يسعى النظام الجزائري حالياً إلى التغلب على الأزمة الصحية، التي تواجهها البلاد، لـ”استعادة شرعية مفقودة”، بحسب عدد من المراقبين، والتي تعود إلى ضعف المشاركة في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في 12 ديسمبر الماضي، حيث لم تتجاوز نسبتها 40 في المائة، وعرفت لأول مرة مقاطعة تامة من طرف سكان منطقة بكاملها، وهي منطقة القبائل (شرق البلاد)، وذلك استجابة لمطب الحراك الشعبي، الذي رفض الانتخابات.
ولكسب بعض النقاط لصالحها، تحاول الحكومة المرفوضة من قبل الحراك الشعبي، تعبئة طاقاتها الصناعية بفضل بعض الشركات الحكومية لإنتاج كميات من المستلزمات الطبية بهدف تطويق الأزمة الصحية، مثل أجهزة التنفس الصناعي، والكمامات والقفازات الواقية، ومستحضرات التعقيم.
كما بدأت بالموازاة مع ذلك تسلم شحنات وسائل الوقاية من الصين، وأحاطت أعمال الاستيراد بحملة دعائية، حيث نزل رئيس الوزراء عبد العزيز جراد إلى المطار لاستقبال طائرتين عسكريتين محملتين بملايين الكمامات الصينية.
وتم إعلان مخصصات مالية لاستيراد المنتجات والمواد الخاصة بمحاربة الوباء. فيما أكد الرئيس تبون مرات عدة على أن “الوضع تحت السيطرة”، وأن “الدولة ليست عاجزة أمام الجائحة، بعكس ما يزعم البعض”، وهي تصريحات إعلامية مكشوفة ويعرف الجزائريون ان تبون، الذي تم تعيينه من قبل العسكر ضدا على الإرادة الشعبية، لا يمكن أن يقنع أحدا ولا يمكلك مفاتيح التغيير في البلاد لان الامر يتعلق بنظام عسكري يختفي وراء واجهات مدنية.
لكن في مقابل هذه المناورات، تتعرض الحكومة لانتقاد حاد من طرف قطاع من المعارضة، ونشطاء حقوق الإنسان، وعلى أكثر من صعيد. وفي هذا السياق، قال مراد بياتور، المكلف الإعلام بحزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” المعارض، إن السلطة “لا تفرق وهي تتعامل مع الوباء بين أزمة صحية، وأزمة أمنية”، في إشارة إلى استمرار اعتقال وسجن المتظاهرين، ومحاكمة مناضلين معارضين، في عزّ الأزمة.
من جانبه، كتب أستاذ الإعلام بجامعة الجزائر العاصمة، رضوان بوجمعة، بهذا الخصوص: “توجد مؤشرات على أن العهد الجديد، الذي يبشر به تبون، الذي كان أحد أهم الوزراء الذين اشتغلوا مع بوتفليقة لسنوات عديدة، هو استمرار جزء هام من ممارسات بوتفليقة، وهو أمر لا يثير أي استغراب. فقد رحل بوتفليقة وبقي نفس نظام الحكم، الذي لا يمكن إلا أن يعيد إنتاج الفشل والفساد والاستبداد، وآخر هذه المؤشرات سجن العديد من المناضلين السياسيين وأصحاب الرأي المعارض للنظام، واستمرار التضييق على كل ممارسة سياسية لا تخضع للرقابة، والتسيير الإداري للفعل السياسي. وأيضاً استمرار منظومة الإعلام في ممارسة الدعاية ونشر الأخبار الكاذبة…” وختم بوجمعة بالقول: “إنه وضع يريد المجتمع تغييره من أجل بناء دولة المؤسسات والقانون… دولة تبني المستقبل خارج منطق الولاء للأشخاص والريع والفساد”