كشفت مصادر من المعارضة الجزائرية عن معطيات تفيد بعقد اجتماع، خلال الأيام القليلة الماضية، ضم قيادات بارزة في المؤسسة العسكرية الجزائرية إلى جانب شخصيات محسوبة على الدائرة المقربة من الرئيس عبد المجيد تبون، خصص لبحث تداعيات الانتشار الواسع لمقاطع فيديو يظهر فيها مشجعون جزائريون توافدوا على المغرب لمتابعة مباريات المنتخب الجزائري ضمن منافسات كأس إفريقيا.
وأوردت يومية “الصباح”، في عددها الصادر يوم الخميس 25 دجنبر الجاري، ما نقله المعارض الجزائري أنور مالك، الذي أكد أن هذا الاجتماع جاء في سياق حالة من الانزعاج داخل دوائر الحكم بالجزائر، عقب تداول مقاطع مصورة عبر فيها مشجعون جزائريون، بشكل عفوي، عن إعجابهم بالبنية التحتية الرياضية والطرقية بالمغرب، معتبرين أنها تضاهي، بل تتفوق في بعض جوانبها، على ما هو موجود في عدد من الدول الأوروبية. كما أشاد هؤلاء بحسن الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظوا بهما من طرف المغاربة، في صورة تناقض الرواية التي تروج لها الدعاية الرسمية الجزائرية منذ سنوات.
وبحسب اليومية ذاتها، فإن هذه التطورات تندرج ضمن سياق حملة إعلامية دعائية تقودها السلطات الجزائرية ضد المغرب، تعتمد خطاباً تصعيدياً وصورة نمطية سلبية يتم ترويجها عبر وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية، إلى جانب منصات رقمية وحسابات على شبكات التواصل الاجتماعي، بهدف تقديم المغرب على أنه بلد يعاني أوضاعاً اجتماعية واقتصادية متدهورة، مقابل تسويق خطاب داخلي يسعى إلى تبرير الأزمات التي تعيشها الجزائر.
ونقلت “الصباح” عن المعارض الجزائري هشام عبود قوله إن مقاطع الفيديو القادمة من المغرب، والتي صوّرها مشجعون جزائريون بأنفسهم، أربكت هذا الخطاب الرسمي، بعدما قدّمت صورة ميدانية مغايرة أبرزت مستوى التنظيم، وتطور المنشآت الرياضية، وسلاسة التنقل، فضلاً عن الأجواء الإيجابية التي رافقت حضور الجماهير الجزائرية في المدن المغربية.
وفي السياق ذاته، قال أنور مالك، أحد أبرز المعارضين للنظام العسكري في الجزائر، إن معطيات وصفها بالمؤكدة تشير إلى أن الاجتماع الذي جمع قيادات عسكرية ومقربين من الرئاسة انتهى إلى اتخاذ قرار يقضي بإيفاد عسكريين جزائريين ومؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى المغرب. وأوضح أن بعض هؤلاء المؤثرين يحملون الجنسيتين الجزائرية والفرنسية، وسيتم إرسالهم تحت غطاء تشجيع المنتخب الجزائري، في حين يتمثل الهدف الحقيقي، بحسبه، في تصوير مقاطع فيديو مفبركة وتوثيق مشاهد في مناطق محددة، إضافة إلى محاولة استفزاز المواطنين المغاربة، من أجل إنتاج محتوى يخدم الدعاية الرسمية الجزائرية.
وأضاف مالك أن هذه الخطوة تندرج ضمن ما وصفه بمحاولات يائسة لإعادة توجيه الرأي العام الجزائري، بعد فشل الخطاب الدعائي التقليدي في الصمود أمام شهادات ميدانية نقلها جزائريون من داخل المغرب، دون وساطة إعلامية أو توجيه سياسي.
ودعا المعارض الجزائري السلطات المغربية إلى التحلي باليقظة والانتباه لما اعتبره «مخططات الكابرانات»، كما ناشد المغاربة عدم الانجرار وراء أي استفزازات محتملة، وتفادي الوقوع في فخاخ يراد منها تأجيج التوتر وخدمة أجندات سياسية، في وقت أظهرت فيه التفاعلات الشعبية، بحسب تعبيره، أن التواصل الإنساني المباشر قادر على تقويض سنوات من الدعاية والخطاب العدائي.