بقلم: بوجمعة العوفي*
على الجميع أن يقتنع أولا، بأن وزارة الثقافة لا تقل أهمية عن باقي الوزارات والقطاعات الحكومية الأخرى، بالنظر إلى طبيعتها ومهامها الجسيمة ودورها الحيوي، كما أتصوره على الأقل، في النهوض بقطاعات الثقافة والفنون في بلدنا العزيز، وجعْلِ مشاريعها وإنجازاتها وتجسيداتها المادية والرمزية رافدا حقيقيا للتنمية، ثم إيمانا مني بما للثقافة والفنون، بجميع أشكالها وتعبيراتها كحاضنة وحافظة في الوقت نفسه لذاكرة الأمّة، من دور أساسي في تهذيب الأرواح وإغناء العقول، وترسيخ الحس الديموقراطي والوعي الجمالي وقيم الحضارة والسلوك المدني والتربية على المواطنة، المبنية أساسا على حُبّ الوطن والمساواة والتسامح والتواصل ونبذ التطرف والعنف والقبول بالاختلاف والمغايرة في الرأي، والمساهمة الخلاَّقة في إعداد المجتمعات إعدادا جيدا في آخر المطاف، يكون من الضروري بالنسبة لي، كفاعل في المشهد الثقافي الوطني، توجيه مجموعة من الرسائل والملاحظات والاقتراحات إلى السيد وزير الثقافة الجديد، بحُرقَتها وهواجسها وأسئلتها وانتظاراتها الكثيرة، التي نتمنى صادقين أن تتحقق ويتم تنزيلها على أرض الواقع، مثلما واعدتْ والتزمت بذلك البرامج الانتخابية لحكومة السيد عزيز أخنوش، وخصوصا لِما خلّفَته الجائحة من آثار موجِعة على قطاعات الثقافة والفنون المغربية، وكذا كل المشتغلين بالمهن المرتبطة بها.
من هنا، أتساءل في البداية، وبحرقة شديدة أيضا: هل توجد في المغرب “حياة ثقافية” فاعلة ودينامية بالمعنى الحقيقي للعبارة، كما هو موجود ومتعارف عليه في الكثير من الدول، المتقدم منها والسائر في طريق النمو، والتي جعلتْ من الثقافة أولوية وحاجة قصوى في بناء الإنسان وتنمية المجتمع تنمية حقيقية وسليمة.
وحتى لا يُفْهَمَ من كلامي هذا بأنني أسعى إلى تبخيس الثقافة المغربية، وأستكثر عليها مسألة أن تكون لها وزارة خاصة، أو أني أستكثر على الوزارة نفسها أيضا بأن تكون جديرة بإدارة وتدبير شؤون هذه الثقافة، يكون من الضروري القول بأنه ليست لي شخصيا نزاعات أو صراعات يمكن أن تكون ذاتية أيضا مع أي مسؤول في هذه الوزارة، وليست لي كذلك أسباب معينة لأكون حاقدا أو متحاملا على أيّ كان، لكن خارِجَ هذا الاعتقاد المغلوط الذي كرسَتْه الكثير من الحزبيات والرسميات وأشكال المساطر والبروتوكولات الإدارية، التي قد تعمل بوسائلها وآلياتها الخاصة على تحجيم الرؤى وطبيعة الثقافة نفسها، يكون من واجبي هنا، بصفتي مواطنا مغربيا وواحدا من المنتمين إلى الحقل الثقافي المغربي، أن أطرح هنا مجموعة من الملاحظات والتساؤلات، محاولا الإشارة فقط إلى بعض الاختلالات المزمنة والمتأصلة في جسد وزارة الثقافة المغربية وما تزال ملتصقة بها، هي المؤسسة التي تَعاقَب على رأسها ومسؤوليتها، منذ الاستقلال إلى الآن، الكثير من الأشخاص والأسماء، منهم المتحزب والتقنوقراط، الكاتب والمفكر والشاعر والفيلسوف، حيث تغيرت الدنيا ولم يتغير كثيرا حال هذه الوزارة، بالرغم