أنهت غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أخيرا النظر في ملف ما بات يعرف إعلاميا بـ”شبكة الزئبق الأحمر”، والتي تضم 11 متهما، من بينهم عناصر أمن سابقون وموظفون، في قضية نصب وجرائم خطيرة شغلت الرأي العام منذ سنة 2022.
ووفق ما اوردته الاخبار، فقد خففت المحكمة الأحكام الصادرة في حق المتهمين، مقارنة بالأحكام الابتدائية التي بلغت في مجموعها 34 سنة سجنا. فتمت إدانة سبعة متهمين في حالة اعتقال بثلاث سنوات حبسًا نافذًا لكل واحد منهم، بدلا من أربع سنوات الصادرة ابتدائيًا، من بينهم مفتش شرطة وعنصر أمني موقوف عن العمل. كما قضت المحكمة بتعديل الحكم الصادر في حق شرطي سابق من سنتين (إحداهما نافذة والأخرى موقوفة التنفيذ)، إلى سنة واحدة موقوفة التنفيذ، وهو الحكم نفسه الذي صدر في حق متهم مدني آخر.
وفي تطور لافت، برأت الهيئة القضائية أحد المتهمين بعد أن كان قد أدين سابقا بسنتين حبسا، في حين قررت فصل ملف سيدة كانت تتابع في حالة سراح، سبق أن أُدينت بثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ.
وتعود أطوار هذه القضية إلى سنة 2022، حين أطاحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بعصابة وصفت بـ”الخطيرة”، نصبت على راق معروف بمدينة الدار البيضاء في مبلغ مالي ضخم بلغ 100 مليون سنتيم، بدعوى تزويده بمادة “الزئبق الأحمر” المستخدمة -حسب الزعم- في أعمال الرقية.
وتضم الشبكة شخصا من ذوي السوابق القضائية في النصب، ومفتش شرطة يشتغل بأحد الدوائر الأمنية بولاية أمن الرباط، وموظفين جماعيين من سلا والخميسات، إضافة إلى عنصرين أمنيين مفصولين من العمل سنة 2016 و2017، وسيدة أربعينية تنحدر من الرباط. كما ضمّت عناصر أخرى من مناطق متفرقة مثل تارودانت، خنيفرة، الصويرة وسيدي سليمان.
وبحسب محاضر الضابطة القضائية، فقد اعتمد أفراد الشبكة أسلوبًا إجراميًا محكمًا، شمل النصب والاختطاف والاحتجاز والسرقة باستعمال سيارة، تحت التهديد، وانتحال صفات ينظمها القانون، مع وجود تواطؤ من داخل جهاز الأمن، ما زاد من خطورة الشبكة التي كانت تخطط لتكرار السيناريو مع ضحايا آخرين، خاصة من رقاة وأعيان بالدار البيضاء ومدن أخرى.
وتوصلت التحقيقات إلى أن المشتبه فيه الرئيسي وعد الضحية بالحصول على “الزئبق الأحمر” مقابل مليون درهم، وتم استدراج مساعد الضحية لتسليم المبلغ، قبل أن يتم احتجازه وسرقته من طرف أعضاء العصابة الذين تنكر بعضهم في صفات أمنية لإضفاء طابع رسمي على العملية.
وأسفرت عمليات التفتيش عن ضبط مبالغ مالية متفرقة من عائدات الجريمة، فيما كشفت التحريات عن تواطؤ مفتش شرطة مع العصابة مقابل وعود بمنافع مادية وهدايا. رغم الأحكام المخففة، تبقى هذه القضية واحدة من أبرز القضايا التي كشفت تداخلًا خطيرا بين الإجرام المنظم وبعض عناصر أجهزة مفترض أن تكون في خدمة الأمن، مما يطرح علامات استفهام حول الحاجة إلى تشديد الرقابة وتعزيز آليات النزاهة داخل المؤسسات الأمنية.