يسير لبنان بخطى ثابتة على طريق المجاعة. فلا يجد اللبنانيون مخرجا لأزماتهم الاقتصادية والاجتماعية المتتالية، التي تجلى آخرها بقرار المصرف المركزي برفع الدعم عن المحروقات.
رفع الدعم عن المحروقات، يعني أن سعر صفيحة البنزين مثلا، سيصبح، وفقا لسعر الدولار بتقييم السوق اليوم، قرابة 330 ألف ليرة، في حين أن الحد الأدنى للأجور في لبنان لا يتجاوز 620 ألف ليرة.
يقول الخبير الاقتصادي البروفيسور جاسم عجاقة لـRT إن الجميع كانوا على علم بالقرار الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهو قرار صادر عن المجلس المركزي في مصرف لبنان برئاسة الحاكم وليس عن الحاكم نفسه.
ويؤكد عجاقة أن حاكم المصرف المركزي كان أعلن منذ سبتمبر الماضي أنه لن يتمكن أكثر من تقديم الدعم، إذ لا يمكنه المساس بالاحتياطات الإلزامية.
وأضاف: من أين سيجلب المصرف المركزي الأموال؟ المساس بالاحتياطي الإلزامي هو مساس بودائع الناس!، منذ أكثر من عام، يصرف المصرف المركزي الأموال بالعملة الصعبة لتأمين الدعم من دون أن يتمكن من إدخال دولار واحد.
هذا الكلام، أكده مصرف لبنان في بيان أصدره اليوم، تزامنا مع استدعاء الرئيس اللبناني ميشال عون لحاكمه، معلنا أنه دفع 800 مليون دولار مقابل الوقود في الشهر الماضي، مشيرا إلى أنه أبلغ الحكومة قبل عام بأنه لا يمكنه المساس بالاحتياطيات الإلزامية.
وأكد مصرف لبنان أن المساس بالاحتياطيات الإلزامية يتطلب إجراء تشريعيا، معتبرا أنه من الضروري التحرك من دعم السلع الأساسية إلى دعم المواطنين مباشرة، مشيرا إلى أنه على الرغم من إنفاق أموال على الوقود والأدوية فإن تلك السلع ما زالت غير موجودة في السوق.
سلامة، وبحسب مسائل إعلام لبنانية، تمسك بهذا الموقف خلال الاجتماع مع عون، إلا في حال صدور تشريع من مجلس النواب يشرع “المس بالاحتياطي”.
لكن عون شدد في الاجتماع عينه على أن قرار حاكم مصرف لبنان له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة، وطالبه بالتنسيق مع الحكومة في أي قرار يتخذه.
أما الحكومة، التي تعقد اليوم اجتماعا استثنائيا لبحث قرار رفع الدعم، فقد اتهم رئيسها حسان دياب سلامة بمخالفة القانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية، ومخالفة سياسة الحكومة بترشيد الدعم، فيما تحدثت معلومات صحفية عن أنها تدرس مشروع قانون للسماح بالسحب من الاحتياطي الإلزامي لتأمين الدعم.
وهنا يقول عجاقة إنه إذا تم نقض قرار رفع دعم المحروقات سيكون هناك “دعم صغير جدا” نظرا لعدم توفر الأموال، والأمر مرهون بقرار مصرف لبنان ووزارة الطاقة لجهة تسعير صفيحة البنزين التي ترتكز عليها قطاعات أخرى.
ويشير الخبير الاقتصادي اللبناني، إلى أن النهج الذي تسير عليه البلاد يقول إننا سنصل إلى المجاعة، فالتقارير الدولية كانت ذكرت في يونيو الماضي أن غالبية الأسر في لبنان تعيش حالة جوع، وأن 77./. منها ليس لديها المال الكاف لشراء الطعام، لكن خطوة رفع الدعم عن المحروقات مرتبطة حتما بأسعار النقل والخبز والكهرباء والخدمات الأخرى الحيوية، وبالتالي سنصل إلى مكان لن يتمكن فيه المواطن من أن يكفي حاجياته ونكون قد دخلنا في حلقة المجاعة.
ويؤكد عجاقة بهذا السياق، أن هناك وعودا دولية بمساعدات إنسانية للبنان قد تجنبه المجاعة، لكن المساعدات المالية مرتبطة حصرا بتشكيل الحكومة تلتزم بالإصلاحات المطلوبة منها.
ويضيف عجاقة: “هناك تدويل للأزمة في لبنان نظرا لموقعه الاستراتيجي فهو محط اهتمام الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي ناهيك عن الإقليم.. الحل أصبح حلا سياسيا بامتياز، ولا حلول اقتصادية في لبنان، وأن هناك علامات استفهام كثيرة حول ما إذا كانت القوى المحلية فقط هي المعنية بتشكيل الحكومة.. في توقيت معين مفصلي قد تتشكل الحكومة خلال 24 ساعة إذا كان هناك قرار خارجي بذلك” بحسب رأيه.
وعن الوقت الذي يحتاجه لبنان للتعافي، يقول عجاقة إن لبنان اقتصاد صغير، فبمجرد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والحصول على حزمة مساعدات مالية يمكن للبنانيين أن يشعروا مباشرة بالفرق، وأن الحديث عن 10 سنوات و15 سنة “لوقوف البلاد مجددا على قدميها” أمر مبالغ فيه، وذلك إذا ما توافرت النوايا السليمة.
المصدر: وكالات