تعد منظومة حقوق الإنسان الركيزة الأساسية لبناء دولة الحق والقانون، باعتبارها الضامن الأول لكرامة الأفراد وحرياتهم، والمحدد لتوازن الحقوق والواجبات داخل المجتمع.
وفي هذا الإطار، أولت المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، اهتماما متناميا بترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتكريس مبادئ العدالة، عبر الانخراط الفعّال في المنظومة الأممية، وملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فضلاً عن تعزيز الأدوار المؤسساتية المعنية.
وفي صلب هذه الدينامية، يضطلع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بدور محوري في صون الحقوق والحريات، من خلال آليات عمل مؤسساتية وإدارية تستهدف دعم دور القضاء كحام لحقوق الأفراد والجماعات وضامن لحرياتهم وأمنهم القضائي.https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-4047220971479202&output=html&h=280&adk=2549073964&adf=3048354497&pi=t.aa~a.2973701940~i.2~rp.4&w=737&fwrn=4&fwrnh=100&lmt=1763634252&rafmt=1&armr=3&sem=mc&pwprc=5650282264&ad_type=text_image&format=737×280&url=https%3A%2F%2Ftelexpresse.com%2F437270.html&fwr=0&pra=3&rh=185&rw=737&rpe=1&resp_fmts=3&wgl=1&aieuf=1&aicrs=1&fa=27&uach=WyJtYWNPUyIsIjEwLjEzLjYiLCJ4ODYiLCIiLCIxMTYuMC41ODQ1LjE4NyIsbnVsbCwwLG51bGwsIjY0IixbWyJDaHJvbWl1bSIsIjExNi4wLjU4NDUuMTg3Il0sWyJOb3QpQTtCcmFuZCIsIjI0LjAuMC4wIl0sWyJHb29nbGUgQ2hyb21lIiwiMTE2LjAuNTg0NS4xODciXV0sMF0.&abgtt=6&dt=1763634214559&bpp=6&bdt=3718&idt=6&shv=r20251118&mjsv=m202511120101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie_enabled=1&eo_id_str=ID%3D6348a5ebb12d361b%3AT%3D1763632930%3ART%3D1763634212%3AS%3DAA-AfjZFOvoFK0B8F2u8rNYKleDJ&prev_fmts=0x0%2C160x600%2C160x600%2C1425x708&nras=3&correlator=5350597919314&frm=20&pv=1&u_tz=60&u_his=1&u_h=900&u_w=1440&u_ah=793&u_aw=1440&u_cd=24&u_sd=1&dmc=8&adx=467&ady=1922&biw=1425&bih=708&scr_x=0&scr_y=0&eid=31095753%2C31095810%2C31095812%2C31095813%2C95376583%2C95376711%2C42533293%2C95372614%2C95376891&oid=2&pvsid=8315862628349333&tmod=1542393347&uas=0&nvt=1&ref=https%3A%2F%2Ftelexpresse.com%2F&fc=1408&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C1440%2C23%2C0%2C0%2C1440%2C708&vis=1&rsz=%7C%7Cs%7C&abl=NS&fu=128&bc=31&bz=0&num_ads=1&ifi=10&uci=a!a&btvi=1&fsb=1&dtd=38014
ويعمل المجلس، في تنسيق وثيق مع باقي القطاعات والمؤسسات الوطنية، على تنزيل برامج ومخططات متكاملة تحقق الالتقائية المطلوبة، وتنسجم مع الاستراتيجيات الوطنية في مجال حقوق الإنسان.
كما يولي المجلس أهمية خاصة للتفاعل مع آليات الأمم المتحدة المعنية، وتطوير السياسات القضائية المرتبطة بالقضايا الحقوقية الكبرى، وفي مقدمتها تدبير ملف الاعتقال الاحتياطي، وظروف الاحتجاز، وضمان شروط المحاكمة العادلة.
وفي هذا السياق، سنتوقف عند ثلاث محطات بارزة تجسد جهود المجلس الأعلى للسلطة القضائية في ترسيخ منظومة حقوق الإنسان، تتمثل في: التفاعل مع آليات الأمم المتحدة (أولا)، تدبير موضوع الاعتقال الاحتياطي (ثانيا)، ثم معالجة قضايا السجناء وضمان حقوقهم القانونية والقضائية (ثالثا).
أولا: التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان
يواصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية تكريس حضوره الفاعل على الساحة الدولية في مجال حقوق الإنسان، من خلال تفاعل متقدم مع آليات الأمم المتحدة ومختلف المؤسسات الأممية ذات الصلة، وهو ما يجسد التزام المملكة الراسخ بمبادئ الشرعية الدولية، وتوجهها الثابت نحو صون الحقوق والحريات.
1 المساهمة في إعداد التقارير الوطنية
في انسجام تام مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، ساهم المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال سنة 2024 في دعم جهود المملكة الرامية إلى الوفاء بتعهداتها الأممية، عبر تزويدها بالمعطيات والمعلومات المرتبطة بمجال اختصاصه. وقد شمل ذلك إعداد المعلومات الخطية المتعلقة بتنفيذ توصيات اللجنة المعنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والمساهمة في تنفيذ التوصيات الختامية للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، فضلاً عن الإسهام في إعداد التقرير المرحلي الخاص بتتبع تنفيذ توصيات الجولة الرابعة من آلية الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2022.
