قالت صحيفة “إندبندنت” في تقرير لمراسلها في مدريد غراهام كيلي، إن ظهور زعيم البوليساريو براهيم غالي، يوم الثلاثاء أمام المحكمة وتقديمه شهادة للمحكمة من سرير المستشفى الذي يعالج فيه قد يقرر ما تقول إنها أسوأ أزمة لاجئين تواجه أوروبا هذا العام.
وقال إن هناك الكثير من الأطفال الذي اختبأوا في المقابر وفي سجن مهجور تجنبا للقبض عليهم وإعادتهم إلى المغرب بعدما تدفق حوالي 8.000 مغربي معظمهم من الشباب عبر الأسلاك الشائكة التي تفصل سبتة التي تسيطر عليها إسبانيا في المغرب.
ووجهت اتهامات للرباط بأنها سمحت لهم بدخول المنطقة بسبب الخلاف الذي سيصل ذروته الثلاثاء مع تقديم غالي شهادته.
ويتهم زعيم البوليساريو بالإرهاب وسلسلة من الممارسات التي تضم التعذيب والإبادة والتغييب القسري ضد معارضين له في الصحراء الغربية. ويتلقى غالي العلاج في مستشفى لونغرونو بشمال إسبانيا، بسبب الإصابة بكوفيد-19 مع أن هناك شائعات تقول إنه مصاب بالسرطان.
ووصل غالي إلى إسبانيا باسم مستعار وبجواز سفر دبلوماسي جزائري، وهو ما أدى إلى أكبر أزمة دبلوماسية بين مدريد والرباط، ومنذ سيطرة القوات المغربية على الجزيرة غير المأهولة بالسكان “ليلى” عام 2002، وهو ما دفع الحكومة الإسبانية لإرسال قوات من أجل استعادة الجزيرة التي لا يعرفها الكثيرون في البحر المتوسط. وبسبب الغضب من التصرف الإسباني مع غالي فقد غض حرس الحدود المغاربة النظر عن تدفق آلاف الشباب والأطفال إلى سبتة، قيل لبعضهم إنهم في رحلة مدرسية أو لمتابعة مباراة كرة قدم سيلعب فيها رونالدو ولكنهم تدفقوا عبر الحدود.
وأكدت وزيرة الخارجية الإسبانية أرناشا غونزاليس لايا أن سماح مدريد بدخول غالي جاء كلفتة إنسانية ولكن عليه مواجهة المحاكم الإسبانية.
وتقول الحكومة الإسبانية إن 1.500 طفل كانوا من بين الذين دخلوا إلى سبتة وهناك المئات الذين ظلوا فيها حيث تقوم منظمات الإغاثة بمحاولة جمع الأطفال مع عائلاتهم على الجانب الآخر من السياج المحصن. وفتحت سيدة الأعمال الإسبانية التي تقيم في سبتة صباح حامد بيتها للأطفال وقدمت لهم الطعام والملابس والحمام. وتحاول بالتعاون مع بقية منظمات الإغاثة الإنسانية تخفيف مخاوف الأطفال. وقالت حامد “طالما ظل بيت والدي مأوى للاجئين” مضيفة “عندما يأتي الكثير من الناس أقوم بطبخ الباستا وإطعامهم، وما أثار انتباهي في وضع الأطفال ليس حالتهم الجسدية ولكن جوعهم”.
وقالت “لا أعرف ماذا سيحدث لهم ولكننا نقوم في الوقت الحالي بعمل شيء لمساعدتهم”. وأشارت إلى باجي، 17 عاما الذي ظل أياما متخفيا في التلة المطلة على سبتة و”شاهد على فيسبوك أن الحدود مفتوحة وطلب من والدته 5 يورو وذهب”.
ويواجه الأطفال في سبتة مستقبلا غامضا، لكن حلم أشرف صبري للفرار من الفقر قد انتهى، في الوقت الحالي.
