قالت صحيفة “فايننشال تايمز” الأمريكية، إن انتشار فيروس كورونا عمّق من حالة الإحباط لدى الشباب في الشرق الأوسط، مشيرةً إلى أن الوباء أوقف الاحتجاجات في العراق والجزائر ولبنان؛ ولكن فيروس كورونا قد يؤدي إلى موجة جديدة من الاحتجاجات.
وأضافت الصحيفة: “عندما انتشر الفيروس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نجح حيث فشلت حكومات الجزائر والعراق ولبنان، فقد أوقف أشهرا من التظاهرات المضادة للحكومات”.
واستدركت: “لكن الفيروس قد يكون استراحة محارب، حيث سيخلّف الوباء وراءه ضغوطا اجتماعية واقتصادية، هي نفسها التي أشعلت في الماضي الغضب الشعبي ضد حكومات المنطقة التي تفتقد المصداقية في عيون الكثيرين”.
وأشارت إلى أنه على خلاف الدول الثرية التي تستطيع توفير مساعدات على قاعدة واسعة لمواطنيها، فمعظم دول الشرق الأوسط ذات النسب العالية من الشباب ومعدلات البطالة المستشرية ليست لديها المصادر المالية الكافية لتوفير حزم دعم للتجارة وحماية للوظائف.
وتابعت: “يعمل ملايين الشباب في منطقة الشرق الأوسط في قطاعات غير رسمية ويعتمدون على ما يحصلون عليه من راتب يومي لدعم عائلاتهم، حيث أنه وقبل أزمة كورونا أظهر المحتجون إصرارا على المواصلة ولم يقبلوا الوعود الفارغة من النخبة المصرّة على حماية مصالحها أو أخافهم العنف. وطلب منهم اليوم لوضع إيمانهم بقادة عبروا عن سخطهم منهم”.
ونقلت الصحيفة، عن لينا الخطيب، مديرة برنامج الشرق الأوسط بتشاتام هاوس قولها: “كشف فيروس كورونا عن هشاشة أنظمة شبكات التأمين الإجتماعية في عموم المنطقة” و”ما عمله كوفيد- 19 أنه أخّر المحتوم القادم”.
ووعدت عدد من الحكومات بمنح الأولوية للنفقات على العائلات الفقيرة، ولكن فجوة الثقة بين الحاكم والمحكومين واسعة في معظم أنحاء المنطقة، حيث تعتبر الشفافية لعنة للأنظمة التي تعاني من الفساد والمحسوبية، وهي بمثابة بلاء يؤثر على كل شيء من الأداء الإقتصادي إلى الثقة بقدرة الحكومة على التعامل مع أزمة فيروس كورونا.
وفي ذات السياق، أشار تقرير للبنك الدولي نشر هذا الشهر، إلى تراجع في بيانات الشفافية التي أدت لخسارة 7% -14% من دخل كل شخص في المنطقة وذلك في الفترة ما بين 2015- 2018.
وقالت الصحيفة إن النزعات الديكتاتورية كان واضحة طوال أزمة كوفيد- 19، فقد طردت السلطات المصرية صحافية بريطانية نشرت تقريرا قالت فيه إن أعداد المصابين بالمرض قد تكون أعلى مما تعلن عنها الحكومة.
وعلقت حكومة العراق تصريح عمل وكالة أنباء رويترز لنشرها تقريرا تحدث عن نفس المزاعم، فميا اعتقل أربعة صحافيين على الأقل في منطقة الحكم الذاتي بكردستان، حسب أرقام منظمة مراسلون بلا حدود.
وفي السعودية، قتل ناقد لخطط الحكومة نقل السكان لتعبيد الطريق أمام خطة محمد بن سلمان بناء مدينة نيوم التي تكلف 500 مليار دولار. وتقول الحكومة إنه هو الذي باشر بإطلاق النار.
وفي الجزائر، اتهم ناشطون السلطات باستغلال الأزمة لقمع المعارضين بمن فيهم معارض سياسي وصحافي.
وكشف الفيروس عن المصاعب الاقتصادية، ففي العراق الذي أصيب بأزمة مزدوجة، من كوفيد-19 وانهيار أسعار النفط، حذر مسؤول عراقي من أن الحكومة قد لا تتمكن من دفع رواتب نصف العاملين في القطاع العام الشهر المقبل.
وكذا الجزائر التي كشفت الأزمة عن مصاعبها بسبب تراجع أسعار النفط، ولهذا قررت خفض النفقات بنسبة 30%.
وفي مناطق أخرى من مصر والأردن وتونس والمغرب، فقد عانت بسبب تراجع السياحة التي تعتبر مصدرا مهما للعملة الصعبة والوظائف.
وعليه فالموارد تهبط بسرعة، والتحويلات تجف وتضعف العملات. ولكن الامتحان الأصعب سيأتي بعد انحسار الوباء والتعرف على الأثر الحقيقي الذي تركه الفيروس على الاقتصاد العالمي، خاصة على اقتصاديات الدول الأضعف.
ومع رفع حالات الإغلاق، ستبدأ سياسات التقشف التي ستؤثر على المواطنين خاصة في الدول التي تعاني من معدلات بطالة عالية.