المؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية بين التصريح والترخيص

بقلم: جواد حمضي*

مساهمة في النقاش الدائر بين الإخوة المسؤولين الرياضيين والمفتشين المحلفين بالمديريات الاقليمية لقطاع الشباب والرياضة من جهة، ومستغلي المؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية من جهة ثانية، بشأن المقتضيات القانونية المنظمة لهاته المؤسسات، واللبس الناتج عن ممارسات مخالفة للقانون، استمرت لذى البعض بالاكتساب، وبفعل نقص أو غياب التكوين المستمر والدلائل التوجيهية الموحدة لرؤساء المصالح الخارجية وأطر المكاتب الرياضية، للإلمام والتعامل مع كل ما يتعلق بالرياضة، ارتأيت أن أساهم بهده الورقة كأرضية لتعميق النقاش و تبادل المعلومات.

لقد تطرق قانون التربية البدنية والرياضة 30.09 لموضوع المؤسسات الخاصة للرياضية والتربية البدنية بشكل مباشر من خلال :المادة الاولى من الباب التمهيدي المتعلق بالتعاريف، والدي تناول من خلالها القانون مدلول: المؤسسة الخاصة للرياضة والتربية البدنية – احداث مؤسسة خاصة للرياضة أو للتربية البدنية – توسيع مؤسسة خاصة للرياضة أو التربية البدنية – تفويت مؤسسة خاصة للرياضة أو التربية البدنية .المواد 49 – 50 – 51: وهي المواد التي تنص على الشكليات الواجب اتباعها لاستغلال مؤسسة خاصة للرياضة والتربية البدنية (المادة 49)، حق الادارة في إمكانية الاعتراض على فتح هاته المؤسسات (المادة 50)، وخضوع هاته المؤسسات لمراقبة المفتشين المحلفين( المادة 51 ).

المادة 60: المتعلقة بالمراقبة الطبية.

المادة 93: المتعلقة بحق الأعوان المحلفون للولوج للأماكن التي تمارس فيها الأنشطة البدنية والرياضية. المواد 94 – 97 – 98 – 102 – 103 – 109 – 110 – 111: المحددة للعقوبات والغرامات في حالة مخافة نصوص القانون من قبل المؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية.

المادة 113: التي تعطي للمؤسسات الرياضية مهلة 12 شهرا للملائمة مع احكام هذا القانون .

وجب الاشارة هنا الى ان هاته المواد يقصد بها المشرع المؤسسات التي يكون غرضها تعليم وتكوين الأطر بهدف مزاولة مهنة تدريس التربة البدنية ( في هاته الحالة فهي تخضع للسلطة الحكومية المكلفة بالتربية الوطنية ) والمؤسسات التي يكون غرضها ممارسة نشاط رياضي و التدريب على الممارسة الرياضية ( تكون خاضعة للسلطة الحكومية المكلفة بالرياضة) موضوع ورقتنا هاته.

اذا كانت هذه هي المواد التي تطرق فيها قانون التربية البدنية والرياضة 30.09 بشكل صريح ومباشر للمؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية، فقد وجب الإشارة كذلك للمادة11 من القانون في شقها المتعلق بتأمين الرياضيين والأطر الرياضية والتي تم الاحالة الصريحة عليها من خلال المادة 49 المشار اليها اعلاه

.إن المؤسسات الخاصة للتربية البدنية والرياضة حاضرة في مقتضيات هذا القانون ومعنية بعدد من المواد الاخرى وإن لم يكن مشار إليها بشكل مباشر، فهاته المؤسسات معنية مثلا بالمواد ( 8 – 9- 10- 11- 12 – 13 14- 23 – 24 – 27 – 28 – 29 – 32 – 34 – 35 – 37 – 39 – 43 – 44 – 56 – 58 – 59 – 60 – 61 – 62 – 63 – 65 – 68 – 71 – 72 – 73 -74 – 82 – 83 – 90 -91) ان كان مستغل المؤسسة شخص معنوي أو اعتباري ( أي في شكل جمعية مثلا وهي الحالة الاعم على الصعيد الوطني ) .

