كشفت تقارير صادرة عن أقسام الشؤون الداخلية بعدد من العمالات والأقاليم عن رصد أنشطة مشبوهة لجمعيات مكلفة بتدبير النقل المدرسي، تتعلق ببرمجة رحلات ترفيهية بعد عيد الفطر، يُشتبه في استغلالها لتحقيق مكاسب انتخابية لصالح رؤساء جماعات ومنتخبين، في إطار استعدادات مبكرة للاستحقاقات الانتخابية لعام 2026.
وأوضحت التقارير أن هذه الجمعيات، التي تستفيد من شراكات مع مجالس منتخبة، تعمل على استغلال الحافلات الموضوعة في عهدتها لتنظيم رحلات لفائدة نساء وأطفال، بتمويل من منتخبين حاليين ومرشحين مستقبليين، عبر تغطية مصاريف الرحلات، بما في ذلك المحروقات والطعام والمبيت.
وأمام هذه التطورات، وجهت المصالح المركزية بوزارة الداخلية تعليمات صارمة إلى المسؤولين الترابيين ورجال السلطة بضرورة تتبع هذه الأنشطة وضبط أي تجاوزات، خصوصًا في ظل وجود حالات تضارب مصالح بين مسؤولي جمعيات ومستشارين جماعيين، حيث تسهل لهم علاقات القرابة الحصول على عقود الشراكة والاستفادة من دعم الجماعات.
وأكدت التقارير أن بعض المنتخبين السابقين، الذين يشرفون حاليًا على جمعيات أخرى، تحولوا إلى “سماسرة انتخابيين”، مستغلين النفوذ الذي اكتسبوه داخل دوائرهم الانتخابية للتأثير على الناخبين. كما حذرت الداخلية من استغلال تجهيزات وموارد الجمعيات في حملات انتخابية سابقة لأوانها.
وفي هذا الإطار، دخلت وزارة الداخلية بقوة على خط هذه الممارسات، حيث وجه عامل إقليم سيدي إفني مراسلة تحذيرية إلى رؤساء الجماعات الترابية بالإقليم، شدد فيها على منع استغلال وسائل وآليات الجماعة لأغراض سياسية وانتخابية، استنادًا إلى مقتضيات القانون التنظيمي للجماعات، خاصة المادة 94 وما يليها.
كما شملت تحركات الداخلية التوجيهات الصارمة التي أصدرها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى عمال الأقاليم، بهدف التصدي لأي استغلال للمال العام في تحقيق مكاسب انتخابية. وتشمل هذه التوجيهات مراقبة توزيع المساعدات الغذائية، والتأكد من عدم تعطيل المشاريع التنموية، مثل تزويد السكان بالكهرباء والماء الصالح للشرب، وبناء دور الطلبة ومراكز دعم الفئات الهشة، والتي كان من المقرر إنهاؤها منذ مدة.
وتعكس هذه الإجراءات حرص الداخلية على منع أي استغلال انتخابي للمال العام أو خدمات الجمعيات، لضمان نزاهة العملية الانتخابية. ومع اقتراب موعد الانتخابات، من المتوقع أن تكثف الوزارة رقابتها على الأنشطة المرتبطة بالجمعيات، خاصة تلك التي تتلقى دعماً عمومياً، لضمان عدم تحويلها إلى أدوات لخدمة أجندات انتخابية على حساب المصلحة العامة.