تلقت الجزائر ضربة موجعة في اقتصادها بعد إزاحتها موقعها كمصدر أول والذي لثلاثة عقود من سيطرة الغاز الجزائري على حاجيات إسبانيا، بعد أن قفزت الولايات المتحدة الأمريكية إلى الواجهة، باحتلالها المرتبة الأولى من حيث صادرات الغاز إلى هذه الدولة التي تعتبر أول زبون للجزائر منذ عقود.
وهذا يأتي بعد الانهيار الصادم لأسعار البترول والغاز اللذين تعتبر عائدتهما المصدر الأساسي للاقتصاد الجزائري والذي يغطي 98 في المائة من واردات الجزائر.
وكشفت شركة “كريس” الاسبانية المعنية بتسيير احتياطيات المحروقات، أن صادرات الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسبانيا من الغاز أصبحت تعادل 27 بالمائة في فبراير 2020 ما يعني أن الجزائر أصبحت في الرتبة الثانية من حيث صادرات الغاز إلى هذا البلد، وقد قدرها المصدر ذاته بواقع 22.6 بالمائة من حاجيات اسبانيا من الغاز .
وظلت الجزائر على مدار ثلاثة عقود الممول الرئيسي لإسبانيا بالغاز وهي المعادلة التي تغيرت منذ تحول الولايات المتحدة الأمريكية من مستهلك للغاز إلى مصدر له، وذلك بفعل الطفرة التي يشهدها هذا البلد على صعيد إنتاج الغاز والزيت الصخريين.
الحكومة الجديدة منذ وصولها إلى الحكم في إسبانيا في عام 2018، انتهجت سياسة تنويع صادراتها من الغاز والنفط، حيث اشترت كميه معتبره من النفط الأمريكي والفنزويلي وذلك في سياق تنويع مصادر الطاقة، حيث استوردت في سنه واحدة ما يعادل 1.82 مليون طن من النفط الفنزويلي، فيما زادت نسبة شرائها من النفط الأمريكي ما نسبته 58 بالمائة اي 1,4 مليون طن في السنة.
ويرجع المراقبون هذا التوجه إلى تقاطع المصلحة بين دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، مدفوعين بالرغبة في الحد من التبعية للغاز الروسي القادم من الشرق، والذي يعتبره الاستراتيجيون في بروكسل ورقه ضغط في يد موسكو من أجل فرض أجندات معينه على الدول الأوروبية.
وتصدر الجزائر غازها عبر أنبوبين من الغاز، الأول هو “ميدغاز” ويربط البر الجزائري بالإسباني مباشرة، من ميناء بني صاف باتجاه الميريا وتسيطر شركة سوناطراك على غالبية أسهمه، والثاني يربط الجزائر بإسبانيا عبر البر المغربي، تعتبره الجزائر أقل أهمية، حسب مصادر إعلامية جزائرية مقربة من النظام، ويقال بأنها قد تقدم على وقف استغلاله قريبا.
من جهة أخرى، تتوقع “ريستارد إنرجي للاستشارات” انخفاض أسعار الغاز العالمية حتى 2022 ، بسبب تأثيرات فيروس كورونا المستجد وستظل ضعيفة على ما يبدو في السنوات القليلة القادمة.
وقبل تفشي الفيروس، كانت أسعار الغاز بالفعل أقل من المتوسط بسبب فائض إمدادات الغاز الطبيعي المسال في السوق، ومن المتوقع الآن أن يبلغ سعر الغاز القياسي الأوروبي في مركز “تي.تي.إف” الهولندي 3.2 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية بانخفاض 0.62 دولار مقارنة مع توقعات سابقة في فبراير، كما تراجعت أسعار الغاز المسال في آسيا بشدة إلى ما يقل عن ثلاثة دورات للمليون وحدة بعد مكاسب على مدى ثلاثة أسابيع.
ومن المتوقع أن يبلغ سعر الغاز الأمريكي في مركز هنري 1.94 دولار للمليون وحدة حرارية في المتوسط في 2020 و2.43 دولار في العام القادم.
وقالت شركة الاستشارات إن خفض التوقعات يستند إلى ضعف الطلب المتوقع عالميا خلال العام نتيجة لتراجع الأنشطة التجارية والصناعية، وتتوقع “ريستاد” أن تظل الأسعار منخفضة حتى 2020، ثم سيؤدي شح في سوق الغاز الطبيعي المسال إلى ارتفاعات كبيرة للأسعار في 2024 و2025.