ها هي الجزائر، وبعد سنوات من رفع شعار “محاربة الفساد بلا هوادة”، تقرر فجأة أن تبدل خط المواجهة بخط المصافحة. البرلمان بصدد دراسة مشروع قانون يسمح بتسوية ودية مع الفاسدين، مقابل استرجاع جزء من الأموال المنهوبة… أو ما تبقى منها بعد أن “أخذت طريقها” نحو الجنات الضريبية والمصارف الآمنة.
ترى، هل فقدت الدولة صبرها؟ أم اكتشفت بعد طول عناء أن استرجاع الأموال المهربة أصعب من فهم تصريحات بعض المسؤولين؟ فبعد كل الشعارات النارية، ووعود “العهد الجديد”، تقرر الحكومة اليوم أن تمد يدها… لا إلى الشعب، بل إلى من نهبوا الشعب!
بحسب مشروع القانون الجديد، يمكن لرموز الفساد أن يعقدوا “صفقة شرف” مع وكيل الجمهورية: يعيدون ما استطاعوا من أموال، ويتعهدون بعدم تكرار الأمر، فيفرج عنهم بكرامة… وربما بـ”شهادة حسن سلوك”.https://googleads.g.doubleclick.net/pagead/ads?client=ca-pub-4047220971479202&output=html&h=280&adk=2549073964&adf=3048354497&pi=t.aa~a.2973701940~i.2~rp.4&w=737&abgtt=6&fwrn=4&fwrnh=100&lmt=1751037864&num_ads=1&rafmt=1&armr=3&sem=mc&pwprc=5650282264&ad_type=text_image&format=737×280&url=https%3A%2F%2Ftelexpresse.com%2F407082.html&fwr=0&pra=3&rh=185&rw=737&rpe=1&resp_fmts=3&wgl=1&fa=27&uach=WyJtYWNPUyIsIjEwLjEzLjYiLCJ4ODYiLCIiLCIxMTYuMC41ODQ1LjE4NyIsbnVsbCwwLG51bGwsIjY0IixbWyJDaHJvbWl1bSIsIjExNi4wLjU4NDUuMTg3Il0sWyJOb3QpQTtCcmFuZCIsIjI0LjAuMC4wIl0sWyJHb29nbGUgQ2hyb21lIiwiMTE2LjAuNTg0NS4xODciXV0sMF0.&dt=1751038350010&bpp=2&bdt=1735&idt=2&shv=r20250625&mjsv=m202506180101&ptt=9&saldr=aa&abxe=1&cookie=ID%3D248572815b827ae8%3AT%3D1751038411%3ART%3D1751038411%3AS%3DALNI_MYq37HSpi3fU0vjSvXQN5ildtup7A&gpic=UID%3D000011633c786016%3AT%3D1751038411%3ART%3D1751038411%3AS%3DALNI_MaB-OPUe10BJDpZcz1pNnk7GqlOSw&eo_id_str=ID%3Df9de57a0dffd808c%3AT%3D1751038120%3ART%3D1751038420%3AS%3DAA-Afjbg8nW7hyhbFNqvgO6eGnh3&prev_fmts=0x0%2C160x600%2C160x600&nras=2&correlator=5447505965243&frm=20&pv=1&u_tz=60&u_his=1&u_h=900&u_w=1440&u_ah=793&u_aw=1440&u_cd=24&u_sd=1&dmc=8&adx=467&ady=1591&biw=1425&bih=705&scr_x=0&scr_y=0&eid=31092195%2C95353386%2C95362656%2C95363435%2C31093106%2C95359266%2C95364330%2C95364391&oid=2&pvsid=6672388015369972&tmod=1529602111&uas=0&nvt=1&ref=https%3A%2F%2Ftelexpresse.com%2F&fc=1408&brdim=0%2C0%2C0%2C0%2C1440%2C23%2C0%2C0%2C1440%2C705&vis=1&rsz=%7C%7Cs%7C&abl=NS&fu=128&bc=31&bz=0&td=1&tdf=0&psd=W251bGwsbnVsbCxudWxsLDNd&nt=1&ifi=10&uci=a!a&btvi=1&fsb=1&dtd=96966
وهكذا يتحول من سرق مئات الملايين إلى “شريك في التنمية” لأنه أعاد القليل، بينما ما زال المواطن يحاسب على التأخر في دفع فاتورة الماء.
هل نحن أمام قانون “سامح تسلم”، أم أنه الإصدار الجزائري من برنامج “من سيربح المليار؟”، فقط مع اختلاف في الجوائز والأسئلة. فالجواب الصحيح هنا ليس “محاسبة”، بل “مصالحة”. والنتيجة: خروج فاسد من السجن، ودخول ثقة الشعب إلى غرفة الإنعاش.
أما العذر الرسمي، فهو أن المحاكمات طويلة، والتشهير الإعلامي “يشوه صورة البلاد”. وكأن من سرق 300 مليار دولار كان يساهم في تحسين سمعتها! بل لعل هذا التشهير الإعلامي هو الجزء الوحيد الذي كان يعمل في منظومة العدالة، قبل أن يقرر المشرعون إسكاته لصالح “حلول هادئة”.
والمضحك المبكي أن هذا القانون يأتي من نفس السلطة التي رفضت قبل سنوات فقط “مقايضة” علي حداد، حين عرض ممتلكاته مقابل حريته. يبدو أن المشهد تغير، وأصبح الآن من الممكن بيع العدالة بالجملة، بشرط أن تكون الزبون من كبار الحيتان.
في النهاية، لا بد من طرح سؤال بسيط على أصحاب القرار: إن كانت التسوية الودية أفضل من المحاكمة، فلماذا كل تلك الجلسات، والاعتقالات، والتصريحات الملتهبة؟ لماذا كل هذا المسرح إذا كانت النهاية أن نعود لنقطة البداية: الفساد يكافأ، والعدالة تدار وفق موازين الربح والخسارة؟
إنها “الجمهورية الجديدة” كما يراد لها أن تكون: عفا الله عما سلف… بشرط أن يكون السالف مليئا بالدولارات!