أعربت منظمة العفو الدولية، عن قلقها بشأن عدد من المواد في المشروع التمهيدي للتعديلات الدستورية المُقترحة، خاصّة فيما يتعلق بالحق في التعبير والتجمع.
وانتقدت المنظمة في بيان لها، حملة القمع والاعتقالات الواسعة، التي تشنُّها السلطات الجزائرية ضدّ النشطاء والمتظاهرين، وقالت إن ذلك يهدّد بتقويض مصداقية عملية الإصلاح الدستوري في الجزائر.
وفي مذكّرة أُرسلت إلى السلطات الجزائرية، أعربت منظمة العفو الدولية عن قلقها بشأن عدد من المواد في “المشروع التمهيدي” للتعديلات الدستورية المُقترحة، مثل المواد المتعلقة بالحق في التعبير، والحق في التجمّع، والحق في الحياة؛ بينما رحَّبت المنظمة ببعض المواد التي اتسمت بصياغات قوية بشأن حقوق المرأة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، إن السلطات الجزائرية إذا كانت ترغب في أن تُؤخذ عملية إعادة صياغة الدستور التي تقوم بها على محمل الجد، فإنه يتعيَّن عليها الكف عن القبض على نشطاء المعارضة، والإفراج عمّن احتُجزوا أو حُكم عليهم دونما سبب سوى ممارسة حقهم في حرية التعبير وحرية التجمع.
وأضافت هبة مرايف قائلةً: “في وقت يرزح فيه خلف قضبان السجون نشطاءٌ سلميون من المجتمع المدني والنشطاء السياسيين، بالإضافة إلى صحافيين، تأتي مسوَّدة تعديل الدستور للتذكرة بأن الواقع أبعد ما يكون عن وعود السلطات التي لم تتحقق، بأن تنصت إلى أصوات الحركة الاحتجاجية المعروفة باسم الحراك”.
وفي تعليقها على مسودة الدستور المعروضة، قالت منظمة العفو الدولية، إن بعض التعديلات المقترحة قاصرةً عن الوفاء بالمعايير الإنسانية لحقوق أخرى من حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة، حيث تُبقي هذه التعديلات الباب مفتوحًا لإمكان العودة إلى فرض عقوبة الإعدام.
وتعدّ الجزائر طرفًا في عدد من معاهدات حقوق الإنسان، من بينها “الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب”، و”العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، و”العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.
وبحسب المنظمة، فإنه من شأن التعديلات المقترحة أن تعزّز صلاحيات “المجلس الأعلى للقضاء”، وهو هيئة إشرافية تتمتع بالاستقلال الإداري، إلا إن الحكومة سوف تستمر في الاحتفاظ بصلاحيات كبيرة للهيمنة على النظام القضائي، بما في ذلك احتفاظ رئيس الجمهورية برئاسة “المجلس الأعلى للقضاء”، ومنحه صلاحية التعيين المباشر لمن يشغلون مناصب قضائية مهمة.
كما ينصُّ “المشروع التمهيدي لتعديل الدستور”، وفق أمنيستي أنترناسيونال، على أن حرّية الصحافة لا تُقيَّد بأي شكل من أشكال الرقابة المُسبقة، ولكنه يجعل هذه الحرية مشروطةً باحترام “ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية” والعمل في إطار القانون.
وهذان الشرطان، في تحليل المنظمة غير الحكومية، “يُبقيان الباب مفتوحًا أمام السلطات للانقضاض على الصحافيين وغيرهم ممن ينتقدون السلطات”، لأن تقييد النص بالقانون المحلي حسبها، يتيح اللجوء إلى قوانين قمعية، من قبيل التعديلات التي أُدخلت على قانون العقوبات، واعتُمدت في أفريل 2020، وهي تعديلات تُجرِّم نشر “أخبار كاذبة”.
وأضافت منظمة العفو الدولية لانتقاداتها، أن النصّ المقترح يكفل الحق في التجمّع السلمي، إلا إنه ينصُّ هنا أيضًا على أن “يحدد القانون كيفية” ممارسة هذا الحقّ، علمًا أن القانون الجزائري عقوبات جنائية على “التجمهر غير المسلح”، وهي تهمة كثيرًا ما تُستخدم لاعتقال ومحاكمة معارضين سلميين.