يبدو أن نظام العسكر في الجزائر لا يستطيع العيش دون افتعال الأزمات وتصعيد التوترات مع جيرانه، في محاولة يائسة لصرف الأنظار عن فشله الداخلي وعزلته المتزايدة. آخر فصول هذه السياسة العدائية جاء بطرد محمد السفياني، نائب القنصل العام للمملكة المغربية في وهران، واعتباره “شخصًا غير مرغوب فيه”، في خطوة عبثية تعكس حالة الهوس المرضي الذي أصاب النظام الجزائري تجاه المغرب.
قرار الطرد الذي أمهل الدبلوماسي المغربي 48 ساعة فقط لمغادرة البلاد ليس سوى فضيحة دبلوماسية تضاف إلى سجل النظام الجزائري الحافل بالأخطاء الفادحة. فبينما تتجه الدول نحو الحوار والتعاون لحل الخلافات، يصر حكام قصر المرادية على التصعيد المجاني والمراهقة السياسية التي تعمّق العداء بين الشعبين الشقيقين.
هذا القرار لا يمس فقط العلاقات المغربية الجزائرية، بل يضرب في العمق استقرار المنطقة المغاربية، ويؤكد أن الجنرالات في الجزائر مصرون على البقاء رهائن لعقليتهم المتحجرة التي ترى في المغرب عدوًا وهميًا بدلًا من البحث عن سبل التعاون والتنمية المشتركة.
ففي الوقت الذي يمد فيه جلالة الملك محمد السادس يده للجزائر، داعيًا إلى الحوار وفتح الحدود وإعادة بناء جسور الثقة بين البلدين، يواصل النظام الجزائري سياسته العدوانية الممنهجة، والتي لم تعد تقتصر على التصريحات الإعلامية، بل امتدت إلى خطوات تصعيدية خطيرة، منها:
– طرد المغاربة بشكل جماعي، في مشهد يعيد للأذهان الممارسات الاستعمارية البائدة.
– إغلاق الحدود منذ عقود، رغم الأضرار الاقتصادية والاجتماعية التي تلحق بالشعبين.
– دعم ميليشيات البوليساريو بالسلاح والمال، لزعزعة استقرار المنطقة.
كل هذه الخطوات تؤكد أن النظام الجزائري لا يملك أي مشروع سياسي أو رؤية استراتيجية سوى تأجيج الصراعات وإذكاء الأحقاد، في وقت يطالب فيه المواطن الجزائري بحقه في العيش الكريم بدلًا من تمويل العصابات الانفصالية ورمي أموال الشعب في مغامرات فاشلة.
الطغمة العسكرية التي تتحكم في مصير الجزائر أثبتت أنها لا تمثل الشعب الجزائري الشقيق، الذي تجمعه روابط الدم والتاريخ المشترك مع المغاربة. بل إن هذا النظام المتسلط لا يخدم سوى مصالحه الضيقة، مستغلًا القضية المغربية كفزاعة لإلهاء الجزائريين عن أزماتهم الحقيقية:
- اقتصاد منهار رغم الثروات البترولية الهائلة.
- قمع ممنهج للحريات وإغلاق للصحافة المستقلة.
- فضائح فساد تورط فيها كبار المسؤولين العسكريين.
- عزلة دولية متزايدة نتيجة السياسات العدائية غير المبررة.
وفي ظل هذا الوضع، فإن دعوات الحوار التي أطلقها المغرب مرارًا تصطدم بعقلية متحجرة ترفض أي تقارب أو مصالحة. لكن الحقيقة التي يحاول النظام الجزائري إنكارها هي أن المستقبل في صالح من يبني الجسور، وليس من يهدمها.
المطلوب اليوم من الطغمة العسكرية الجزائرية أن تتخلى عن سياسة الهروب إلى الأمام، وأن تعيد حساباتها قبل أن تتحول إلى كيان معزول دوليًا ومنبوذ إقليميًا. فالتاريخ علمنا أن الأنظمة التي تعيش على الصراعات الوهمية والعداوات المفتعلة، مصيرها إلى الزوال المحتوم، بينما تبقى الشعوب هي الرابحة دائمًا.