دعم فلسطين..المغرب يقدم مساعداته دون ضجيج إعلامي أو حاجة إلى سباق مع أحد

تجنبت المملكة المغربية اللجوء إلى الضجة الإعلامية لكشف حجم المساعدات التي تقدمها إلى الشعب الفلسطيني، وسلكت طريقا يعرف بـ”المسعف الصامت” لتخفيف المعاناة عن سكان قطاع غزة الذين أعيتهم الحرب منذ حوالي تسعة أشهر.

وأعطى جلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، يوم الإثنين تعليماته لإطلاق عملية إنسانية تخصّ توجيه مساعدات عاجلة إلى غزة، وتشمل أربعين طنا من المواد الطبية، من بينها معدات لعلاج الحروق والطوارئ الجراحية وجراحة العظام والكسور، وأدوية أساسية.

وتحمّل المغرب، ولا يزال يتحمل، مسؤولية تاريخية حيال القضية الفلسطينية، وهو يعمل في هدوء وبالطريقة التي تتوافق مع التزاماته العربية والإسلامية، وتحقق فائدة عملية للمواطنين، تتزايد أهميتها مع تصاعد حدة الموقف جراء الحرب العنيفة التي أفضت إلى مشهد إنساني يصعب تحمّله في غزة.

ويلقى الدور المغربي السياسي والإنساني ترحيبا من قوى وفصائل فلسطينية مختلفة؛ إذ يهدف إلى نجدة المواطنين، واختيار الطرق المباشرة التي تخدم قضيتهم، وتخفف المعاناة عن الشعب منذ سنوات طويلة، وتجنب الدخول في مزايدات وتراشق مع جهات حاولت توظيف الحرب لصالحها والقفز على ما خلفته من نتائج مأساوية.

وقال المحلل السياسي المغربي عبدالفتاح الفاتحي إن المملكة تُبدي على الدوام عناية فائقة بقضية القدس والمقدسيين، في إطار من التشاور العربي والإسلامي، وتمتلك ذراعا تعمل من خلالها على تقديم المساعدات بشكل مستدام، وهي وكالة بيت مال القدس التي يساهم فيها المغرب مساهمة مالية مهمة وفعالة.

وأوضح الفاتحي، في تصريح لموقع صحيفة “العرب”، أن هناك اعتبارات حضارية وثقافية وتاريخية في علاقة المغرب بالقضية الفلسطينية، فرضت عليه التحرك في مسارات عديدة لدعم الشعب الفلسطيني، من بينها الجهد الدبلوماسي الذي تضعه المملكة على رأس اهتماماتها.

وألمح الفاتحي إلى أن المغرب تعرض ظلمًا لمحاولات النيل من حقه في تعظيم دوره السياسي والإنساني تجاه الشعب الفلسطيني، في سياق تنافس جيوستراتيجي في المنطقة، لكن استدامة المساعدات والجهود السياسية الساعية للسلام كشفت عن أهمية دوره الحيوي.

وسلك المغرب طريقا مبتكرا لإيصال المساعدات العينية إلى مستحقيها، ولجأ إلى مسار بري لإرسال مواد غذائية في رمضان الماضي، بما يؤكد الالتزام الفعلي والعناية الدائمة التي يوليها الملك محمد السادس للقضية الفلسطينية.

وكان المغرب أول من فتح طريقا غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في غزة، حيث يتم إيصال المساعدات إلى تل أبيب جوا، ومنها ترسل إلى غزة عبر الطريق البري.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب إن الجهود الإغاثية التي تقدمها المملكة المغربية مقدرة من الشعب، وثمة إدراك من جانب المواطنين والسلطة الفلسطينية لطبيعة ما تقدمه المملكة من مساعدات وجهود إنسانية وسياسية، وإن حرب غزة شاهدة على جهود أقدم عليها المغرب من خلال عمليات إنزال جوي وتقديم مساعدات بالطرق البرية، وليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها إصدار توجيهات مباشرة من الملك محمد السادس، بل سبقتها تصرفات متعددة.

