الاشكالات القانونية للرقابة الادارية على مقررات المجلس وقرارات الرئيس على ضوء القانون التنظيمي للجماعات 113.14

بقلم: عباس طوارب*

مقدمة:

باستقرائنا لمقتضيات المواد القانونية للقانون التنظيمي 113.14 [1] المتعلق بالجماعات بخصوص الرقابة الادارية على مقررات المجلس وقرارات الرئيس نجده قد ميز بين نوعين من الرقابة التي تمارسها السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية على المقررات والقرارات  الصادرة عن المجلس ورئيسه:

رقابة تتمثل في التأشيرة وتشمل كل المقررات المتخذة من طرف المجلس في اطار المادة 118 من القانون التنظيمي 113.14 والتي لا يمكن للمجلس تنفيذها إلا بعد التأشير عليها من طرف عامل العمالة أو من ينوب عنه داخل 20 يوما من توصله بها من طرف رئيس المجلس، باستثناء المقررات المتخذة في مجال التدبير المفوض واحداث شركات التنمية حيث يرجع الاختصاص في التأثير عليها لوزير الداخلية.

ورقابة تتخذ شكل تعرض تشمل المقررات الصادرة عن المجلس والتي تتخذ خارج تلك المنصوص عليها في المادة 118 أعلاه بالإضافة  إلى القرارات التي يتخذها رئيس المجلس في اطار اختصاصاته التنظيمية بناء على مداولات المجلس، وكذلك القرارات الفردية التي يتخذها في مجال التعمير في اطار ممارسته الشرطة الادارية ، وتبلغ المقررات والقرارات الصادرة عن المجلس ورئيسه وجوبا من طرف رئيس المجلس إلى عامل العمالة أو من ينوب عنه داخل أجل خمسة أيام من اتخاذها من طرف المجلس بالنسبة للمقررات وخمسة أيام من تاريخ تسليمها للمعني بالأمر بالنسبة للمقررات الفردية المتعلقة بالتعمير.

وتبقى الاشكالية التي تطرح بهذا الخصوص حول مدى نجاعةالمواد القانونية المضمنة بالقانون التنظيمي للجماعات في ضبط هذه الرقابة الادارية وإحكامها.

  • تتفرع عن هذه الاشكالية عدة تساؤلات وهي كالتالي:

–         ما هي المقررات الذي أوجب المشرع في القانون التنظيمي للجماعات  خضوعها للتأشيرة؟

–         ما هي المقررات والقرارات المستثناة من اجبارية التأشير؟

–         ما هي المسطرة أو الاجراءات المتبعة في رقابة التأشير ورقابة التعرض؟

–         ما هي الاشكالات القانونية التي تطرحها اجراءات الرقابة من خلال القانون التنظيمي للجماعات؟

لدراسة هذه الاشكاليات والاجابة على التساؤلات المقترحة عنها سوف نقوم بتقسيم الموضوع إلى مطلبين: نتناول في (المطلب الأول) المقررات التي أوجب القانون التنظيمي خضوعها لمسطرة التأشيرة مع تبيان إجراءاتها واشكالاتهما القانونية وإلى الحديث في( المطلب الثاني) على المقررات والقرارات الخاضعة لمسطرة التعرض مع تبيان إجراءاتها واشكالاتها القانونية.

المطلب الأول: اجراءات واشكالات المقررات الخاضعة للتأشيرة.

بالرجوع إلى القانون التنظيمي للجماعات فانه حصر في المادة 118 منه المقررات التي يصدرها المجلس الجماعي والتي لا تكون قابلة للتنفيذ الا بعد التأشير عليها من طرف العامل، أومن ينوب عنه(الفقرة الأولى) باتباع مسطرة محددة في القانون التنظيمي رغم الاشكالات التي تطرحها هذه المسطرة (الفقرة الثانية).

الفقرة الاولى: المقررات الخاضعة للتأشير:

ان تعداد المقررات الصادرة عن المجلس الجماعي في المادة 118 من القانون التنظيمي للجماعات جاء على سبيل الحصر، وبالتالي لا يجوز فرض أية تأشيرة على أي مقرر اتخذه المجلس خارج عن تلك المنصوص عليها في المادة 118 [2] ، كما أن هذه المقررات لا تكون قابلة للتنفيذ الا بعد التأشير عليها من طرف عامل العالة او من ينوب عنه .

