وزان: محمد حمضي
اختار المغرب تخليد اليوم العالمي للمرأة قبل سنتين (8 مارس 2020) والعالم واقع تحت صدمة و هول الوباء اللعين (كوفيد 19) بتسليط الضوء على ظاهرة العنف ضد المرأة والتصدي لها ، اقتناعا من بلادنا بأن المشروع الديمقراطي الحداثي الذي تعمل على تثبيت أركانه لن يكتب له النجاح ، ما دامت نسائه عرضة لكل أشكال العنف الممارس عليهن . وفي هذا السياق كانت الأميرة للامريم ، رئيسة الاتحاد الوطني لنساء المغرب ، قد أشرفت في حفل رسمي أقيم بالمناسبة ، على توقيع ثلة من المتدخلين المؤسساتيين على ” اعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء” .
بعد سنة وبالضبط يوم 8 مارس 2021 تم اطلاق تجربة نموذجية للبروتوكول الترابي بجهة طنجة تطوان الحسيمة ، والتجربة النموذجية الثانية بجهة مراكش آسفي للحد من الهدر المدرسي في “صفوف التلميذات” . إقليم وزان بحكم وقوعه ضمن النفوذ الترابي لجهة طنجة تطوان الحسيمة يوجد في صلب البروتوكول الترابي للتكفل بالنساء الضحايا العنف ، هذا الأخير ( البروتوكول….) عناوينه الكبرى تشكل التزامات أعلن مختلف المتدخلين ( النيابة العامة ، التربية الوطنية ، الصحة ، الشباب والثقافة ، التضامن والأسرة…. ) السهر على تفعيلها بشكل تشاركي جهويا ومحليا .
وفي هذا الإطار تم احداث لجان محلية بمختلف ، المحاكم الابتدائية بالجهة ، وأخرى جهوية بمحاكم الاستئناف التي من بين أولية مهامها ” التشخيص الدقيق للحاجيات الأولية والعاجلة للمرأة ضحية العنف وضمان استفادتها الفورية مما هو متاح من خدمات العلاج والإيواء …”.
الخلية المحلية لمناهضة العنف ضد النساء بالمحكمة الابتدائية بوزان يعرف اشتغالها مدا وجزرا ، وذلك راجع لعدة أسباب لعل أهمها ، أعطاب ملازمة للكثير من مكونات الجمعيات العضوة بالخلية ، وانقطاع متدخل أساسي عن مسايرة أشغالها ( المديرية الإقليمية للتعليم ) ، وضعف منسوب الوعي بالعنف المبني على النوع الاجتماعي عند متدخلين يتعاملون مع الموضوع تعاملا اداريا صرفا .
من بين الآليات التي من دون توفيرها يبقى الحديث عن حماية المرأة من العنف الذي تتعرض له بإقليم وزان مجرد غزل للماء ، هو الاستمرار الغير مفهوم والملتبس في تعطيل “مركز ايواء النساء المعنفات بحي القشريين ” .
الجريدة سبق وترافعت من أجل التعجيل بفتح أبواب المركز المذكور ، كما أن خلية التكفل بالأطفال و النساء ضحايا العنف بالمحكمة الابتدائية بوزان كانت حريصة في كل اجتماعاتها منذ ثلاثة سنوات على ادراج الموضوع على رأس جدول أعمالها ، لأن حالات النساء المعنفات اللواتي يتم طردهن من بيت الزوجية ، وتكون مضطرات لمغادرته حماية لحياتهن التي تكون معرضة للعنف الجسدي في أبشع صوره وأخطرها ، في تزايد مستمر ، وتأكد هذا بالأرقام المفزعة زمن الجائحة. المركز التابع للتعاون الوطني خضع فتح أبوابه قبل سنتين لتجاذبات كادت تعصف به و بالوظيفة التي من أجلها تم احداثه .
لكن حسب ما صرح به للجريدة مصدر موثوق تابع أشغال الاجتماع الاخير لخلية التكفل بالنساء ضحايا العنف ، فإن الفضاء الاجتماعي أصبح يحمل يافطة ” المركز الاجتماعي القشريين للرعاية والتمكين الاقتصادي للنساء ” ، وأضاف نفس المصدر بأن خدمة ايواء النساء المعنفات لم تنطلق بعد ، وأن المركز ينتظر تسلم تجهيزات غرف النوم اضافية ( الأسرة ، الأفرشة ، الأغطية ) مما سيقفز بالطاقة الاستيعابية للمركز من 4 معنفات إلى 8 . كما أن المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني سارعت إلى تعيين إطار مكلف بتسيير المركز .
سؤال عريض يفرض نفسه على الجميع ، هو لماذا لم يشرع المركز في استقبال النساء المعنفات خصوصا وأن غرفة من 4 أسرة جاهزة ؟ أم أن وراء الأكمة ما ورائها ، لأن المبرر الذي حمله المصدر هش و لا يصمد أمام قوة الواقع . الكلمة لعامل الإقليم لن نخوض في التذكير بالمهام والأدوار المسندة بقوة القانون لعامل الإقليم، بحيث يكفي أن نشير بأنه ينسق بين مختلف المصالح الخارجية بالإقليم، والساهر على تنفيذ سياسة الدولة بمنطقة نفوذه الترابي.
لذلك فإن تنزيل ” اعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء” بحمولته الحقوقية ، يطوق عامل الإقليم ، ويسائله عن منسوب تفاعله مع مضمون البروتوكول الترابي ، وآثار ذلك على تراب دار الضمانة الكبرى من خلال ابداع وانتاج آليات تحاصر العنف ضد النساء في منابعها وتعمل على تجفيفها . ولعل أول اشارة على عامل الإقليم إرسالها للنساء المعنفات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة القادم ( بعد شهر ونصف) هو شروع “مركز القشريين” في تقديم خدمة إيواء النساء المعنفات ، إيواء مستوف لشروط حماية كرامة المرأة المعنفة .
ملحوظة هامة جدا : لكي لا نشتت بال المهتمات والمهتمين بموضوع تنزيل ” إعلان مراكش” اخترنا التذكير بمحتوى هذا الأخير ، مع التركيز على آلية ” مركز الإيواء ” نظرا لطابعه الاستعجالي ، على أن نعود في الأيام القادمة لتقريب القراء من مختلف الالتزامات الواردة ببروتوكول التكفل بالنساء المعنفات ، ومساحة تفعيلها من طرف باقي المتدخلين الذين سبق ووقعت وزاراتهم ورئاسة النيابة العامة على ” اعلان مراكش للقضاء على العنف ضد النساء “.
تعليق الصورة: اجتماع سابق لخلية التكفل بالنساء والاطفال ضحايا العنف