بقلم: حفيظ الفاطن
طرحت الندوة التي نظمتها حركة الطفولة الشعبية فرع الحي المحمدي، في إطار برنامج مشاركة مواطنة بدعم من الاتحاد الأوربي، وبإشراف من مكتب الأمم المتحدة لتنفيذ المشاريع بالمغرب، يوم السبت 06 يونيو 2020، قضية مفصلية تربط بين العمل السياسي والشباب من حيث النظرة المستقبلية، انطلاقا من مؤشرات تشخيص واقع ينوء بأمل كبير حول الدور الفعال الذي يمكن أن يلعبه الشباب في تتبع وتقويم السياسات العمومية من جهة، وإكراه العزوف الملحوظ لهذه الفئة عن العمل السياسي الواعي المؤهل للقيام بدور التتبع والتقويم.
واتفق المتدخلون عموما حول أن عجلة السياسة بالمغرب لا زالت تعرف تعثرا مزدوجا، ففي الوقت الذي يتم فيه تمييع الحقل السياسي وبلقنته وتبخيس مؤسساته، نجد من جهة أخرى نفورا للشباب من العمل السياسي، وتهميشا له من لدن مؤسسات يفترض أنها تشتغل لبناء مستقبل سياسي ديمقراطي تسوده الحقوق والحريات.
هذه المعادلة التي ناقشها كل من السادة:
– مصطفى العراقي صحفي وعضو المكتب التنفيذي لحركة الطفولة والشعبية؛
– يونس فيراشين عضو الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي؛
– أحمد المدياني سكرتير تحرير تيل كيل (Telquel) عربي؛
وكانت بتسيير وتيسير من الصحفية السيدة هدى سحلي،
وضعوا اليد على أهمية مشاركة المجتمع المدني من خلال تجربة حركة ط. ش. من خلال إعداد مذكرة والترافع بشأنها، ومن أجل إعداد جيد للمشروع تم إنجاز ورشات في الموضوع للشباب من أجل تأهيلهم للاضطلاع بهذه المهمة. ولعل أهم ما ناقشته الندوة هو تحليل وضعية غياب الجاذبية في الخطاب السياسي المغربي للشباب، بما يحفز إلى الانخراط فيه وفي مؤسساته ولا سيما الأحزاب. وكانت ثنائية غياب التكوين وخصوصا القانوني منه، مما يعيق القدرة على بناء انتقاد بناء بخلفية معرفية للحقل السياسي وما يعتمل فيه خطابا وممارسة، وكذا تقادم الخطاب السياسي وتنميطه مما يفقده خاصية التجديد والتجدد التي تعتبر خاصية محفزة للشباب.
ولعل من العوائق الأساس التي يعاني منها العمل السياسي بالمغرب وخطابه، غياب الرؤية الشمولية والنسقية، لأنه مرتبط بردود الأفعال وليس بتصور متكامل يمكن من فهم طبيعة هذه الممارسة وهذا الخطاب، ففي كل لحظة قد ينتقل المشروع السياسي من نقطة إلى نقيضها، وفي ذلك ما يساهم في نفور المجتمع من السياسة والسياسيين.
صناعة القرار السياسي وتتبعه وتقويمه، يحتاج إلى شباب واع، ويحتاج أيضا إلى قناعة سياسة من الدولة والممانعة معا، فلا يمكن اعتبار الشباب جيشا احتياطيا منزوع المشاركة إلى حين الحاجة اللحظية والظرفية، كما لا يمكن الحديث عن الشباب خارجهم، أو الحديث بلسانهم، والممارسة الشبابية التي تنفلت في بعض المحطات تبين قدرته على الفعل الصحيح والسليم لم تولى فعلا مناصب المسؤولية، ومُنح ما يكفي من الثقة في قدراته، فما قدمه الشباب المغربي في الملاعب الرياضية، وفي المساهمة في مواجهة جائحة كورونا … لدليل على ذلك.
ومن أهم الحلول التي اقترحتها الندوة هي خلق فضاءات للنقاش العمومي، وهي قضية أثارها هابرماس في فلسفته النقدية الجديدة، وربطها بآليات خلق التوافق السياسي والاجتماعي، وتجاوز الاستيلاب الرأسمالي، والندوة إذ تهتم بهذه الخاصية فهي بلا شك تؤمن أن ما يفره المجتمع من مؤسسات حالية غير كاف أو غير فعال للممارسة النقاش العمومي الفعال، كما أن خلق هذه الفضاءات من شأنه أن يقود إلى توضيح التمايزات السياسية الموجودة في البلاد، وهو السبيل إلى انخراط الشباب في العمل السياسي المنظم من خلال الأحزاب.