الفقرة الثانية: اجراءات التأشير على المقررات المتخذة في اطار المادة 118 واشكالاتها القانونية:

الهدف من فرض التأشيرة على المقررات الصادرة عن المجلس الجماعي في اطار المادة 118 من القانون التنظيمي للجماعات هو تأكد الجهة الادارية المخول لها صلاحية الرقابة والممثلة في عامل العمالة أو من ينوب عنه من أنهااتخذت في احترام تام لقواعد القانون التنظيمي والقوانين ذات الصلة بالتسيير الجماعي، وتنطلق رقابة التأشيرة على المقررات المتخذة في اطار المادة 118 من القانون التنظيمي بمجرد توصل عامل العمالة بمحاضر دورات المجلس مرفقة بالمقررات المتخذة على اثرها، بحيث متى تبين له بان هذه المقررات لا تنطبق مع نصوص القانون التنظيمي للجماعات أو القوانين الأخرى المرتبطة به فإنه يقوم بإرجاعها إلى رئيس المجلس برسالة معللة داخل 20 يوما من توصله بها من طرف الرئيس حتى يتسنى لهذا الأخير تصحيح العيوب القانونية التي أدت إلى عدم التأشير عليها .

إلا أن الإشكال القانوني الذي تطرحه المادة 118 من القانون التنظيمي فيما يخص التأشير على المقررات المتضمنة فيها تكمن في:

  1. كونها لم تتطرق إلى الحالة التي قد يرفض فيها عامل العمالة التأشير داخل أجل 20 يوما من توصله بالمقررات المتخذة في اطار هذه المادة 118 وعن امكانية ارجاعها إلى الرئيس من أجل تصحيح الأخطاء التي أدت إلى عدم التأشير عليها.
  2. أنها لم تتطرق أيضا إلى الاجراءات المتخذة من طرف سلطة المراقبة (العامل) في حالة تشبت الرئيس بهذه المقررات رغم اعادتها إليه من طرف العامل على غرار المقررات الخاضعة للتعرض المنصوص عليها في المادة 117  من القانون التنظيمي.
  3. تغييب المادة 118 من القانون التنظيمي لدور القضاء الاداري في رقابة شرعية المقررات الخاضعة للتأشيرة في الوقت الذي نجد فيه أن هذه الامكانية تم التنصيص عليها في المادة 117 من القانون التنظيمي بالنسبة للمقررات والقرارات المستثناة من التأشيرة في حالة التعرض عليها.

وفي هذا الصدد أقترح أن يعمل المشرع على تعديل مقتضيات المادة 118 من القانون التنظيمي وذلك بإضافة فقرة تنص على أجل مراجعة المجلس للمقررات المتخذة في نفس المادة  والتي تم رفض التأشير عليها واشكالية احالتها على القضاء الاداري في حالة تمسك الرئيس بهذه المقررات رغم إعادتها إليه من طرف العامل وذلك بغية تعزيز دور القضاء الاداري في تقدير شرعية المقررات والقرارات بدل الاقتصار على سلطة المراقبة الادارية .

المطلب الثاني: إجراءات التعرض على المقررات والقرارات واشكالاتها القانونية:

تقتضي دراسة هذا المطلب تحديد المقررات والقرارات الخاضعة للتعرض (الفقرة الأولى) واجراءات التعرض واشكالاتها القانونية (الفقرة الثانية)

الفقرة الأولى: المقررات والقرارات الخاضعة للتعرض.

أولا: المقررات الخاضعة للتعرض

بالاطلاع على النصوص المتضمنة في القانون التنظيمي للجماعات 113.14 نستشف بأن كل المقررات والقرارات الصادرة عن المجلس ورئيسه خارج تلك المنصوص عليها في المادة 118 من نفس القانون التنظيمي قابلة لرقابة التعرض من طرف عامل العمالة كما أكدت ذلك مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 116 [3]من القانون التنظيمي والتي ألزمت رئيس المجلس تبليغها إلى عامل العمالة أو من ينوب عنه داخل أجل خمسة أيام من تاريخ اتخاذها أو تاريخ اختتام الدورة فيما يخص المقررات وخمسة أيام من تبليغ القرارات المتخذة في اطار الشرطة الادارية الفردية في مجال التعمير إلى المعني بالأمر.

ثانيا: القرارات الصادرة عن الرئيس الخاضعة للتعرض.

تنقسم القرارات التي يتخذها رئيس المجلس الجماعي إلى قرارات يتخذها في اطار سلطته التنظيمية وهي تلك القرارات التي تتم بناء على مداولة المجلس حيث أوجب القانون التنظيمي في المادة 116 تبليغ نسخ منها إلى عامل العمالة أو من ينوب عنه مما يدل على أنها  خاضعة لمسطرة التعرض وإلى قرارات يتخذها الرئيس في مجال الشرطة الادارية قسم بدورها إلى قرارات إدارية تنظيمية تدخل في اختصاصاته لا تحتاج إلى مداولات المجلس وهي مستثناة من الرقابة الادارية إضافة إلى قرارات يتخذها الرئيس في إطار الشرطة الادارية الفردية لا تخضع منها للرقابة سوى تلك المتخذة في مجال التعمير[4].

