كيف حال رئيسنا؟ هل من أخبار عنه؟ هل هو في صحة جيدة؟ أسئلة وغيرها يطرحها الجزائريون بعد مرض رئيسهم، باتوا يسألون ويبحثون عبر وسائل التواصل الإجتماعي ونشرات الأخبار العربية والغربية عن خبر يخُص صحته الغامضة، فما وصلنا وقيل لنا صراحة ليس مُقنع، لأن مريضا كالرئيس مُمكن علاجه في المُستشفى العسكري بالعاصمة، المُتوفر على أجهزة مُتطورة ليست موجودة في باقي المُستشفيات، أما نقله إلى آخر خارج الجزائر فتح باب التفسيرات والتأويلات لدى الجميع، فمنهم من قال:
1: إما أن الرئيس مرضه تجاوز الكُورونا ومُستعصي علاجه في البلد، وطبعا للإطمئنان عليه وإعطائه فُرصة أكبر للنجاة تم نقله لمُستشفى خارج الوطن، فإذا كان المُستشفى العسكري لا يستطيع مُعالجة الكُورونا فألف رحمة تنزل علينا من الآن، لأن كل مُستشفياتنا العُمومية كارثة بأتم معنى الكلمة، ورُبما الوحيدة التي تُشرف وتحفظ ماء الوجه هي العسكرية التابعة للجيش.
2: مُمكن جدا أن يكون الرئيس قد تعرض للوباء بسبب عدوى المُستشارين وكل من يعمل في الرئاسة، وبسبب سنه الكبير وعادة التدخين، وغيرها من الأمراض الصامتة كالسكري ، والتي دون شك أثرت على مناعته، وأعطت فُرصة للفيروس اللعين للإنتشار، وهذا ما لم يتحمله جسمه، فسافر إلى الضفة الأُخرى لإيقاف إنتشار الوباء وهُجومه على باقي الأعضاء، ذهب للخارج لأن البحث العلمي هناك في المجال الطبي مُتطور ليس مثلنا مُتوقف وفي كل المجالات، وهذا حديث آخر سنتحدث عنه إن شاء الله.
3: إما أن المُستشفى العسكري بعين النعجة بالعاصمة لا يتوفر على أجهزة مُتطورة، وهذا مُستبعد لأن كل المسؤولون المحليون والوطنيون يُنقلون إليه، ولا أظن أن الجناح المُخصص لكبار المسؤولين والذي يتطلب تدخلات من أعلى مُستوى للظفر بسرير لا يحتوي على مُعدات مُتطورة.
كُلها تبقى فرضيات وأراء من مُختلف أطياف المُجتمع وطبقاته، والحقيقة تبقى مجهولة لحد كتابة هذه الأسطر ولا يعرفها إلا المُقربون من السُلطة وعائلة الرئيس، وهنا مرة أُخرى نعيش نفس حالة القلق والتوتر التي عشناها من قبل مع الرئيس السابق “عبد العزيز بوتفليقة” وقتها أتذكر أني كُنت خارج الوطن، وكُنت أُتابع أخبار الجزائر وصحة الرئيس على قناة الحدث مع الإعلامية نجوى قاسم، لأن التلفزيون العُمومي وحتى بعض القنوات الخاصة سامحها الله كانت تُردد كل شيء على ما يُرام، كان هناك تعتيم إعلامي ، وبفضل هذه السياسة الإعلامية الفاشلة وضُعف الإتصال والتواصل مع المُواطنين برزت للسطح الشائعات وأصبح كل من هب ودب يخرج ويُصرح بخبر عن الرئيس وحالة البلد الغير مُستقرة أنذاك، وأتذكر أن الكل كان مُهتما بالحدث لأن الرئيس السابق مرض في وقت الحراك وخروج الجزائريين للشارع للمُطالبة بالتغيير، ولأن ريمة عادت لعاداتها القديمة مرة أُخرى نجد شُحا كبيرا في المعلومات حول الوعكة الصحية للريس ،وهذا ما أدى إلى كثرة الشائعات والقيل والقال، فالرئيس السابق للولايات المُتحدة الأمريكية ألقى التحية على أنصاره بكل عفوية وتلقائية، وكان الفريق الطبي المسؤول عن علاجه يخرج كل مرة ليُوافي الإعلام وكل المُهتمين بآخر التطورات، أما نحن العرب فمرض الحاكم عندنا سر كبير، ولا يجب التلاعب به وتسريبه إلا في الوقت المُناسب الذي يُحددونه هم، وهذا رُبما ما خلق نوعا من الثغرة بين الحاكم والمحكوم في الدول العربية المُسلمة، فصحة الرئيس مُهمة للجميع وخاصة شعبه ومن حقهم معرفة كل صغيرة وكبيرة عنه، لأن من يحكم لن يصبح ملكية خاصة بل عامة، يتشارك فيها الجميع.
وبالعودة للتاريخ نجد أن بعض الرؤساء العرب والغربيين أخفوا مرضهم عن شُعوبهم وواصلوا مُهمتهم لأسباب وأخرى مُرتبطة حينا بالحالة التي يمر بها البلد وآخر بالطمع وحب الكُرسي والزعامة، فهناك رؤساء لم يقبلوا المرض بسهولة ورفضوا التخلي عن الحُكم رغم التعب والإٍرهاق، وواصلوا عملهم رغم الشلل والمرض، كالرئيس الأمريكي الثامن والعشرون “وودرو ويلسون” الذي تعرض في خضم حملته لتعزيز مُعاهدة فرساي إلى سكتة دماغية حادة أصابته بالشلل، ورغم مرضه إلا أنه إستمر في منصبة لمُدة عامين كانت زوجته هي الوسيطة بينه وبين الحُكومة، الرئيس “جونالد ريغن ” خضع لعمليات جراحية أثارت الشك في قُدرته على المُواصلة، وقد نُقلت السُلطة لنائبه “جورج بوش” عندما أجرى إستئصال ورم خبيث في القلون، الرئيس حُسني مُبارك رحمه الله فند كل الشكوك حول مرضه والتي أتت بعد عدم قُدرته على صُعود السلالم عكس الرئيس أُوباما الذي صعدها بخفة.
فكل ألقاب الدُنيا زائلة وهناك عند العادل لن تكون الألقاب بقدر الأعمال والحسنات، فلو رجع كل من مر على كُرسي الحُكم عربيا كان أو غربيا لقال الكثير لخلفه، وفي الأخير نتمنى السلامة لرئيسنا عبد المجيد تبون، والعودة السريعة لأرٍض الوطن لمُباشرة أعماله، وتفنيد كل الشائعات، فأن تملك رئيسا خير من أن لا تملك، وكذلك نتمنى أن تُعيد السُلطات حساباتها وتفتح صفحة جديدة مع شعبها، بالإبتعاد عن المُمارسات القديمة، فنحن في عصر التكنولوجيا ،الأقمار الصناعية، والإعلام الرقمي، وعوض أن يبعث السيد الرئيس برسالة إطمئنان وشُكر لشعبه، كان بإستطاعته عمل فيديو مُسجل أو مُباشر وتبليغ الرسالة التي يُريد، وتطليق الماضي وشكلياته، وبداية جديدة مع جزائر جديدة مبنية على الصدق والثقة، فنحن هرمنا وكرهنا من الماضي، من الإستغباء وقلة التواصل.