استنكرت إثيوبيا الثلاثاء “تدخل” جامعة الدول العربية في الخلاف بين مصر والسودان بشأن سد النهضة الضخم على نهر النيل، قبل يومين من اجتماع مرتقب لمجلس الأمن الدولي.
أعلنت جامعة الدول العربية في يونيو دعمها تدخل مجلس الأمن الدولي في هذه المسألة، رغم إصرار إثيوبيا على إجراء المفاوضات في إطار عملية مستمرة برعاية الاتحاد الإفريقي.
وقالت وزارة الخارجية الإثيوبية في بيان “ترفض إثيوبيا تدخل جامعة الدول العربية غير المقبول في قضية سد النهضة الإثيوبي بعدما قدّمت الجامعة طلبا إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة للتدخل في هذه المسألة”.
وأضاف البيان أن وزير الخارجية ديميكي ميكونين أعرب عن “خيبة أمله” في رسالة إلى مجلس الأمن الاثنين موضحا أن “جامعة الدول العربية معروفة بدعمها غير المشروط لأي مطلب تقدمه مصر بشأن موضوع النيل”.
منذ العام 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل سدّ النهضة الذي تبنيه أديس أبابا ليصبح أكبر مصدر لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة متوقعة تصل إلى 6500 ميغاوات.
وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديدا حيويا لها إذ يعتبر نهر النيل مصدرا لنحو 97% من مياه الري والشرب في البلاد.
أعلنت إثيوبيا التي قالت إنها أنجزت المرحلة الأولى من ملء الخزان في صيف 2020، أنها ستنتقل إلى المرحلة الثانية مع اتفاق أو بدونه.
وقالت وزارة الري المصرية في بيان مساء الإثنين إن الخطوة تعد “انتهاكا للقوانين والأعراف الدولية التي تحكم المشروعات المقامة على الأحواض المشتركة للأنهار الدولية”، مؤكدة “رفض مصر القاطع لهذا الاجراء الأحادي الذي يُعدّ خرقا صريحا وخطيرا لاتّفاق إعلان المبادئ”.
ولم يرد مكتب رئيس الوزراء آبيي أحمد ولا وزارة الخارجية الإثيوبية على طلبات وكالة فرانس برس لتأكيد إطلاق المرحلة الثانية من ملء الخزان.
لكنّ مسؤولا كبيرا في وزارة المياه صرح لوكالة فرانس برس بأن عملية ملء الخزان ستتم في الموعد المحدد.
ووفقا لإثيوبيا، فإن إضافة المياه إلى الخزان هي عملية طبيعية خصوصا خلال موسم الأمطار. وأضاف المسؤول أن “تسير أعمال الملء بشكل متزامن مع البناء”.
من جهتها أبلغت مصر، الثلاثاء، روسيا والصين بضرورة أن يدفع مجلس الأمن الدولي نحو التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن أزمة ملء وتشغيل سد “النهضة” الإثيوبي.
جاء ذلك في بيان للخارجية المصرية، قبل يومين من انعقاد جلسة للمجلس، لبحث أزمة السد، وبعد ساعات من إخطار إثيوبي للقاهرة والخرطوم ببدء الملء الثاني للسد.
والخميس، يعقد المجلس جلسة، بناء على طلب دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، وستكون الثانية من نوعها بعد جلسة عُقدت قبل عام، وانتهت بحثّ أطراف الأزمة على الحوار، تحت قيادة الاتحاد الإفريقي.
وأفادت الخارجية المصرية، في بيان، بأنه “في إطار التحضيرات المُكثفة لجلسة الخميس، التقى وزير الخارجية سامح شكري، الثلاثاء في نيويورك بالمندوبين الدائمين لروسيا والصين لدى الأمم المتحدة”.
وروسيا والصين من الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، والتي تمتلك حق النقض (الفيتو)، إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وأضافت أن “شكري شدَّد في هذا الإطار على ضرورة اضطلاع مجلس الأمن بمسؤولياته للدفع قُدمًا نحو التوصل إلى الاتفاق”.
وأكد شكري على أهمية أن يكون الاتفاق “عادلا ومتوازنا وملزما قانونا حول ملء وتشغيل السد، ويُراعي مصالح الدول الثلاث ولا يفتئت على الحقوق المائية لدولتي المصب (مصر والسودان)”.
وتتبادل مصر والسودان مع إثيوبيا اتهامات بالمسؤولية عن تعثر المفاوضات، التي يرعاها الاتحاد الإفريقي منذ أشهر، ضمن مسار تفاوضي بدأ قبل نحو 10 سنوات.
وبمناسبة تولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال مجلس الأمن خلال تموز الجاري، قال مندوب فرنسا الأممي، نيكولا دي ريفيير، إنه لن يكون بمقدور المجلس حل الخلاف بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد، باعتباره “خارج نطاق” المجلس.
وأضاف دي ريفيير، خلال مؤتمر صحفي الخميس، أنه “على هذه الدول الثلاث أن تتحدث فيما بينها وتصل إلى ترتيبات لوجستية بشأن التعاون والمشاركة في حصص المياه”.
ومنذ الإثنين، تشهد نيويورك اجتماعات واتصالات مصرية وسودانية مكثفة حول السد.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، الإثنين، إن “هدف بلاده من بناء السد هو فقط تلبية حاجاتها من الكهرباء، دون تشكيل تهديد على دولتي المصب”.
وتُصر أديس أبابا على ملء ثانٍ للسد بالمياه، بعد نحو عام على ملء أول، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق مسبق.
بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي بشأن الملء والتشغيل، لضمان سلامة منشآتهما المائية، واستمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.
والأحد، أعلنت إثيوبيا، رفع مستوى تأهب قواتها المنتشرة في منطقة السد، لتأمين المرحلة الثانية من عملية ملئه.
وفي أقوى تهديد لأديس أبابا، منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 30 مارس الماضي، إن “مياه النيل خط أحمر، وأي مساس بمياه مصر سيكون له رد فعل يهدد استقرار المنطقة بالكامل”.