الفقرة الثانية: إجراءات التعرض على المقررات والقرارات واشكالاتها القانونية.

في إطار المراقبة الادارية التي يمارسها عامل العمالة أو من ينوب عنه المخول له بمقتضى الفقرة 2 من الفصل 145 من دستور 2011[5] وكذا المادة 115 من القانون التنظيمي للجماعات على شرعية المقررات والقرارات الصادرة عن المجلس ورئيسه.

الزم القانون التنظيمي رئيس المجلس في الفقرة الأولى من المادة 116[6] تبليغ العامل بمحاضر الدورات والمقررات المتضمنة فيها وكذا بنسخ من القرارات الصادرة عن رئيس المجلس والتي يتخذها في اطار سلطته التنظيمية بالإضافة إلى القرارات التي يتخذها رئيس المجلس في مجال الشرطة الادارية الفردية، وذلك داخل أجل 5 أيام من تاريخ اختتام الدورات أو اتخاذ المقرر داخل أجل 5 أيام من تسليم القرارات الفردية للمعني بالأمرالمتخذة في مجال التعمير[7].

حيث يقوم عامل العمالة بالتعرض عيها متى تبين له أنها اتخذت في خرق للقانون التنظيمي والقوانين ذات الصلة بالتسيير الجماعي وذلك بإحالتها على رئيس المجلس داخل 3 أيام من توصله بها، وفي حالة تمسك رئيس المجلس بالقرارات والمقررات المتعرض عليها والمحالة عليه من طرف رئيس المجلس يتم الانتقال من الرقابة الادارية إلى الرقابة القضائية على هذه المقررات والقرارات بعد إحالة الملف من طرف الرئيس على المحكمة الادارية [8] .

بدراستنا للمواد القانونية المؤطرة  لرقابة التعرض على مقررات المجلس وقرارات الرئيس في القانون التنظيمي للجماعات فإنها تطرح عدة اشكالات قانونية تتمثل في :

  1. بالنسبة للمادة 117 من القانون التنظيمي للجماعات فإنها لم تحدد أي أجل من أجل تصحيح رئيس المجلس العيوب التي شابت المقررات والقرارات التنظيمية المتخذة من طرف الرئيس والمجلس المنصوص على تبليغها إلى عامل العمالة  في المادة 116 بعد ارجاعها إلى رئيس المجلس من طرف العامل وقبل إحالة الأمر على القضاء الاداري.
  2. إن ايقاف تنفيذ المقررات المتعرض عليها من طرف عامل العمالة عملا بمقتضيات المادة 117 خلق نوعا من التدافع القانوني بين القضاء العادي والقضاء الاداري لأن تقديم العامل لطلب ايقاف المقررات المتعرض عليها بعد رفض رئيس المجلس اعادة قراءتها  أو تصحيح العيوب المتضمنة بيها على قاضي المستعجلات بالمحكمة الادارية يترتب عنه أثار قانونية تتمثل في علاقة قاضي الموضوع بقاضي المستعجلات في طلبات ايقاف التنفيذ وذلك بنقل هذه الطلبات من المحكمة الادارية إلى رئيسها بصفته قاضيا للمستعجلات في حين أن الاصل في هذا الاختصاص يرجع إلى قاضي الموضوع بصريح المادة 24 من القانون 41.90 المتعلق بإحداث المحاكم الادارية[9].
  3. أن بمجرد الاحالة المنصوص عليها في المادة 117 يوقف تنفيذ المقررات يتناقض مع ما هو معمول به في القضاء الاداري لكون الايقاف مرتبط بمآل الدعوى الاصلية وتابع بما قد يصدر فيها من طرف قاضي الموضوع، كما أن قاضي المستعجلات لا يصدر أوامره بإيقاف التنفيذ إلا بناء على توفر عنصر الاستعجال في الطلب وليس بمجرد إحالة الملف على القضاء الاستعجالي.
  4. أما الاشكال القانوني الذي تطرحه المادة 116 من القانون التنظيمي 113.14 كونها حصرت في الفقرة الأولى منها القرارات الصادرة عن رئيس المجلس والخاضعة للتعرض في تلك التي يتخذها في اطار سلطته التنظيمية بعد مداولة المجلس وكذا القرارات الفردية التي يتخذها في مجال التعمير في اطار الشرطة الادارية الفردية، حيث استثنت المادة 116 من القانون التنظيمي القرارات المتخذة من طرف الرئيس في اطار الشرطة  الادارية التنظيمية من التعرض رغم كونها مرتبطة بحوق شريحة واسعة من المواطنين.
  5. أما المادة 117 من القانون التنظيمي فلم تشير في مرحلة الرقابة القضائية إلى القرارات التنظيمية والفردية رغم أن المادة 116 من نفس القانون نصت على تبليغها إلى عامل العمالة أو الاقليم.

