يونس مجاهد: “دون صحافة قوية ومقاولات مهيكلة لا يمكن أن يتطور القطاع في بلادنا”

قال يونس مجاهد، رئيس اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر، بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية، إن المغرب حقق عدة إنجازات وأن البلاد تقدمت في العديد من المجالات.

وبخصوص قطاع الصحافة والإعلام، أوضح يونس مجاهد، خلال اشغال ندوة نظمت اليوم الاربعاء 10 يوليوز، تحت شعار” 25 سنة من الإنجازات والتحديات”، من طرف المعهد العالي للإعلام والاتصال، أن هناك خطب ورسائل ملكية، تركز على مبادئ أساسية، من بينها ضرورة تطوير الصناعة الإعلامية، وتشجيع الإستثمار، وخلق صحافة جهوية تلتزم بقواعد الجودة، وتحيين القوانين، بتشاور مع المهنيين في القطاع.

وأكد مجاهد، أن المغرب عرف محطات مهمة، خلال الخمسة وعشرين سنة الأخيرة، منها ملتقى الصخيرات سنة 2005، الذي تم الاتفاق فيه على تعميم الدعم العمومي ليشمل الصحافة الخاصة، وموازاة لهذا الاتفاق، وقعت حينها النقابة الوطنية للصحافة المغربية، على اتفاقية جماعية مع فيدرالية الناشرين، وتم الاتفاق أيضا على إحداث جمعية إجتماعية للصحافيين، وعلى مراجعة مدونة الصحافة والنشر.

وأضاف مجاهد، أنه بالفعل تم الشروع في تنفيذ هذه الإتفاقات، وتواصل الحوار حول قانون الصحافة والقانون الأساسي للصحافيين المهنيين، والمجلس الوطني للصحافة، حيث توافقت النقابة والفيدرالية ووزارة الإتصال على هذه الإصلاحات، حيث اتفق على إحداث مجلس وطني، ينتدب أعضاؤه من قبل الهيئات الاكثر تمثيلية للمهنيين، لكن ظل الخلاف حول أربعة مواد في قانون الصحافة، تتضمن عقوبات سالبة للحرية، لذلك لم يصل هذا الحوار إلى مداه النهائي.

وأوضح يونس مجاهد، في كلمته بالندوة المذكورة أعلاه أنه بعد هذه الخطوة، جاءت محطة جديدة في 2010، من خلال ما سمي آنذاك بالحوار الوطني “الإعلام والمجتمع”، الذي خرج من المؤسسة التشريعية، ودام حوالي سنة بكاملها، تم التشاور فيه مع الهيئات المهنية والمعنيين في القطاع والأحزاب السياسية والخبراء المغاربة والأجانب.

وكان من نتائجه حسب مجاهد، تشخيصا مهما وتوصيات غنية، على رأسها تطوير صناعة إعلامية، واعتماد نظام الحكامة في تدبير المقاولات الصحافية والمؤسسات الإعلامية، وإيلاء اهتمام خاص للموارد البشرية، خاصة على مستوى التكوين والتكوين المستمر.

لكن مجاهد، استرسل في القول، إن “ما حصل هو أن المغرب عرف تغييرات سياسية، باعتماد دستور جديد، وانتخابات مبكرة، سنة 2011، وحكومة ترأسها حزب العدالة والتنمية، وشكل الوزير الأسبق في الإتصال، مصطفى الخلفي، لجنة علمية، لمراجعة القوانين، لكنها كانت بدون علم، لأن الوزير أدار ظهره آنذاك لنتائج الحوار الوطني، بل إن التجاذبات بين الهيئات المهنية المشاركة في هذه اللجنة، طغت في بعض الأحيان على النقاش”.

وأضاف يونس مجاهد، أنه كان حينها ممثلا للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، فشدد على ضرورة إعطاء الأهمية القصوى في الإصلاحات لإشكالية المقاولة الصحافية، غير أن الوزارة لم تتجاوب مع هذا الطرح، مضيفا أن الصحافة الرقمية كان الجميع يعلم أنه سيزداد عددها بفعل الثورة التكنولوجية في التواصل، وينبغي الإستعداد لهذا التطو، لذلك، يضيف مجاهد، فإن ما حصل هو أن الإنتقال من الورقي إلى الرقمي، تم في ظل شروط وظروف عشوائية، غير منظمة وغير مؤطرة.