كما ان المؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية معنية بالمواد ( 15-16- 17-18-19-20-21) إذا كانت مدبرة من قبل جمعية متعددة الفروع.

المرسوم التطبيقي للقانون تناول هو الاخر موضوع المؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية، بشكل صريح من خلال المواد التالية : ( 12 – 13 – 14 – 15 –17 ).

انطلاقا مما سبق يحق لنا التساؤل هل من يعتزم استغلال مؤسسة خاصة للرياضية ملزم بالحصول على ترخيص من السلطة الحكومية المكلفة بالرياضة، ومن هي الجهة داخل هاته السلطة الحكومية المخولة لها ذلك، أم أنه ملزم بالتصريح فقط ؟

إن الإجابة عن هذا السؤال تقتضي منا الرجوع الى النصوص القانونية المنظمة لهاته المؤسسات، التي سبق الإشارة لها اعلاه، وليس للعرف أو الممارسة التي كانت سائدة أو لا زالت سائدة هنا وهناك، على اعتبار أن التشريع و إصدار القوانين ليس بالأمر العبثي الذي يمكن لأي كان نجاوز مقتضياته ولو كان بحسن نية ، فالنصوص القانونية توضع لحاجة اجتماعية وتنظيمية و كذلك للاحتكام لها في حالة الخلاف، ولا يمكن لأي كان وأولها الادارات تجاوز مقتضياتها، حماية لحقوق الافراد والجماعات ولترسيخ مفهوم الدولة المواطنة، دولة المؤسسات والقانون.

برجوعنا لكل المقتضيات القانونية الواردة بقانون التربية البدنية والرياضة 30.09 وكذا المرسوم التطبيقي ومختلف النصوص التنظيمية الصادرة مقتضيات قانون التربية البدنية والرياضة 30.09 المتعلقة بالمؤسسات الخاصة للرياضة والتربية البدنية خاصة المادة 49 أوجبت بشكل صريح على أي كان، يعتزم استغلال مؤسسة خاصة للرياضة أن يدلي بتصريح مسبق إلى الإدارة، وفي حالة التوسيع أو تفويت أو إحداث ملحقة للمؤسسة أو إجراء تغييرات من شأنها ان تمس بتنظيم وتسيير المؤسسة (مثلا تحويل مستغلها من شخص ذاتي الى شخص اعتباري او تحويل شكل مستغلها من جمعية الى شركة او العكس) أو تغيير المسيرين الإدلاء بتصريح بتعديل التصريح.

ووجب الاشارة هنا الى أن المتقدم بتصريح بتعديل التصريح عليه ان يكون قد تقدم سابقا بتصريح مسبق، لأنه لا يعقل ان يتقدم المستغل بتصريح لتعديل التصريح اذا لم يكن قد سبق له وأن تقدم قبل دلك بتصريح مسبق.

اما المادة 50 من القانون فقد منحت للإدارة (السلطة الحكومية المكلفة بالرياضة موضوع الورقة هاته) الحق بعد توصلها بالتصريح المسبق، وتبين لها (من خلال التصريح) بأن المؤسسة لا تتوفر فيها شروط الصحة والسلامة ومؤهلات العاملين يمكن لها بموجب مقرر معلل ان تعترض على فتح هاته المؤسسة شريطة أن تكون قد قامت بتوجيه اعذار الى المصرح للتقيد بتلك الشروط داخل اجل 3 اشهر وعاينت بأن هدا الاخير لم يمتثل للإعذار المذكور.

فمضمون هده المادة حدد بشكل صريح حدود تدخل الادارة وربطه بحالة محددة، وهي عندمايتبين لها من خلال تصريح المصرح والوثائق المرفقة بالملف ان المؤسسة لا تتوفر فيهاشروط الصحة والسلامة (مثلا غياب الرخصة الادارية للوقاية المدنية او رخصة مكتب حفظ الصحة، التي تثبت ان المؤسسة تتوفر على شروط السلامة والصحة لاستغلالها كقاعة رياضية)، أو من خلال عدم الإدلاء بالوثائق التي تثبت مؤهلات العاملين أو لعيب يشوب هده الوثائق ، فالإدارة تكون ملزمة بتوجيه اعذار للمصرح داخل اجل 3 اشهر، وأن تقوم في هاته الحالة بمعاينة المؤسسة للتأكد هل المصرح امتثل للإعذار الموجه له أم لا، حتى يحق لها الاعتراض على فتح هاته المؤسسة، اما عندما لا يتبين للإدارة أي شيء من هدا القبيل فالقانون لم ينص على أي مقتضى قانوني في هاته الحالة.