خلاصة:

من خلال دراستنا وتحليلنا لمقتضيات القانون التنظيمي للجماعات ولاسيما المواد 116.117.118 والتي تأطر للرقابة الادارية على مقررات المجلس وقرارات الرئيس، وبعد الوقوف على الاشكالات القانونية التي تطرحها هذه المواد من خلال دراستنا للموضوع تبين بأن هذه النصوص لا زالت قاصرة للإجابة عنها، مما يستوجب تدخل المشرع المغربي بمراجعة هذه المواد وذلك إما بتتميمها أو بتعديلهاأو بإضافة بعض الفقرات إليها.

*باحث في القانون الخاص وخريج ماستر المعاملات العقارية


 ظهير شريف رقم 1.15.85 الصادر في 20 رمضان 1436 (7يوليوز 2015) بتنفيذ القانون رقم 113.14 المتعلق بالجماعات.[1]

[2]حرصت المادة 118 المقررات الخاضعة للتأشيرة في:

  • المقرر المتعلق ببرنامج عمل الجماعة
  • المقرر المتعلق بالميزانية
  • المقرر القاضي بتنظيم إدارة الجماعة وتحديد اختصاصاتها
  • المقررات ذات الوقع المالي على النفقات أو المداخيل ولا سيم الاقتر
  • اضات والضمانات وتحديد سعر الرسوموالاتاوى ومختلف الحقوق وتفويت املاك الجماعة وتخصيصها.
  • المقرر المتعلق بتسمية الساحات والطرق العمومية عندما تكون هذه التسمية تشريعا عموميا أو تذكيرا بحوث تاريخي
  • المقررات المتعلقة باتفاقيات التعاون اللامركزي  والتوأمة التي تبرمها الجماعة مع جماعات أجنبية
  • المقررات المتعلقة بإحداث المرافق العمومية للجماعة وطرق تدبيرها.

[3]جاء في الفقرة الأولى من المادة 116 من القانون التنظيمي للجماعات ” يتعين تبليغ نسخ من محاضر الدورات وكذا نسخ من قرارات الرئيس المتخذة في اطار السلطة التنظيمية إلى عامل العمالة أو الاقليم أو من ينوب عنه داخا أجل لا يتعدى 5 أيام من أيام العمل الموالية لتاريخ اختتام الدورة أو لتاريخ اتخاذ القرارات المذكورة” .

[4] تنص الفقرة الأخيرة من المادة 116 من القانون التنظيمي على ” تبلغ وجوبا نسخ من القرارات الفردية المتعلقة بالتعمير إلى عامل العمالة أو الاقليم أو من ينوب عنه داخل أجل لا يتعدى 5 أيام بعد تسليمها إلى المعني بالأمر”

[5] تنص الفقرة الثانية من الفصل 145 من دستور 2011 على ” يعمل الولاة  والعمال باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون وتنفيذ النصوص التنظيمية للحكومة ومقرراتها كما يمارسون المراقبة الادارية”

 تمت الاشارة إله سلفا[6]

 تمت الاشارة إله سلفا[7]

[8] تنص الفقرة 3 من المادة 117 من القانون التنظيمي على” إذا ابقى المجلس على المقرر موضوع التعرض أحال عامل العمالة أو الاقليم أو من ينوب عنه الأمر إلى القضاء الاستعجالي إلى المحكمة الادارية التي تبث في طلب إيقاف التنفيذ داخل أجل 48 ساعة من تاريخ تسجيل الطلب بكتابة ضبط المحكمة ويترتب عن هذه الاحالة وقف تنفيذ المقرر إلى حين بت المحكمة في الأمر” .

[9] تنص المادة 24 من القانون 41.90 المتعلق بإحداث المحاكم الادارية على ” للمحكمة الادارية أن تأمر بصورة استثنائية بوقف تنفيذ قرار إداري رفع إليها طلب يهدف إلى إلغائه إذا التمس ذلك منها طالب الالغاء صراحة”

مقالات ذات الصلة

1 ديسمبر 2022

هل ستحجز وزان موقعها داخل الأيام 16 العالمية لمناهضة العنف ضد النساء ؟

20 يوليو 2022

التنمية الترابية بين الواقع والنظرة المستقبلية

7 يونيو 2022

أهم التحديات المستقبلية : تحدي التعقيد

24 أبريل 2022

أهم التحديات المستقبلية، تحدي الإعتماد المتبادل