كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، عن تفاصيل جديدة بخصوص مشروع القانون الجنائي المنتظر، مؤكداً أنه جاهز من حيث الصياغة لكنه لا يزال يخضع لنقاش داخلي دام نحو سنتين، دون الحسم النهائي فيه بعد.
وأوضح الوزير أن النص مرّ بعدة مراحل، من الخبراء إلى ديوان الوزير، واصفاً موقفه من مصير القانون بـ”المتشائل”، قائلاً: “توجهاتي معروفة، والنص لا بد أن يعكس قناعاتي”.
جاءت هذه التصريحات خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين، حيث شدد الوزير على أن النص يجب أن يعكس رؤية الحكومة وبرنامجها، داعياً إلى إصدار مدونة جنائية جديدة لمواكبة التحولات المجتمعية، من قبيل قضايا وسائل التواصل الاجتماعي، وانتهاك الخصوصية، وتطورات الذكاء الاصطناعي.
وفي ما يخص العقوبات، أكد وهبي ضرورة مراجعة بعض العقوبات الكبرى مثل السجن المؤبد والإعدام، معتبراً أنها فقدت معناها، مشيراً إلى أن المجتمع يواجه تحديات معقدة، ولا بد من قانون عصري يواكبها لضمان الأمن والاستقرار.
وساءل وهبي الحاضرين: “أي قانون نريد؟ هل هو قانون حديث يراعي التحولات الجنائية العالمية أم قانون تقليدي تجاوزه الزمن؟”، مشدداً على أهمية قانون قوي وحداثي يتعامل مع الجريمة ضمن منظومة متكاملة، تشمل العقوبات البديلة. وقال: “هؤلاء الذين يخطئون هم أبناؤنا، وعلينا أن نتعامل معهم بالقانون لا بالخوف”.
وفي سياق آخر، تطرق الوزير إلى إصلاح منظومة التعويض عن حوادث السير، مؤكداً أن الظهير الصادر سنة 1984 أصبح “معيقاً ومنحرفاً”، لأنه يمنح تعويضات سخية للأثرياء ويترك القليل للفقراء. وبيّن أنه أعاد النظر في العديد من الجوانب، منها المساطر، والآجال، والحد الأدنى للأجور، وبعض الحوادث المستجدة كحوادث الترامواي.
وأضاف وهبي أن التعويضات المقترحة الجديدة سترتفع من 9270 إلى 14,270 درهما، بعد مفاوضات مع شركات التأمين ووزارة المالية، مشيراً إلى تدخلات جديدة لتفعيل صندوق مال الضمان الذي أصبح أكثر التزاماً، حيث صرف 90 مليون درهم سنة 2023، و43 مليون درهم إلى غاية نهاية أبريل 2025.
أما بخصوص الأطفال في تماس مع القانون، فكشف الوزير عن وجود تتبع مباشر من رئيس الحكومة، مؤكداً أن الإشكال الأساسي يكمن في دور الأسرة. وأوضح أن الوزارة تناقش حالياً إمكانية تحميل الآباء والأمهات مسؤولية جنائية عن تصرفات أبنائهم القاصرين، خاصة في حال استعمالهم أدوات حادة في الأماكن العامة.
ولم يستبعد وهبي تحميل المسؤولية أيضاً للمدرّسين في حال ارتكب التلميذ فعلاً جرمياً بعد خروجه من المؤسسة التعليمية، مؤكداً الحاجة إلى قانون جنائي جديد يكرّس مبدأ المساءلة القانونية للأولياء، ويعتمد على غرامات وإجراءات واضحة لإعادة ترسيخ دور الأسرة في تربية القاصرين.