كما انخرط المجلس بجدية ومسؤولية في المبادرة التي أطلقتها المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، والمتعلقة بإعداد خطة وطنية لتتبع تنفيذ التوصيات الصادرة عن آليات الأمم المتحدة، حيث شارك في مختلف الاجتماعات التنسيقية المرتبطة بها، والتزم بتفعيل التوصيات التي تدخل ضمن نطاق اختصاصاته، بما يعزز التنسيق المؤسساتي ويضمن الانسجام مع الاستراتيجية الوطنية في مجال حقوق الإنسان.
2. دعم التعاون مع الآليات الأممية غير التعاهدية
في إطار التزامه بتعزيز حضور المغرب على الساحة الدولية في مجال حقوق الإنسان، وحرصه على الانفتاح على مختلف الشركاء الأمميين، واصل المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال سنة 2024 انخراطه الفعّال في جهود الدولة الرامية إلى دعم التعاون مع الآليات الأممية غير التعاهدية، بما فيها الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، إلى جانب باقي الهيئات والأجهزة التابعة للأمم المتحدة.
وقد جسد المجلس هذا الانخراط من خلال تزويد هذه الآليات بالمعطيات القضائية الدقيقة، والمشاركة النشطة في الاجتماعات التنسيقية ذات الصلة، إلى جانب الإسهام في إعداد دراسات وتقارير أممية تناولت قضايا حقوقية بالغة الأهمية، من أبرزها:
- الحق في التنمية: من خلال المساهمة في تقرير فريق الخبراء حول المشاركة الفعّالة والحرة للمرأة في التنمية وصنع القرار.
- استقلال القضاء: من خلال المساهمة في تقرير المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين بخصوص التأثير غير المشروع للفاعلين الاقتصاديين على منظومة العدالة.
- حقوق الإنسان في إقامة العدل: من خلال المساهمة في استبيان المفوضية السامية لحقوق الإنسان حول العدالة وحقوق الإنسان.
- العنف المبني على النوع: من خلال الإسهام في دراسة اللجنة الاستشارية لمجلس حقوق الإنسان حول العنف الميسر بالتكنولوجيا وتأثيراته على النساء والفتيات.
- الأسلحة النارية: من خلال تقديم معطيات لتقرير مفوضية حقوق الإنسان حول آثار اقتناء المدنيين للأسلحة النارية واستخدامها.
- عقوبة الإعدام: من خلال المساهمة في الدراسة الاستقصائية التي أنجزها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة حول عقوبة الإعدام.
- بيع الأطفال والاستغلال الجنسي: من خلال الإسهام في تقرير المقررة الخاصة حول هذه الظاهرة.
بهذا الحضور النوعي، يؤكد المجلس الأعلى للسلطة القضائية موقعه كشريك مؤسساتي أساسي في الدبلوماسية الحقوقية للمملكة، ويساهم في تعزيز صورة المغرب كدولة منخرطة بجدية في المنظومة الأممية، وقادرة على تزويدها بالخبرة والمعطيات اللازمة لترسيخ ثقافة العدالة وحقوق الإنسان.
3. تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان
انسجاماً مع التزاماته بتنفيذ التوصيات الصادرة عن الآليات الأممية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، عزز المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال سنة 2024 حضوره في المشهد الحقوقي، من خلال مشاركته الفاعلة في ندوات ودورات تكوينية ومبادرات دولية متنوعة.
وهو ما يعكس إرادة المجلس في تبادل الخبرات، وتقوية القدرات المؤسساتية، وجعل ثقافة حقوق الإنسان ركيزة لتعزيز العدالة والمساواة وضمان الحقوق والحريات.
ثانيا: وضعية الاعتقال الاحتياطي
يعد الاعتقال الاحتياطي من أكثر التدابير الإجرائية إثارة للنقاش في المنظومة الجنائية، باعتباره أداة مزدوجة الأبعاد: فمن جهة يشكل وسيلة وقائية لحماية سير العدالة وضمان حضور المشتبه فيهم أمام القضاء، ومن جهة أخرى يُلامس بشكل مباشر إحدى أقدس الحقوق الدستورية، وهو الحق في الحرية الفردية. ولعل هذه الطبيعة المركبة تجعل منه إجراء استثنائيا، لا يلجأ إليه إلا في الحالات التي تقتضيها الضرورة القصوى، كخطورة الأفعال المرتكبة، أو احتمال التأثير على الشهود، أو طمس الأدلة، أو المساس بالنظام العام.
وتماشيا مع هذه الرؤية، اعتمدت السلطة القضائية سياسة ممنهجة تروم ترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، وتكثيف استعمال البدائل القانونية، إلى جانب إرساء آليات مؤسساتية ورقمية لتتبع المعتقلين احتياطيا، ورصد المؤشرات الإحصائية بدقة، باعتبارها أداة لتقييم فعالية الأداء القضائي وجودة التنسيق بين مختلف الفاعلين: محاكم، نيابات عامة، غرف التحقيق، هيئات استئناف، وإدارة السجون. هذه الدينامية سمحت بتطوير قاعدة بيانات وطنية حديثة، مدعومة بمنظومة معلوماتية متقدمة، تُتيح إجراء تقييمات دورية، وإنجاز دراسات موضوعاتية، وصياغة توصيات عملية تسهم في تحسين الممارسة القضائية.