الطاهري…”الهشاشة الاجتماعية وضعية منذِرة تستدعي من الدولة برنامجا استعجاليا”

يقلم: سعيد الطاهري

وقفت الدولة من خلال لجنة اليقظة المعنية بصندوق كورونا ومعطيات المندوبية السامية للتخطيط وتقارير اخرى تهم وزارة الداخلية، على حجم مساحة الهشاشة الاجتماعية التي تزداد توسعا والتي تشمل ما يفوق خمسة ملايين اسرة مغربية لا تملك أي احتياط لتوفير العيش لأكثر من ثلالة اسابيع أو أربع.

وإذا تم احتساب صغار الموظفين والجنود وصغار الفلاحين والشغيلة العرَضية، فسندرك أن الهشاشة تشمل أكثر من ثلثي ساكنة البلد. وأن الدولة هي الملاذ الوحيد عند أي أزمة حادة مثل أزمة الوباء، وتتأكد معها الحاجة الملحٌة إلى مخططات للتنمية البشرية.

فالطلب المرتفع على التضامن جراء الحجر الصحي يُسائل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي كانت أهدافها المُعلنة من صميم الاستجابة لواقع مأزوم، وكان حريٌا أن تُحقق نسبة معتبرة من أهدافها خاصة وأنها استهلكت الملايير من الدراهم على مدى أكثر من عشر سنوات.. دون أن توفر تحصينا ولو في الحد الأدنى لمواجهة تداعيات وباء كورونا. حيث تبيٌن وبالملموس أن المبادرة التي كانت استباقية وهادفة في التفكير الاستراتيجي للدولة، لم تُؤتي ثمارها في التخفيف من الهشاشة، بل على العكس، أقرت المندوبية السامية للتخطيط بتوسع مساحتها بغضٌ النظر عن آثار الجفاف. وبذلك يتأكد غياب حكامة ناجعة في تنزيل المبادرة، إضافة الى اختراقها لاعتبارات سياسوية محلية و إلى تهافت النسيج الجمعوي على الانتفاع المصلحي، وضعف التتبع والرقابة، وهو ماوضع المبادرة على المحك في تحقيق أهدافها أمام الوضع الفُجائي الذي أحدثه الوباء وتعريته لمدى فداحة الخصاص الاجتماعي الذي ينذر بعواقب وخيمة، قد ترفع من حدٌة الاحتقان وبالتالي ارتفاع في وثيرة الاحتجاج بما يهدد الاستقرار. خاصة أن حالات الاحتجاج رغم الحجر الصحي التي عرفتها نقط مختلفة من حواضر وقرى تؤشر عليه وتُحيل على الغضب المستبطن لدى فئات واسعة داخل المجتمع.
لذلك ومن أجله، على الدولة أن تضع برنامجا استعجاليا لمواجهة الهشاشة تتم من خلاله مراجعة جذرية للمبادرة الوطنية للتنمية، ودمجها ضمن برنامج يعمد الى ترتيب التضامن بعد رفع الحجر الصحي مع الفئات المعوزة، بتخصيص دعم شهري مستدام، ودمج مؤسسة التعاون الوطني ومديرية الإنعاش الوطني ضمن البرنامج الاستعجالي، وفتح أوراش تشغيل في البوادي للتخفيف من حدة الجفاف على الأسر والمناطق المتضررة، والحد من الهجرة إلى المدن التي من المحتمل أن تعرف موجة جديدة بعد كورونا.
برنامج استعجالي تضامني لسنتين أو ثلاثة سنوات، سيوفر حدٌا أدنى من الأمن الاجتماعي ويوثٌق الثقة والمشاركة في أفق تهييء جزء مهم من الظروف الملائمة لتنزيل التوجهات الكبرى والمقتضيات التي سيأتي بها النموذج التنموي المرتقب، والذي وجوبا سيأخذ بأولوية الوضع الاجتماعي والتصدي لاختلالاته، كما أن البرنامج سيسمح بتوفير مناخ مساعد على تحقيق مشاركة معتبرة في الاستحقاقات المقبلة، والمساعدة على محاربة المال الانتخابي الذي يَستثمِر سياسيا في الفئات الهشة، والذي يؤثر سلبا على أداء المؤسسات المنتخبة التي يتحتٌم أن تكون رافعة للتنمية ودرعا أساسيا من دروع المغرب الجديد المنتظر والمطلوب في المسقبل القريب..

*فاعل سياسي

مقالات ذات الصلة

1 ديسمبر 2022

هل ستحجز وزان موقعها داخل الأيام 16 العالمية لمناهضة العنف ضد النساء ؟

23 يوليو 2022

الاشكالات القانونية للرقابة الادارية على مقررات المجلس وقرارات الرئيس على ضوء القانون التنظيمي للجماعات 113.14

20 يوليو 2022

التنمية الترابية بين الواقع والنظرة المستقبلية

7 يونيو 2022

أهم التحديات المستقبلية : تحدي التعقيد