من تعاقب كل هؤلاء على رأسها وجها بوجه، والقليل منهم فقط ترك بعض البصمات على بعض إنجازاتها وعملها، ولو بشكل محدود ومحتشم وغير مُتّصل بتاتا، ظلتْ تطبعه القطيعة وعدم الاستمرارية والعديد من الإكراهات، مع ميزانيتها الهزيلة، والتي أضحتْ تُعرف في المغرب بـوزارة ” ثلاثة في المائة ” من الميزانية العامة للدولة، أو وزارة “صفر فاصلة شي حاجَة “، إلى درجة أن أحد السياسيين المغاربة سبق وأن شبه ميزانية وزارة الثقافة المغربية بـ “ميزانية أصغر مَحْلَبة في أوروبا”، وتلك قصة أخرى؟
مع ذلك، فمسألة ميزانية وزارة الثقافة، بالرغم من هزالتها، لا ينبغي أن تظل بمثابة تلك الشماعة الوحيدة التي نعلق عليها عدم قدرة هذه الوزارة على تحقيق دفعات نوعية وقوية للثقافة المغربية بمكوناتها المادية واللامادية، ولو أن تنفيذ الاستراتيجيات والمشاريع الثقافية الكبرى والنوعية يحتاج بالضرورة إلى ميزانية ضخمة كذلك، إلا أن هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي لا تحتاج بالضرورة إلى ميزانية من حجم كبير، وخصوصا فيما يتعلق بالمسؤولية الشخصية للوزراء أنفسهم وطريقة تدبيرهم لشؤون الثقافة ووزارتها، من خلال الاختيارات الجيدة والموضوعية للموارد والطاقات البشرية (التعيينات والتكليفات في المهام ومناصب المسؤولية). إذ تحتاج هذه المهمة أو المسؤولية فقط إلى الكثير من الحياد والموضوعية والصرامة والغيرة على الثقافة المغربية، انطلاقا من اختيارات صائبة لهذا الوزير أو ذاك في تشكيل مستشاريه وعناصر محيطه وطاقم عمله ومديري ومسؤولي مصالحه المركزية والجهوية والإقليمية.
إذ يكفي القيام بمسح بسيط لطبيعة وممارسات بعض هؤلاء المديرين والمسؤولين، مركزيا وجهويا وإقليميا، في قطاع الثقافة، عبر بعض الحكومات المتعاقبة، لنقف على هذا الكم الهائل من الاختلالات، مما أَضَرّ كثيرا بالوزارة وبالثقافة المغربية نفسها، هي القلعة المنيعة، إلى جانب قطاع التربية والتعليم، التي ينبغي أن تظل بعيدة كل البعد عن كل أشكال هذه الاختلالات، وهي القطاعات الحافظة والضامنة أساسا للهوية المغربية، والشخصية المغربية، وذاكرة الأمّة المغربية العريقة والعتيدة، والمواطن المغربي الذي ينبغي أن يجد في الثقافة والتربية والتعليم ذلك الصمّام الحقيقي والأمين لحمايته من كل أنواع المخاطر، وجعْلِه في مستوى التحديات المحلية والإقليمية والدولية التي يوجهها المغرب الآن وأكثر من أي وقت مضى، مما يجعل مسؤولية وزارة الثقافة كبيرة وذات أهمية في نشر الثقافة والفكر والفنون الرفيعة والجادة والمواطِنة، بما يقتضي ذلك من تشجيع النشر والإبداع كمّا وكيفاً، وتكريس امتداداتهما الفعالة في كل المؤسسات الثقافية والفنية، تحصينا لبلدنا وشبابنا، الذي هو رأسمالنا وثروتنا الحقيقية، من كل أشكال الفكر الظلامي والمد الديني والإيديولوجي المتطرف، الذي أصبح يجد بسهولة فرائسَه السهلة و”جُنُودَه ” المخلصين بشكل أعمى داخل تعليم هش وثقافة مهلهلة ما زالت دون مستوى كل التحديات.
