بدأت معالم المخططات الجهنمية لنظام العسكر الجزائري تنكشف، في انتظار تفاصيل أكثر حول فضيحة التزوير التي أقدم عليها الجنرالات، من خلال ارسال زعيم المرتزقة المجرم إبراهيم غالي إلى اسبانيا للعلاج باستعمال جواز سفر جزائري وهوية مزورة في اسم “محمد بن بطوش”.
إقدام نظام العسكر الجزائري على إرسال زعيم الانفصاليين إلى اسبانيا، رغم علمهم أنه مطلوب من قبل قضاء الجارة الشمالية على خلفية ارتكابه أفعالا إجرامية ثقيلة تتعلق بـ “الاغتصاب والإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية”، يطرح عدة أسئلة حول الأهداف من وراء “اقتراف” الجنرالات ومخابراتهم لهذا الخطأ الذي ستكشف الأيام القليلة المقبلة حيثياته وأسباب نزوله…
ويرى بعض المتتبعين للشأن المغاربي أن الجنرالات سعوا من خلال هذا الفعل المتعمّد، إلى ضرب عصفورين بحجر واحد: يهم الأول إعادة ترتيب الأوراق داخل قيادة المرتزقة في الرابوني، فيما يرمي الثاني إلى التأثير على العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا ومحاولة التشويش عليها.
وبخصوص الهدف الأول، يقول المختصون في الشأن الجزائري، إن صراع الأجنحة داخل النظام العسكري ومخابراته بدأ ينعكس على تشكيلة الدمى القيادية في مخيمات تندوف، وذلك منذ وفاة (اغتيال!) الجنرال القايد صالح وشن حملة واسعة على كل من له صلة برئيس الأركان ونائب وزير الدفاع السابق، فمنهم من سجن ومنهم من عزل ومنهم من هرب ومنهم من في الانتظار، بموازاة العودة القوية لرموز العشرية السوداء وعلى رأسهم “رب دّزاير”، وصانع رؤسائها الجنرال محمد مدين المعروف بـ”توفيق”، والمنسق العام للأجهزة الأمنية (المخابرات) الجنرال عثمان طرطاق المدعو “الجنرال بشير”، والجنرال الهارب خالد نزار المحكومٌ، غيابيا، بعشرين سنة سجنا، الذي استُقدم من الخارج، في طائرة رئاسية، وأديت له في المطار التحية العسكرية؛ ونُقل معززا مكرما إلى المحكمة، وفي يوم أحد، لتخلي سبيله في ظرف عشرين دقيقة، ويُلقَى بملفه القضائي، الذي يقطر دما ومالا قذرا، في سلة المهملات…
وفي هذا الإطار، يحاول نظام العسكر التخلص من بعض القيادات المرتزقة في قيادة الرابوني، وضمنهم المجرم غالي، وهو ما تأكد من خلال إرسالهم إلى المنطقة العازلة بالصحراء المغربية تحت مبرر شن الحرب ضد الجيش المغربي، قبل ان تتم تصفيتهم من طرف مليشيات متخصصة من مرتزقة البوليساريو مدعومة من المخابرات الجزائرية، كما وقع مع المدعو “الداه ولد البندير” قائد ما يسمى بـ”سلاح الدرك” في مخيمات تندوف…وهي تصفيات تسعى من جهة، إلى التخلص من العناصر المرتزقة التي لم يعد مرغوبا فيها، ومن جهة ثانية، التأثير على مجلس الأمن الدولي قبل اجتماعه الدوري الذي انعقد يوم الثلاثاء 21 يناير الجاري، وأسفر عن نتائج صادمة للانفصاليين واسيادهم في الجزائر، حيث لم يعر أي اهتمام للاستعراضات البهلوانية لمرتزقة البوليساريو وكل المسرحيات الكاذبة التي روجت لها الأبواق الإعلامية للجنرالات وذبابهم الإلكتروني…
أما الهدف الثاني الذي سعى إليه نظام العسكر من وراء إرسال المجرم ابراهيم غالي للعلاج في اسبانيا، رغم أن أرض الله واسعة، ورغم علمهم بانه مطالب من طرف القضاء الاسباني، فيتعلق بمحاولة التأثير سلباً على العلاقات المغربية الإسبانية، مع قرب انعقاد الاجتماع رفيع المستوى المغربي الإسباني. وفي هذا الصدد رجح العديد من المتتبعين والمتخصصين ان يكون تسريب خبر تواجد زعيم الانفصاليين بإسبانيا للصحافة، من تخطيط المخابرات الجزائرية، لكي تورط اسبانيا وتكشف للرأي العام بان هذه الأخيرة كانت شريكة وعلى علم بالمخطط المحبوك من طرف النظام العسكري الجزائري، ورغم ذلك تكتمت على الامر، وهو ما قد يغضب السلطات المغربية ويتسبب في توتر العلاقة بين البلدين.
ولعل ما يرجح هذه الفرضية، هو اعتراف حكومة مدريد، مباشرة بعد تسريب خبر وصول إبراهيم غالي إلى إسبانيا للعلاج، بإستقبال زعيم المرتزقة وتبرير ذلك بكون العملية تدخل في إطار ما هو انساني ولا تطيق أي تأويل سياسي، في محاولة للخروج من الورطة التي أوقعها فيا الجنرالات ومحاولة تهدئة الجانب المغرب عبر التقليل من حجم الفضيحة وهولها.
كيفما كان الحال، فإن جنرالات الجزائر كشفوا من خلال هذا الفعل غير القانوني، على أنهم مجرد “عصابة”، كما يصفهم الشعب الجزائري، لا تعير للقوانين والاعراف الدولية أي اعتبار، كما انهم ابانوا عن استعدادهم لاستعمال كل السبل والوسائل الدنيئة لتصريف عقدهم النفسية وعدائهم المرضي تجاه المغرب، ولو تطلب الأمر العصف بمصالح الشعب الجزائر الذي يواصل مسيراته الاحتجاجية في إطار الحراك الشعبي للمطالبة برحيل النظام العسكري الفاسد الذي يجثم على صدور الجزائريين منذ استقلال البلاد، والذي جعل من ملف الصحراء المغربية “قضية وطنية” تعلو على كل القضايا الوطنية الحقيقية للجزائريين، من خلال دعم وإيواء مرتزقة البوليساريو وتسخير كل الإمكانات المالية واللوجيستية والعسكرية والديبلوماسية لترويج الأطروحة الانفصالية…