فالمشرع هنا وتماشيا مع نصوص مشابهة في قضايا أخرى، اعتمد مبدأ الحرية في استغلال المؤسسات الخاصة للرياضة، من خلال الاكتفاء بتصريح المستغل وفق قواعد محددة قانونا ومسطرة إدارية وجب إتباعها، وهاته القواعد والشكليات لم تلزمه بالحصول على ترخيص من الإدارة، بل أوجبت عليه تقديم تصريح للإدارة وفق الشكليات المنصوص عليها ، وحصوله على وصل ايداع طلبه، ليكون في وضعية سليمة مع القانون ، وما عليه في حالة التصريح المسبق سوى انتظار انقضاء مدة 90 يوما من تاريخ إيداع تصريحه بالإدارة، ليحق له الشروع في استغلال المؤسسة، إن لم يتوصل داخل هدا الآجال من الإدارة بإعذار للتقيد بالشروط المنصوص عليها سلفا، وفي حالة التصريح بتعديل التصريح فعليه ان يقدم تصريحه 30 يوما بعد وقوع التعديل ويبقى للإدارة حق تبليغ اعذارها للمصرح داخل اجل 90 يوما الذي يلي تاريخ ايداع التصريح .

وللمزيد من التأكيد على أن من يتحدث عن الترخيص للمؤسسات الخاصة للرياضة يتحدث من خارج النص القانوني الدي وضعه المشرع لتطبيق احكامه والاحتكام لمقتضياته، يمكننا الرجوع الى المواد المتعلقة بالعقوبات الجنائية، ونكتفي بالمادتين :

المادة 97 : توجب معاقبة كل من يقوم باستغلال مؤسسة خاصة للرياضة دون ان يدلي بتصريح مسبق بذلك او بتصريح معدل له ، فالمشرع أوجب العقوبة على من لم يدلي بالتصريح وليس علي من لم لا يتوفر على بترخيص، لأنه لا وجود قانوني للترخيص اصلا، ولا يعقل مطالبة أو معاقبة أحد بأمر غير موجود، فأي تجاوز لهدا الأمر يعتبر شططا في استعمال السلطة له تبعاته القانونية، كما أن الإدارة ممثلة بالمديريات الإقليمية للسلطة الحكومية المكلفة بالرياضة، ملزمة بتقديم وصل للمصرح، لأن الوصل هو الحجة القانونية التي تثبت للمستغل تقديم تصريحه، وللإدلاء به عند الحاجة.

المادة 98 : مضمون هاته المادة هو تحديد الجزاءات على من يستغل المؤسسة الرياضية بشكل مخالف للتصريح المسبق او المعدل له ، فالمشرع هنا أنزل الجزاء بشكل واضح لا لبس فيه على من يستغل المؤسسة بشكل مخالف للتصريح، ولم ينزل الجزاء على من يستغل المؤسسة بشكل مخالف للترخيص المحصل عليه، لأنه بكل بساطة لا وجود في مقتضيات القانون للترخيص أصلا حتى يمكن ايقاع الجزاء على من يستغل المؤسسة بشكل مخالف له، كما أن هاته المادة تحيلنا على قرار وزير الشباب والرياضة ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي رقم 2044.18 بتحديد شكل التصريح من أجل فتح مؤسسة خاصة للرياضة وللتربية البدنية وشكل وصل ايداعه، فهذا القرار المشترك المستمد مشروعيته من المادة 49 و50 من قانون التربية البدنية والرياضة والمادة 12 من المرسوم التطبيقي له، ألزم المصرح بالإشهاد على صحة المعلومات الواردة بتصريحه، وكذا صحة الإمضاء طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل، وهو أمر لم يدرج بشكل اعتباطي، بل إن المشرع لما جعل الأصل في استغلال مؤسسة خاصة للرياضة هو تصريح المستغل، فقد اوجب عليه الإشهاد على صحة المعلومات الواردة بتصريحه، حتى يتحمل مسؤوليته فيما صرح به من معلومات وما قدمه من وثائق، ولتنزيل الجزاء القانوني عليه في حالة الإدلاء ببيانات كاذبة لتظليل الإدارة ولاستغلال حق منظم بالقانون ليس من حقه.