وأضاف الرقب، في تصريح لصحيفة العرب، أن المغرب من أوائل الدول العربية التي تقدم مساعدات دون أن تكون له مصلحة في الحصول على مكاسب سياسية من وراء دعم القضية الفلسطينية، مشيرا إلى فداحة الأزمة والحاجة إلى التعامل بآليات عملية مع تضييق إسرائيل منافذ دخول المساعدات، وهو ما دفع نحو التحرك في اتجاهات متباينة من أجل وصولها سريعا إلى مئات الآلاف من المحاصرين داخل قطاع غزة.

وشدد الرقب على أن جميع الدول التي لديها اتفاقيات سلام مع إسرائيل، وفي القلب منها المغرب، يمكنها أن تصل إلى حلول سياسية تسهم في التوصل إلى وقف إطلاق النار، ولا يطالب الفلسطينيون بقطع العلاقات الدبلوماسية وإنما بتوظيفها في السعي لإحلال السلام والالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بتسوية القضية الفلسطينية سياسيا، ويمكن أن يلعب المغرب دورا ضاغطًا على إسرائيل للمساعدة في تقديم رؤية يتمخض عنها مشروع سياسي يفتح آفاقا تفضي إلى وقف القتال في غزة.

وتندرج المساعدات الطبية المغربية في إطار تقليد عريق للتضامن الفعال مع القضية الفلسطينية، واستمرار العناية الملكية تجاه الشعب الفلسطيني، وهو ما يضاف إلى ما تقوم به وكالة بيت مال القدس من مبادرات متواصلة لتقديم مساعدات إلى سكان مدينة القدس.

وعكست المبادرات الملكية الإنسانية رؤية جلالة الملك الحكيمة لتقديم الدعم الفعلي والملموس للشعب الفلسطيني، وأكدت أن لجنة القدس التي يرأسها لها بصمات واضحة.

وأقرّ القيادي في حركة فتح جهاد الحرازين بأن الشعب الفلسطيني يقدر المساعدات التي تصل إليه من الدول العربية عموما، مع الوعي بطبيعة المعوقات التي تضعها إسرائيل، وقال إن “الحضور المغربي على مستوى تقديم عشرات الأطنان من المساعدات الطبية يبرهن على أن المملكة لديها قدرة على إيصالها بالفعل، وتجاوز التضييقات التي فرضتها الحرب، ما يسهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه، مع تكدس الآلاف من الشاحنات على الحدود المصرية مع غزة، وتعنت قوات الاحتلال في توصيلها”.

وأشار في تصريح لـصحيفة “العرب” إلى أن ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس للجنة القدس جعله في وضع يسمح بالضغط من أجل البحث عن مسارات جديدة لتوصيل المساعدات، وهو ما حدث بالفعل على مدار الأشهر الماضية وجعل للمملكة دورا ملموسا في دعم القضية الفلسطينية، والعمل بشكل متكامل مع أدوار عربية أخرى.

وذكّر جهاد الحرازين بأن المغرب يقدم مساعداته دون حاجة إلى سباق مع أحد أو ضجيج سياسي أو “شو إعلامي”، ولا يتوقف عن تقديم المساعدات ولو أراد الحصول على لقطة إعلامية لكان اكتفى بما قدمه من قبل، ما أوجد ترحيبا فلسطينيا واسعا بكل ما تبذله المملكة المغربية من جهود هادئة، لأن الهدف هو الوصول إلى حالة توفير الأمن والاستقرار في المنطقة وتهيئة الأجواء المناسبة لتنميتها اقتصاديا.

عن موقع جريدة “العرب” بتصرف

مقالات ذات الصلة

21 نوفمبر 2024

بعدما خلق جدلا في فترة بنموسى.. برادة يتجه نحو مراجعة سن التوظيف في قطاع التعليم

21 نوفمبر 2024

إعطاء انطلاقة مشاريع مائية بالداخلة وطانطان والسمارة

21 نوفمبر 2024

الحاجيات المائية بالأقاليم الجنوبية تتجاوز 29 مليون متر مكعب في السنة

21 نوفمبر 2024

انبهار السفير الفرنسي بالمغرب بمستوى التنمية بالأقاليم الجنوبية للمملكة