مؤكدا في الوقت نفسه، أن الآن نحن أمام هشاشة تزداد باستمرار، في الصحافة الورقية والرقمية، فهناك 72 في المائة من الصحف يشتغل فيها من صحافي إلى خمسة صحافيين، بما فيهم مدير النشر، وأغلب الصحف الذي يشتغل فيها شخص واحد، هو المدير ورئيس التحرير، والمحرر والتقني، توجد في الدارالبيضاء والرباط، وأن أغلب هذه الهياكل المجهرية، توجد في المدن الكبرى، وليس الصغرى أو المناطق النائية، مما يعني أن المشكلة بنيوية وليست عارضة.

وشرح مجاهد أنه: “كان لا بد من وضع معايير الجودة، للإستثمار في الصحافة، إذ لا يمكن أن نقدم للمجتمع صحافة لا تتوفر فيها هذه المعايير، ولكي تتوفر هذه الجودة، لابد من وجود مقر، وموارد بشرية ذات كفاءة وتكوين وإمكانات مالية، الصحافة عمل جماعي، هئيات تحرير تجتمع وتقرر، تأطير ورئاسة تحرير، أقسام ومصالح داخل المقاولة، تكوين مستمر، البحث والتقصي، وجود قصاصات لوكالات أنباء، الإعتماد على مراسلين صحافيين ذوو كفاءة عالية، أجور محترمة واتفاقية جماعية، وليست الخصاص و القرصنة التي أصبحت آفة حقيقية في بلادنا”.

وخلص يونس مجاهد، الى أنه “بدون وجود صحافة قوية ومقاولات مهيكلة، لا يمكن أن تتطور صحافتنا، فالمجتمع يحتاج إلى الأخبار الصحيحة والتعاليق الجيدة، حتى يكون وجهة نظره، و يحتاج إلى معرفة من يقف خلف هذه الصحافة وتلك، في إطار الشفافية، ما هو رأسمالها، كيف يتم تمويلها، من هم المسؤولون فيها، ما هو خطها التحري”.

وكشف في الوقت نفسه، أن جزءا كبيرا من المشاكل الحاصلة في بطاقة الصحافة وأخلاقيات المهنة، تنتج عن الخلل البنيوي في مقاولات غير منظمة ومعاهد خاصة تمنح ديبلومات غير واضحة، غير أن أغلبية الصحافيات والصحافيين في المغرب، وضعهم قانوني، ويلتزمون بأخلاقيات الصحافة، لكن هناك أقلية صغيرة هي التي ترفض الانصياع لهذه الشروط والإلتزامات، وتتهم المجلس الوطني للصحافة بالتضييق عليها، بينما لا يسعى المجلس إلا إلى تحصين الصحافة وتنظيم الولوج للمهنة، بما يحافظ على وضعها الإعتباري، والآن يحق لنا أن نتساءل عن المسؤولية في الأزمة التي يعيشها القطاع”.

وأضاف، أن العشوائية التي تسود ناتجة عن غياب سياسة عمومية واستراتيجية لتطوير الصناعة الصحافية والإعلامية في المغرب، طبعا هناك للفاعلين مسؤوليات، لكن كان على الحكومات المتعاقبة، منذ خمسة وعشرين سنة، استحضار ما جاء في الخطب والرسائل الملكية، بدل الاكتفاء بالدعم العمومي، الذي هو حل جزئي، رغم أهميته، فلابد من معالجة إشكالات هيكلية، على رأسها ما يحصل في قطاع الإشهار.

وانتهى يونس مجاهد، الى الاستنتاج التالي: أنه “لا يمكن لأي قطاع أن يتطور فقط بخضوعه لقانون السوق، الذي هو قانون الغاب، خاصة في قطاع لا يبيع سلعة، بل ينتج مضمونا، ويتطلب حمايته، كذلك فإن وضع معايير وشروط للإستثمار في قطاع الصحافة، لا يعني أن نترك المقاولات الصغرى لحالها، بل ينبغي أن تكون هناك سياسة عمومية لدعمها ومرافقتها.  لذلك فإن وضع سياسة عمومية في هذا القطاع هو الحل الأمثل للأزمة غير ذلك، يعني أن ننتظر الأسوأ”..

مقالات ذات الصلة

10 أكتوبر 2024

وزير الشؤون الخارجية البوروندي يشيد بمبادرات جلالة الملك بشأن منطقة الساحل والأطلسي

10 أكتوبر 2024

نيويورك: مخطط الحكم الذاتي الإطار “الوحيد والأوحد” من أجل حل نهائي لقضية الصحراء

10 أكتوبر 2024

مديرية الأمن تقدم حصيلة 3 أشهر من إطلاق منصة “إبلاغ” المخصصة للتبليغ عن المحتويات غير المشروعة على الأنترنيت

10 أكتوبر 2024

إدانة دولية واسعة للتجنيد العسكري للأطفال والإتجار بالفتيات بمخيمات تندوف