نستنتج مما سبق أن المشرع عندما ألزم من يعتزم استغلال مؤسسة خاصة للرياضية الامتثال للشروط المحددة بنصوص قانونية وشكليات مسطرية قانونية وجب اتباعها، هو نفس المشرع الذي منح للإدارة الوصية سلطات محددة وهي الاعتراض على فتحها، وقيد هذا الحق بأمرين اساسين: توجيه اعذار للمصرح ومعاينة عدم امتثاله للإعذار، اذ أن مجال تدخل الادارة محدد بنصوص القانون المشار اليها سابقا، وكل تجاوز للأمر هو مخاف للقانون وشطط في استعمال السلطة وتعسف على حق الأخرين الذي يمكن رفعه باللجوء إلى القضاء والمطالبة بالتعويض.

كما أنه برجوعنا للمادة الاولى من المرسوم التطبيقي لقانون التربية البدنية والرياضة، فقد حددت بشكل حصري مهام وزير الشباب والرياضة لتطبيق القانون، و لا نجد في هاته المهام تأهيل الوزير لمنح ترخيص لاستغلال مؤسسة خاصة للرياضة، إضافة الى أن المادة 13 من هذا المرسوم أناطت بالوزير المكلف بالرياضة، فيما يخص استغلال مؤسسة خاصة للرياضة دراسة التصريحين المشار اليهما اعلاه وتبليغ الملاحظات التي ثم إبداؤها عند دراسة التصريح الى المصرحين، أما المادة 15 من هدا المرسوم فقد اناطت به صلاحية انتداب الاعوان المكلفون بمراقبة هاته المؤسسات.

وأنا أتابع سابقا هذا الموضوع ، كنت أعتقد بأن المسؤولين من أطر الإدارة، الذين يطالبون مستغلي المؤسسات الخاصة للرياضة بالترخيص، أو الزملاء الذين يتحدثون في الموضوع و يعتبرون ترخيص الإدارة ضروري لاستغلال مؤسسة خاصة للرياضة، (كنت اعتقد) بأن ذلك راجع ربما للتنصيص عليها بمقتضيات قانون التربية البدنية والرياضة السابق (06.87) ، وأنهم لم يعملوا على تحيين معلوماتهم لعدم اطلاعهم أو عدم استيعابهم لمقتضيات قانون التربية البدنية والرياضة الجديد (30.09) ، فبقيت بذلك معلوماتهم حبيسة للقانون السابق (06.87)، غير أنه برجوعي واضطلاعي على هدا القانون (06.87) والمرسوم التطبيقي له رقم 2.93.764، لم أجد فيه هو الاخر أي اشارة إلى الترخيص بل هو كذلك ينص على التصريح، فمن اين جاء الترخيص وما هو سنده القانوني ؟

على سبيل الختم وجب الاشارة الى الفصل 6 من الدستور ينص على:

القانون هو اسمى تعبير عن ارادة الامة. والجميع، اشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون امامه، وملزمون بالامتثال له.

*إطار بالمديرية الإقليمية وزان

مقالات ذات الصلة

1 ديسمبر 2022

هل ستحجز وزان موقعها داخل الأيام 16 العالمية لمناهضة العنف ضد النساء ؟

23 يوليو 2022

الاشكالات القانونية للرقابة الادارية على مقررات المجلس وقرارات الرئيس على ضوء القانون التنظيمي للجماعات 113.14

20 يوليو 2022

التنمية الترابية بين الواقع والنظرة المستقبلية

7 يونيو 2022

أهم التحديات المستقبلية : تحدي التعقيد