تقف العلاقات المصرية الجزائرية على أعتاب أزمة دبلوماسية صامتة بعد احتجاز السلطات المصرية لثلاثة محامين جزائريين في مطار القاهرة الدولي، وذلك في سياق متوتر يحيط بتنظيم “قافلة الصمود البرية إلى غزة”، التي يفترض أن تمر عبر الأراضي المصرية للوصول إلى معبر رفح الحدودي.
وكشفت صحيفة الشروق الجزائرية المقربة من المخابرات العسكرية الجزائرية، أن المحامين الثلاثة ، وهم سمير مصطفاوي، موحمد عاطف بريكي، وعباس عبد النور، جرى توقيفهم فور وصولهم إلى مطار القاهرة، حيث تمت مصادرة وثائقهم وهواتفهم دون تقديم أي مبرر قانوني، بحسب تصريحات المحامية الجزائرية فتيحة الرويبي، التي وصفت الأمر بـ”الاحتجاز التعسفي”، مضيفة أن المحامين “لم يبلغوا بأي تهم أو أسباب رسمية للاحتجاز”.
وطالبت الرويبي السلطات الجزائرية، وفي مقدمتها وزارة الخارجية، بالتدخل العاجل لـ”حماية كرامة المواطنين الجزائريين”، معتبرة أن ما جرى انتهاك لحقوق الإنسان وحرية التنقل.
ورغم حساسية الواقعة، لم يصدر إلى حدود الساعة أي بيان رسمي من الجزائر العاصمة، ما يزيد من الغموض المحيط بالموقف الجزائري الرسمي من تطورات القافلة.
في المقابل، لم تصدر القاهرة بدورها أي توضيح رسمي بشأن سبب توقيف المحامين، أو الموقف من قافلة “الصمود”، التي تضم حوالي 1700 مشارك أغلبهم من الحساسيات الإسلامية المتشددة، من بينهم 200 جزائري، تسعى للوصول إلى غزة عبر معبر رفح. ويفترض، وفق منظمي القافلة، أن تصل إلى العاصمة المصرية اليوم الخميس، في حال حصلت على الضوء الأخضر.
المتحدث باسم القافلة، غسان الهنشيري، أوضح في تصريحات إعلامية لتونسية “ديوان أف أم” أن “المشاركين ما زالوا بانتظار التصاريح المصرية”، رغم اللقاء الذي عقده وفد من القافلة مع السفير المصري في تونس، والذي وصفه بـ”الإيجابي”.
وأشار الهنشيري إلى أنه تم إرسال مراسلة رسمية إلى السفارة المصرية في تونس بخصوص القافلة، “ولا يزال الرد معلقا من السلطات المصرية”.
وتأتي هذه التطورات في سياق إقليمي مشحون، إذ تخشى القاهرة من استغلال جماعات سياسية أو إسلامية متشددة للقوافل التضامنية كغطاء لتمرير رسائل سياسية أو تهديدات أمنية، خاصة بعد أنباء عن علاقة بعض المنظمين بجمعيات تمولها أطراف مرتبطة بالإخوان أو تيارات راديكالية.
ورغم أن مصر تبقي معبر رفح تحت سيادتها الكاملة، إلا أن تحركات مثل قافلة “الصمود” تحرجها أمام الرأي العام العربي، خصوصا إذا ما ربطت بمواقفها من القضية الفلسطينية أو تنسيقها الأمني مع إسرائيل.
أما الجزائر، التي تبنت خلال السنوات الأخيرة خطابا شعبويا تصعيديا وشعارات فارغة للتسويق ضد إسرائيل، فقد تجد نفسها اليوم أمام اختبار دبلوماسي صعب: الدفاع عن مواطنيها دون الاصطدام المباشر بالقاهرة.
ومع تزايد الضغط الإعلامي في الجزائر، واحتمال تحرك نواب أو منظمات حقوقية للمطالبة بتوضيحات، تبقى الكرة الآن في ملعب السلطات المصرية التي تتحكم بمسار القافلة، ومصير النشطاء والمحامين الموقوفين.
وفي حال استمرت القاهرة في حجب التصاريح أو احتجاز الأشخاص المعنيين، فقد تتحول “الأزمة الصامتة” إلى تصدع دبلوماسي مفتوح بين بلدين لطالما تبادلا مواقف حذرة تجاه ملفات الشرق الأوسط، وخاصة في ما يتعلق بغزة، وليبيا، ومكافحة الإسلام السياسي.