وبالرغم من إيماني العميق كذلك بأن هناك بعض الشرفاء وذوي الكفاءات والضمائر الحية والنبيلة داخل وزارة الثقافة المغربية، ولديهم فعلا هذه الرغبة الحقيقية والصادقة في خدمة مبادئ الوطن وقيمه السامية وصيانتها، فإنني أتوق فعلا، ككل المثقفين والفنانين والمواطنين المغاربة، إلى رؤية إستراتيجية ثقافية واضحة ،تندرج في سياق صناعة ثقافية حقيقية أيضا، بدَل الاكتفاء بثقافة السياحة والمهرجانات والصالونات، إذ المطلوب، هنا، أن يصبح الإصلاح والهم الثقافي هَمّا مجتمعيا، يتجاوز المؤسسات التابعة لوزارة الثقافة إلى قطاعات أخرى مثل: التعليم والإعلام وغيرها من المجالات الحيوية للبلاد.. وهو ما يقتضي الرهان على الأسماء والكفاءات الحقيقية في هذه القطاعات، إذ لا يمكننا، هنا، أن نتحدث عن أي شكل من أشكال الإصلاح بدون مُصلحين!
وبما أن “النيات أو النوايا الحسنة” وحدَها لا تكفي للإصلاح وتخليق التوجهات والممارسات في قطاع الثقافة وغيرها، فسيكون من الضروري، بل من الواجب الوطني أيضا، ترجمة هذه النوايا إلى حقائق ملموسة وتنزيلها في الواقع بما لا يترك مجالا للشك أو للقيل والقال. وهنا إشارة أولية إلى بعض أشكال الاختلال التي ظلتْ وما تزال تعاني منها وزارة الثقافة المغربية، وما نراه مناسبا وموضوعيا ومنطقيا أيضا فيما ينبغي أن تكون عليه هذه الوزارة:
ـــ بغض النظر عن كثرة المديريات الجهوية والإقليمية للثقافة، فإن القليل منها من يشتغل بمثابرة واجتهاد وابتكارية وموضوعية، إذ تَغلُب الرتابة والارتجالية في البرمجة والتنظيم على عمل الكثير من هذه المديريات، مع ضعف في الانفتاح الحقيقي على كل المؤسسات والفعاليات المنشغلة بالسؤال الثقافي، ناهيك عن حضورها الباهت في الفضاء الرقمي والبث التفاعلي، في زمن يكاد يصبح بكامله رقميا ومُعولما، خاصة أمام عزوف المواطنين المغاربة عن القراءة والتداول الفكري والثقافي، فكم من مديرية للثقافة، جهوية وإقليمية، لها موقع محترم واحترافي على الإنترنت (موقع اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي؟) وكم منها يقوم بطبع أشغال ندوات المهرجانات والملتقيات المنظَّمة في كُتب ومنشورات؟ سنجد الحصيلة هزيلة جدا، بل حتى مُخجلة من دون شك!
ـــ تحتفل الدول المتقدمة سنويا بالدخول الثقافي الجديد، من خلال عرض إستراتيجية وزارة الثقافة أو المؤسسات ذات الصلة من دور نشر ومكتبات وطنية وملحقاتها المؤسساتية، عبر تبني خط تصاعدي في النشر والتوزيع كمّا وكيْفا، فهل ستكون وزارتنا راضية على هذا الدخول الثقافي المحتشم لكل سنة، خاصة أمام تدني مستوى القراءة ببلدنا وتدني أرقام الكتب المنشورة؟ ناهيك أننا لم نتجاوز سقف 1000 نسخة، على أكثر تقدير، للعناوين المنشورة لكل كاتب، إذ الملاحظ، لا على مستوى المجلات أو الكتب المدعمة من قبل وزارة الثقافة، أن عددها لا يتجاوز الــ 500 نسخة.
