للشؤون “العربية” الوقوف عليها، إذا ما عرفنا أن نظام العسكر أرسل مبعوثيه إلى 16 دولة بما فيها الهيئات الرئاسية الانتقالية في كل من ليبيا والسودان، وذلك بغض النظر عن المسافات الفاصلة بين هذه الدول وجمهورية كوريا الشرقية.
كبارانات فرنسا أرسلوا الدعوات إلى دول الخليج والشام ودول شمال افريقيا وحتى دولة دجيبوتي في القرن الافريقي، ولم يبق لهم سوى جزر القمر والصومال واليمن، وطبعا المملكة المغربية، “العدو الوهمي” للطغمة العسكرية وعقدتها المرضية الابدية.
وإذا كان التأخر في دعوة المغرب مفهوما، بالنظر إلى عقيدتهم المرضية تجاه المملكة ولولا الضغط العربي وحاجة كوريا الشرقية لهذه القمة فوق أرضها لما انصاع الكابرانات وانبطحوا صاغرين أمام الرأي العام الدولي، إلا أن الإبقاء على اليمن وجزر القمر والصومال ضمن الدول المغضوب عليها من قبل الجزائر يشوبه الغموض والالتباس.
وقد تسعفنا بعض الحقائق في إجلاء هذا الغموض، من بوابة ملف الصحراء المغربية التي كانت ولا تزال “قضية مقدسة” بالنسبة للطغمة العسكرية المتحكمة في دواليب الحكم بكوريا الشرقية، إذ بها يستنير الكابرانات وبها يقيسون علاقاتهم مع الدول، ودرجة قربهم او بعدهم من هذا وذاك، حيث نهبوا وبذروا ثروات البلاد على قضية بعيدة عن اهتمامات ومصالح الشعب الجزائري المغلوب على أمره.
فجزر القمر من بين الدول الإفريقية الداعمة للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وضمن كوكبة الدول السباقة لفتح قنصلية عامة بالصحراء المغربية. كما أن الصومال، وهي دولة افريقية أخرى، تدعم مغربية الصحراء ولا أدل على ذلك إعلانها، أمس الجمعة في نيويورك، أنها قررت فتح سفارة لها في الرباط وقنصلية عامة في الداخلة.
إن هذه الحقيقة هي التي تقض مضجع نظام العسكر الجزائري، لأنه بدأ يتحسس قرب نهاية الاسطوانة المشروخة التي عمل طوال قرابة نصف قرن على تغذيتها ودعمها بالمال والسلاح وإيواء ميليشيات البوليساريو المرتزقة فوق اراضيه، ودعمهم ديبلوماسيا من خلال الترويج والدعاية لجمهورية وهمية في كل المحافل والملتقيات الدولية.
تزايد الاعتراف الافريقي بمغربية الصحراء، وفتح المزيد من القنصليات بالاقاليم الجنوبية للمملكة يعني اقتراب النصاب القانوني الذي يمكن المغرب وأصدقائه من تغيير القانون الأساسي للاتحاد الافريقي وبالتالي طرد جمهورية الوهم، الجسم الغريب الذي أدخلته الجزائر وليبيا معمر القذافي إلى منظمة الوحدة الإفريقية في بدايات ثمانينيات القرن المنصرم، بالتواطؤ مع بعض الرؤساء عديمي الضمير الذين رضخوا واستسلموا لرائحة ريع النفط والغاز.
أما عن اليمن، فلا غرابة أن يبقى مع المغرب والصومال وجزر القمر ضمن المغضوب عليهم من قبل الكابرانات، لأن هؤلاء بكل بساطة ينتظرون الضوء الأخضر من نظام الملالي في إيران، ولا يريدون إغضاب مخابراتها وحرسها الثوري، وميليشياتهم الحوثية، خاصة بعد ان فشلت كوريا الشرقية في فرض حضور سوريا الأسد في القمة المزمع عقدها هناك، ولم يستطع الكابرانات تنفيذ أجندة أسيادهم في طهران.
تلك بعض الحيثيات التي نعتقد أنها كانت وراء سلوك كابرانات فرنسا، وتأخرهم في دعوة هذه الدول، وعلى رأسها المغرب الذي أربك حساباتهم وأضحوا يخبطون خبط عشواء، ولا يدرون ماذا هم فاعلون وماذا ينتظرهم، خاصة بعد أن سافر كل من رئيس الحكومة عزيز اخنوش ورئيس الدبلوماسية المغربية ناصر بوريطة إلى نيويورك للمشاركة في أشغال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهما المسؤولان اللذان كان نظام الجنرالات يعتقد أن واحدا منهما سيستقبل وزيرهم في العدل رشيد طبي، الذي لن يحظى حتى باستقبال نظيره المغربي عبد اللطيف وهبي الذي يقوم بزيارة في الشرق الاوسط ستدوم لأيام…
وفي انتظار غودو “إيوا فكّها يا من وحّلتيها” كما يقول المغاربة…