وانتشرت صورته بعدما سبح في البحر المتوسط وعلى وسطه قنانٍ بلاستيكية وظهر باكيا مما أثار مشاعر الناس حول العالم. وبدا الطفل البالغ من العمر 16 عاما في وضع يائس وهو يناشد الجنود الإسبان الذين أنقذوه على شاطئ سبتة: “حاولوا فهمنا، لا نريد العودة”. وأعيد أشرف الذي تركته أمه التي أنجبته ولم يتجاوز عمرها 16 عاما للعيش مع والدته التي تبنته مولودة غلامي في شقة من غرفتين بالدار البيضاء. وبعد اختفائه في شهر فبراير قامت غلامي بالإبلاغ عنه ولم تره إلا عندما انتشرت صورته قبل أسبوعين. وأخبرت صحيفة “الباييس”: “اعتقدت أنه مات، وفرحت عندما شاهدت الفيديو”.
وفتح المحققون الإسبان تحقيقا في ظروف ترحيل أشرف السريعة بعد شكوى تقدمت بها منظمة “تنسيق الأحياء” التي قالت إن السلطات رحلته بدون أن تأخذ بعين الاعتبار حقوقه القانونية. ولا ترحل إسبانيا الأطفال لو كانوا عرضة للخطر أو أن عائلاتهم تبحث عنهم. ولكن تدفق الأعداد الكبيرة من الشباب دفع رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز لترحيل كل الشباب وسريعا إلى المغرب بناء على الاتفاق مع المغرب، وهو قرار يدعمه الدستور الإسباني. لكن الخلاف السياسي حول قيام المغرب بالسماح لآلاف المهاجرين اختراق حدود أوروبا لم يتوقف. وشجبت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبلز استخدام المغرب للأطفال من أجل انتهاك الحدود الإسبانية. وقال إن استخدام القاصرين لانتهاك الحدود “غير مقبول”. وحمل المغرب المسؤولية لإسبانيا التي استقبلت زعيما تعتبره “مجرم حرب”. وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة “السبب الحقيقي للأزمة هو ترحيب مدريد بـالزعيم الانفصالي لميليشيا بوليساريو استخدم هوية مستعارة”. ويقول المحللون إن المغرب بعد الضغط على إسبانيا وفتحه الحدود، قد يرفض التعاون معها في قضايا مكافحة الإرهاب. وقال إغناسيو كامبريرو، الصحافي المتخصص بالشؤون المغربية إن “المغرب يريد من إسبانيا تغيير سياستها في الصحراء الغربية، وهذا هو الهدف”.
وتتمسك مدريد بدور الأمم المتحدة ورعايتها تسوية تنهي النزاع في الصحراء الغربية التي تركتها في 1975. وتشير الأمم المتحدة للصحراء بأنها “منطقة لا تتمتع بالحكم الذاتي” ولم يحصل سكانها “بعد على مستوى من الحكم الذاتي”.
وبعد حرب استمرت 16 عاما وقع المغرب وبوليساريو على اتفاق وقف إطلاق النار عام 1991 لكن لم يتم تنظيم استفتاء تقرير المصير. وعادت الأعمال القتالية عندما أعلنت بوليساريو عن نهاية وقف إطلاق النار عندما أرسل المغرب قواته لفتح طريق في المنطقة العازلة. ووافقت إسبانيا على استقبال غالي كخدمة للجزائر التي تعتبر المزود الرئيسي للغاز الطبيعي لها، حسبما ورد في تقارير صحافية إسبانية.
ويواجه الزعيم الصحراوي السبعيني اتهامات بالتعذيب في مخيم للاجئين بتندوف، وهي بلدة في غرب الجزائر في قضية رفعها المعارض الصحراوي فاضل بريكا. أما القضية الثانية فهي مرتبطة باتهامات قتل وإبادة وإرهاب وتغييب قسري وتقدمت بها ضده المنظمة الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان ومقرها في إسبانيا. وينفي غالي الاتهامات الموجهة ضده