ــ يقتضي العمل المؤسساتي الرصين إيلاء الكثير، بل المزيد، من من العناية والأهمية لمجال النشر في مجال الكِتاب وإصدار المزيد من المجلات العلمية والفكرية والأدبية والفنية المتخصصة، وإسناد مسؤولية رئاستها وتدبيرها إلى مثقفين ومثقفات مشهود لهم ولهن بالكفاءة وبغزارة الإنتاج الكتابي والإبداعي في مجالات تخصصهم على وجه التحديد، ثُم إيلاء الكثير من الاهتمام كذلك إلى الجانب الإحصائي والتوثيقي للمنتوج الثقافي والفني المغربي بشكل خاص. لذلك يكون رجاؤنا ومطلبنا أن تعمل وزارة الثقافة، وبشكل مكثف ومتواصل، على إعداد ونشر دراسات وأنطولوجيات وببليوغرافيات ومونوغرافيات لما ينتجه ويبدعه الكُتّاب والشعراء والمفكرون والفنانون المغاربة في شتى المجالات، خاصة وأن الكثير من كتب المغاربة تنشر في الخارج، ولا تجد منها نسخا حتى في المكتبة الوطنية؟ فما هي إستراتيجية وزارة الثقافة في سياق ما بات يعرف عالميا بالصناعات الثقافية، خاصة أمام قلة ما يُنشر، وصعوبة التوزيع وطنيا، أما عربيا، فالكتاب المغربي يعاني من حيف كبير من حيث التوزيع ووصوله إلى القارئ والباحث والمهتم.
ـــ أريد أن أقتنع، كمواطن مغربي ينتمي إلى حقل الثقافة المغربية، بأن بعض التعيينات والتكليفات التي كانت تتم في بعض مواقع المسؤولية والمهام داخل وزارة الثقافة (مركزيا وجهويا وإقليميا) هي ترجمة حقيقية ووفية لمبدأ أو لمقولة: “الرجل المناسب في المكان المناسب” أو “المرأة المناسبة في المكان المناسب”.
ــ أحتاج فعلا إلى من يقنعني بالدليل القاطع أيضا بأن الكثير من أشكال الدعم المقدمة من طرف وزارة الثقافة للمؤسسات الثقافية الوطنية الكبرى (“اتحاد كتاب المغرب” و”بيت الشعر في المغرب” على سبيل المثال لا الحصر)، ولمشاريع الأشخاص والجمعيات والمؤسسات في مجالات الكتاب والنشر والتظاهرات والمشاريع الثقافية والفنية، هي أشكال ومَبالِغ دعم مُستحَقة، إذ ظلت أشكال وطبيعة هذا الدعم وقيمته موضع تساؤل كبير، وموضع استنكار واحتجاج واسعين من لدن العديد من المتضررين والمقصيين والمغضوب عليهم من المثقفين والكُتّاب والفنانين والفاعلين الثقافيين والفنيين المغاربة، والوقائع والأمثلة في هذا السياق كثيرة ومعروفة وموثقة، ويمكن العودة إليها.
ــ وإن كنا نحترم، حقيقة، الكثير من المجهودات المبذولة من طرف الوزارة في تنظيم المعرض الدولي للكتاب، بما يتيحه من فرص مهمة للتشجيع على القراءة وتداول الكتاب وحضور ندوات وأنشطة ثقافية وفكرية موازية مهمة، فإننا نعتبر ذلك غير كاف بالنسبة لحجم وشساعة وغِنى المنتوج الثقافي والفكري والإبداعي المغربي، لذلك يكون من الضروري، في هذا السياق، العمل على إنشاء فضاء آخر، خاص ومميز وعصري للمعرض الدولي للكتاب والنشر، وزيادة حجم الدعم المادي المخصص للمعارض الجهوية للكتاب وتطوير تصوراتها وبرامجها وتدبيرها، ثم الحرص على استمرارية إقامتها باحترافية أكثر وبانتظام، حتى يجد الكُتاب والمفكرون والباحثون المغاربة، ممن لم يستطع المعرض الدولي للكتاب والنشر استيعاب إصداراتهم ونشاطهم الإبداعي والفكري، فرصا أخرى لعرض منتوجهم والتواصل مع المهتمين وعموم القراء والباحثين.
ــ هل يُعقَل أن تظل جائزة المغرب للكِتاب، والتي تحمل اسم المغرب (البلد بقامته الشامخة) متواضعة إلى هذا الحد، سواء بالنسبة إلى آفاقها وامتداداتها (ترجمة الأعمال الفائزة وترويجها وطنيا وعربيا ودوليا)، أو بالنسبة لقيمتها المادية الهزيلة، هي القيمة المادية لا تليق باسمها ولا بقيمة الحاصلين عليها، إذ “لا تسمن ولا تُغْني من جوع”؟ لماذا لا تأخذ وزارة الثقافة المغربية العبرة والمقاييس ومواصفات الجوائز العربية المحترفة والمحترمة من دول الخليج على سبيل المثال لا الحصر؟ مع أخذنا، طبعا، بعين الاعتبار الكثير من الملاحظات التي يتم توجيهها لهذه الجوائز العربية، لكنها تظل، على الأقل، بالنسبة إلى وضعنا المغربي الراهن نموذجا وقدوة. فهناك جائزة “البوكر العربية” (الجائزة العالمية للرواية العربية)، بحيث تُمنح للرواية الفائزة بالمرتبة الأولى مبلغ خمسين ألف دولار أمريكي (يعني حوالي 500.000 درهم بالعملة المغربية)، إضافة إلى عشرة آلاف دولار ( 100.000 درهم مغربي) لكل رواية من الروايات الست ضمن القائمة القصيرة، بينما لا تتجاوز القيمة المادية لجائزة المغرب للكِتاب (120.000 درهم مغربي)؟
ثم هناك جائزة “كتارا للرواية العربية” التي تهدف إلى ترسيخ حضور الأعمال الروائية العربية المتميزة عربياً وعالمياً، وإلى تشجيع وتقدير الروائيين العرب المبدعين لتحفيزهم للمضي قدماً نحو آفاق أرحب للإبداع والتميز، إذ تلتزم الجائزة بالتمسك بقيم الاستقلالية والشفافية والنزاهة خلال عملية اختيار المرشحين، كما تقوم بترجمة أعمال الفائزين إلى اللغة الإنجليزية والإسبانية والفرنسية، وتحويل الرواية الصالحة فنياً إلى عمل درامي مميز، ونشر وتسويق الروايات غير المنشورة، حيث تَفتح الجائزةُ باب المنافسة أمام دور النشر والروائيين على حد سواء، بما فيهم الروائيون الجدد الذين لم يتم نشر أعمالهم الروائية، وهناك نماذج أخرى متقدمة لجوائز الفكر والبحث والإبداع في العالم العربي، يمكن لوزارة الثقافة المغربية أن تأخذ منها المواصفات والمقاييس والعبرة. أين يكمُن المشكل؟ هل في غياب الإرادة أم في غياب الرؤى والتصورات؟
وليس إعطاء النموذج من هذه الجوائز، هنا، بالخبر الجديد أو بالفتح المُبيِن، وأَعْلَمُ بأن الوزارة تعرف هذا النوع من الجوائز حق المعرفة، وهي ليست في حاجة لأن يُذَكّرها أحدٌ بها أو يُقدّم لها النصيحة، لكن حقي في السؤال، كفاعل ثقافي، يظل مشروعا، مهما اختلفتْ وتباينتْ المواقع والمسؤوليات بيننا كمواطنين مغاربة. مِنْ ثَمّ، أعود وأقول: أين نحن فقط من هذه الجوائز العربية المميزة؟ وماذا ستقوم به وزارة الثقافة المغربية إزاء غِنَى وتَراكُمِ وتَعدُّدِ الإنتاج الأدبي والفكري والعلمي والفني المغربي، لتبرزه وتكَرِّسه وتنشره محليا وعربيا أولا، كي يتمكن من الوصول بعد ذلك إلى الانتشار الواسع وإلى العالمية؟
هذا “غيْضٌ من فَيْض” كما يقال، آملين أن يتم تدارك كل هذه الاختلالات في وزارة الثقافة المغربية، وأن يتسع صدر السيد الوزير، إلى همومنا وملاحظاتنا واقتراحاتنا وشكوانا النابعة من حبنا وإخلاصنا غير المشروط للوطن ولثقافته المتعددة والمجيدة، ويعمل على ترميم وتدارك كل أشكال هذه الاختلالات في جسد الوزارة وتدبيرها وطريقة عملها في آخر المطاف. إن غايتنا الرئيسة، في هذا الإطار، هي أن نهمس في أذن السيد وزير الثقافة الجديد بكلمة حق، ونستيقظ كل يوم لنجد الثقافة المغربية في أبهى حُلّتها، مثل عروسة يمتلئ كفها بالفراشات، ونجد الوطنَ مثل حديقة ملونة.